• ٢٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

النسق السياسي والجماعة

د. حسين عبدالحميد رشوان

النسق السياسي والجماعة
◄الجماعات في مجموعها هي جماعات لها نوع من الاهتمام. والجماعات السياسية هي تنظيمات من الرجال والنساء تهدف إلى التأثير في السياسة العامة، وتخدم الأغراض السياسية. ويتمثل ذلك في نقابات العمال وتنظيمات أصحاب الأعمال، والجماعات المهنية كالأطباء والمحامين وغيرهم. وهناك أيضاً الجماعات التي تؤيد النشاط التربوي والثقافي. وقد تنضم جماعة إلى السياسة بشكل مؤقت أو دائم، وقد يكون انضمامها كلياً أو جزئياً، وتتمثل الجماعات التي تنتظم بشكل كلي نادرة نسبياً، ويتمثل ذلك في جمعية الإصلاح الإنتخابي التي تشن حملات مؤيدة التمثيل النسبي من أجل العضوية. وقد أعتبر علماء علم الاجتماع السياسي في القرين الثامن عشر وأوائل التاسع عشر أنّ الجماعات تمثل العصر شبه الإقطاعي، وتحول دون التعبير عن "إرادة الشعب" بوضوح. ولهذا نادوا بأنّه ينبغي على الحكومات الدستورية أن تقلل من نفوذ الجماعات أو تستبعده تماماً. وقد أثرت هذه الآراء في سلوك صانعي الدساتير. وامتدت معارضة وجود الجماعات إلى معارضة وجود الأحزاب التي لم يكن معترفاً بها، أو كان يتم حجب دورها. وقد تغير هذا الفكر، ولفت بعض العلماء النظر إلى أهمية الجماعات في النظام السياسي البورجوازي الحديث وبخاصة الجماعات الاقتصادية. وعليه ظهرت نظرية الجماعة – لا لتشير إلى أنّ الجماعات ضرورية وهامة، ولكن لتؤكد أنّ الجماعات هي محور النشاط الاجتماعي. ولهذا فالجماعات تغرس في الأفراد أنواعاً من السلوك تكون هي جوهر النشاط السياسي. وترى نظرية الجماعة أن طبيعة المؤسسات السياسية الحكومية هي نفس طبيعة الجماعات، رغم أنها من نوع مختلف. ولهذا يمكن وصف النسق السياسي بأنّه مكون من جماعات وجماعات فرعية لها سياسات ووجهات نظر مختلفة، وأنّه شبكة ضخمة من الجماعات المتفاعلة ويمكن بذلك تفسير الحياة السياسية في ضوء الصدمات الناتجة من أفعال الجماعات. وفي علم السياسة تشمل الجماعات المنظمة نقابات العمال وتنظيمات أصحاب الأعمال والجماعات المهنية كالأطباء والمحامين وغيرهم، وجماعات أخرى مثل روابط الشباب أو المسنين والجماعات التي تؤيد النشاط التربوي أو الثقافي، وفي معظم الجامعات تنضم نسبة كبيرة من هذه المجموعات إلى النشاط السياسي. وقد تنضم جماعة إلى السياسة بشكل مؤقت أو دائم. وقد يكون انضمامها كلياً أو جزئياً. ويمكن أن تقسم الجماعات إلى مجموعتين: مجموعة تهتم بمصالحها الذاتية، ومجموعة أخرى تهتم بالآخرين. وتخصيص جماعة معينة أمر يعتمد على درجة الاهتمام، فالثقافة العمالية تحرص على خدمة مصالح أعضائها، ورابطة هاورد لإصلاح قانون العقوبات على النقيض من ذلك ليست مهتمة بالإصلاح من أجل صالح أعضائها إذا ما سجنوا، ولكنها جهة مهتمة برعاية الآخرين. كذلك فإن رابطة السيارات جماعة مهتمة أساساً برعاية أعضائها السائقين. أما جماعة الوقاية من القسوة ضد الأطفال فليس لديها أعضاء صغار يدفعون لها اشتراكات. ويمكن أن نصف التصنيف على أنّه بين جماعات مصلحة تهم مصالح القطاعات المشتركة، وجماعات مواقف وهي التي تخدم قضية ما. ومع أنّ الجماعات تتعاون من حين لآخر، إلا أنّها تتنافس لتجيز القوانين والتنظيمات أو تلغيها وهي بهذا تجد نفسها في تعارض مع المصالح الأخرى. وعادة ما تكون المنافسة غير مباشرة، ولكن المعارضة المباشرة غالباً ما تنبع من قوة تكونت خصيصاً لمعارضة قوة أخرى موجودة بالفعل. وتنشأ السياسة العامة بين هذه المنافسة ومن مشاركة الأحزاب السياسية والحكومات، أما المصلحة القومية أو العامة فقد لا يتم خدمتها نتيجة لهذا التباين. وقد قام علم الاجتماع السياسي بتحليل العمليات السياسية والسلوك السياسي للأفراد والجماعات، فحللوا النظم السياسية من حيث التنمية السياسية وبحثوا علاقات السيطرة والتبعية التي تشكل تاريخ هذه المجتمعات.   المصدر: كتاب السياسية والمجتمع (دراسة في علم الاجتماع السياسي)

ارسال التعليق

Top