• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

سمو المرأة في حقوقها

عبدالمجيد الزّنداني

سمو المرأة في حقوقها

إنّ معيار السمو الذي تصله المرأة يؤسس على مدى منحها الحقوق التي ترعاها وتكرمها وتصونها وتشرفها وقد أعطى الإسلام للمرأة حقوقاً عامة تتمثل في الآتي:

 

أوّلاً: الحقوق الإنسانية:

1-  حق الحياة: قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ) (الأنعام/ 151)، (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير/ 8-9)، فهي في هذا الحقّ كالرجل سواء بسواء، بل الوصية بها أقوى وآكد.

2-  حق الكرامة الآدمية: قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) (الإسراء/ 70)، وقد شمل هذا الزوجين "الجنسين" البشريين (الرجل والمرأة) سواء بسواء، بل إنّ الإسلام جعل حق الأُم مقدماً على حق الأبّ.

3-  المساواة بين الذكر والأنثى في الجزاء الدنيوي والأخروي: كما قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (آل عمران/ 195)، وقال: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (النساء/ 124)، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل/ 97).

4-  حق إبداء الرأي والمشاورة: كما ثبت ذلك في قصة أم سلمة – رضي الله تعالى عنها – ورأيها في يوم الحديبية، حيث روى البخاري أنّ النبيّ (ص) لما فرغ من قضية الكتاب – يعني في صلح الحديبية – قال لأصحابه: "قوموا فانحروا، ثمّ احلقوا" قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاثاً، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا رسول الله! أتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحداً منهم، حتى فعل ذلك: نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك، قاموا فنحروا، فجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً... الحديث، ومجادلة المجادلة لرسول الله (ص)؛ فأنزل الله – تعالى – قوله: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة/ 1).

 

ثانياً: الحقوق الاقتصادية:

خولت الشريعة للمرأة الرشيدة جميع الحقوق المدنية المتصلة بأملاكها، فقد منحتها كامل حريتها في أن تدير شؤونها بنفسها من مال وأملاك وتجارة، ويدخل في ذلك حرية التصرف في مهرها إن كانت متزوجة، ومنه عقود البيع والشراء والإجارة والشركة والرهن.. كما قال الله – تعالى –: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا) (النساء/ 6)، وهذا يشمل الذكور والإناث.

 

ثالثاً: الحقوق الاجتماعية:

أ‌-       الحقوق الاجتماعية المعنوية:

1-   العشرة الحسنة: أختاً أو بنتاً أو أُمّاً أو زوجة أو جدة فقد قال (ص): "ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له ستراً من النار".

وقال – سبحانه – في الأبوين: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (لقمان/ 15)، والأمر أشهر من أن يذكر.

2-   حق التعليم: وقال (ص) للشفاء: "ألا تعلمين هذه – يشير إلى حفصة – رقية النملة كما علمتيها الكتابة".

وقال (ص): "إن خيركن التي تسأل عما يعنيها"، وقد قال (ص): "طلب العلم فريضة على كلِّ مسلم"، ويدخل في ذلك الرجل والمرأة، وكان الصحابة يتعلمون من أزواج النبيّ (ص).

3-   حق اختيار الزوج: فقد روى الجماعة إلا البخاري أنّ النبي (ص) قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها في نفسها وإذنها صماتها" وروى البخاري أنّ خنساء بنت خدام الأنصارية زوّجها أبوها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت رسول الله (ص) فرد نكاحها، وعند أحمد وأبي داود نحو القصة في جارية بكر.

4-   وللزوجة حقّ طلب الفرقة لسبب مشروع.

ب‌-  الحقوق الاجتماعية المادية:

1-   حق النفقة: ما قال تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة/ 233).

وقال (ص) لهند بنت عتبة: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" كما قال (ص): "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإّن أولادكم من كسبكم" وقال (ص): "ألا إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم أحداً ممن تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهم في كسوتهن وطعامهن".

2-   حق الميراث: حيث قال – تعالى –: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) (النساء/ 7)، على تفصيل في ذلك معروف.

3-   حق المهر: كما قال – تعالى –: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) (النساء/ 4)، وكذا قال سبحانه: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (النساء/ 20).

4-   حق الاستمتاع: قال (ص): "إنّ لأهلك عليك حقّاً".

5-   حق الرضاعة والنفقة عليها: كما قال – تعالى –: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) (البقرة/ 233).

6-   حق الحضانة لابنها: كما قال (ص): "أنت أحق به ما لم تنكحي".

7-   حق نفقة المعتدة: على تفصيلات معروفة.

8-   حق المرأة في العمل: والأصل أنّه داخل البيت تجسيداً لقوله (ص): "والمرأة راعية في بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم" فالرعاية حفظ الشيء وحسن التعهد.. والخروج من البيت عند الحاجة أو الضرورة للعمل جائز بضوابطه.

 

رابعاً: الحقوق القانونية:

أن تشترك فيما نشأ في المجتمعات من حق الخصومة والتقاضي فتكون مدعية ومدعى عليها وشاهداً ومشهوداً عليه منفردة ومجتمعة، وأن تكون ناظرة وقف ووكيلة وراهنة ومرتهنة وشريكة ومتصدقة وواهبة ومتصدقاً عليها وموهوباً لها وقيمة ومحجورة... كالرجل إلا فيما استثني. وذلك كالشهادة فيما لا يخص المرأة غالباً، حيث شهادة المرأة نصف شهادة الرجل.

وقد ظهر اليوم السر في ذلك، والحكمة من هذا التشريع، عندما عرف أنّ للرجل مركزاً في مخه للكلام في أحد الفصين، ومركزاً للذاكرة في الفص الآخر.. فإذا اشتغل مركز الكلام عند الإدلاء بالشهادة، فلا يؤثر على المركز المتخصص بالذاكرة، لكن المرأة لها مركزان في فصي المخ مختلطان يعملان لتوجيه الكلام وللذاكرة، فإذا تكلمت المرأة اشتغل المركزان بالكلام، وقد يؤثر ذلك على الجزء من الذاكرة التي فيها المعلومة المطلوبة للشهادة. ونرى الإشارة إلى ذلك في قوله – سبحانه –: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) (البقرة/ 282).

 

المصدر: كتاب المرأة وحقوقها السياسية في الإسلام

ارسال التعليق

Top