• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

«الحمل في الخمسين» حلم يستفز الأمومة

«الحمل في الخمسين» حلم يستفز الأمومة

كثيرات هن النساء العاملات اللواتي أخذتهن الشهرة والرغبة في تحقيق الذات بعيداً عن الوظيفة الأهم للمرأة في الحياة وهي الأمومة، لتستيقظ تلك المشاعر النائمة في سن متأخرة ويبدأ حلم العودة إلى ممارسة دورهن الطبيعي في الحياة من جديد. ولوفي سن الخمسين. طالما أنّ الظروف الصحية والمادية متوفرة. والعلم لم يبخل على مثل هؤلاء النسوة بإمكانية تحقيق حلمهن.
فكرة الحمل في عمر الخمسين في حد ذاتها حلم يراود كل امرأة. ولكن الشيء الذي يختلف. هو مدى إمكانيتها وجرأتها على تحويل ذلك الحلم إلى حقيقة. فمنهن من تجد الأمر مرهقاً صحياً. ومنهن من تراه عيباً بعد أن أصبحت جدة. أما من لم يجربن الأمومة بعد فيعتبرن الحمل أملاً قائماً وحلماً لا يمكن التخلي عنه طالما الأمل قائم. في هذا الموضوع استطلاع آراء بعض النساء وإمكانية حملهن في عمر الخمسين فكانت السطور التالية:
ليلى جليل، في الثلاثينات من العمر عزباء. تقول سن الزواج تأخر في زمننا هذا وبالتالي تأخر معه سن الإنجاب. لكن المرأة في كل الأحوال لا يمكنها التخلي عن حقها في الأمومة مهما بلغ بها الزمن. فأنا مثلاً لم أتزوج حتى الآن ولست مستعدة أبداً للتخلي عن أمومتي مهما تأخر زواجي، خصوصاً وأن الطب قد تطور وتعددت الطرق للإنجاب من أطفال الأنابيب، للتلقيح الصناعي وأيضاً تنشيط الهرمونات.كلها طرق تجعلني لا أفقد الأمل في الإنجاب رغم كبر السن ولكن يبقى هاجس الهوة الكبيرة في فرق العمر بيني وبين أطفالي هو العائق الوحيد. لذا سأضطر ساعتها ربما لاستشارات نفسية. للتعرف على الطريقة الأنجع للتعامل مع الأولاد. وغير ذلك. فأنا مستعدة للحمل في الخمسين وبعدها إن كنت قادرة.

المرأة تحن
مي حمزة أم لطفلة واحدة. تعتقد أنّ المرأة خُلقت لتكون أُماً. تقول: الأمومة هي الوظيفة الأساسية للمرأة في المجتمع وغالبية النساء فيما سبق كن ينجبن حتى سن متأخرة رغم أنهن كن يتزوجن في سن مبكرة وعلى الرغم من ذلك لم يتوقفن عن الإنجاب. وكثيرات هن اللواتي أنجبن في الوقت نفسه مع بناتهن. لكن الأمر يختلف بالنسبة للنساء في زمننا، فالمرأة أصبحت عاملة وتُستنزف طاقاتها كلها في سن مبكرة، فتجد فكرة الحمل المتأخر عندها صعبة إلا في حالة عدم الإنجاب أو الزواج في سن متأخرة، وأحياناً أخرى تجد المرأة تنجب أطفالها في سن صغيرة وتحن للأمومة بعد فترة. خصوصاً في الفترة التي تسبق سن اليأس التي تكون غالباً في بداية الخمسينات، تجدها تحاول أن تثبت لنفسها أنها مازالت قادرة على الإنجاب، فالمرأة بطبيعتها تكره هذه المرحلة، وقد تكون غير متصالحة مع نفسها فيها.
 كوكب عبد العزيز في الخمسينات من عمرها تقول: تراود كل امرأة فكرة الإنجاب في أي عمر، لكن المشكلة عندنا نحن العرب، أننا نخجل من حملنا في سن متأخرة، وخصوصاً إذا كان لدينا أولاد كبار، فتجد أصحاب الألسن الطويلة يقارنون بين عمر أكبر الأولاد وأصغرهم، وكأنه من العيب أن ننجب إذا كان لدينا أولاد كبار، لكن المرأة بداخلها دائماً عاطفة أمومة تُخلق معها ولا تختفي إلا بموتها، إلا أنّ الظروف الصحية والمادية والاجتماعية تحكم كل حالة.

الوضع تغير
رغد عبد الرازق التي وصلت سن الأربعين من عمرها أم لولدين ترى أنّ الدنيا تغيرت كثيراً، وأنّ تربية الأولاد أصبحت صعبة جداً، ويجب ألا تكون الهوة في السن بين الآباء والأولاد كبيرة، فعندها يصعب التعامل معهم، لكن الوضع يختلف تماماً عند المرأة التي لم تنجب، فهي تعيش بهاجس الإنجاب مدى حياتها، وإذا كنتُ أنا في الموقف نفسه كنتُ سأظل أفكر في الموضوع مدى حياتي لأنّ التخلي عن فكرة الأمومة عند المرأة أمر غير وارد.

عدد الأولاد
تعتبر فاطمة السويدي أنّ الإنجاب عند المرأة في وقتنا هذا أصبح يرتبط بعدد الأولاد لا بعمرها، فمن تتزوج في سن متأخرة قد تنجب ولو في الخمسينات طالما هي قادرة على ذلك، لكن من تتزوج في سن صغيرة وتنجب وتربي أولادها في عمر مبكر لا تفكر في الإنجاب عندما يكبر الأولاد فلا تفكر الأم في العودة مجدداً إلى مشقة التربية وعنائها، والنساء أصبحن أكثر إهتماماً بصحتهن ولياقتهن والمظهر الخارجي الذي قد يجعل الحمل غير لائق أو ليس كما يردنه، وبذلك تصرف المرأة نظرها عن فكرة الحمل بعد إشباع غريزة أمومتها.

ونيس آخر العمر
ترى سمية العثمان أنّ المرأة كلما تقدمت في السن إحتاجت إلى سند في حياتها، فهي تحتاج إلى مؤنس وخصوصاً بعدما يكبر الأولاد ويصبح إهتمام كل واحد منهم بنفسه وحياته ساعتها يمكن أن تفكر في أنه لو كان معها طفل صغير كان سيؤنس وحدتها، لكن في حالتي أفضل أن أعيش ما تبقى من عمري لنفسي، فجزء كبير من عمري قضيته لتربية أولادي، والآن أميل للسفر والاهتمام بنفسي، فمن غير المعقول أن أقضي ما تبقى من عمري في الحمل  والإنجاب والتربية، كما أنني أعوض ذلك بأحفادي في هذه الفترة فهم دائماً معي وأنا دائمة الاهتمام بهم.
يرى وليد آل منصور أنّ الأمر غير مقبول تماماً، فهو تزوج في سنٍ صغيرة، وأنجبت له زوجته ما كان يريد من الأولاد، والآن يهتمان بهم وهو غير مستعد لأن يجعل من حياته كلها تربية و"حفاضات". يقول وليد: اتفقت أنا وزوجتي على إنجاب عدد معين من الأطفال، ووفقنا الله إلى ذلك، ونحن الآن نكمل مشوارنا في تربيتهم إلى أن يستقروا كلهم، ثم من جهةٍ أخرى الحمل في سن متأخرة سيكون حملاً شاقاً على زوجتي، وقد يتسبب لها في مشكلات صحية نحنُ في غنىً عنها.

الإنجاب نعمة
فرح باشا، أم لطفلين، لا تجد مانعاً في أن تنجب أطفالاً ولو في سن الخمسين طالما لديها القدرة على ذلك، وتقول فرح: إنجاب الأطفال نعمة من الله تحبّ كل امرأة أن تتمتع بها، وما دام الطب يوفر حلولاً شرعية فبإمكان كل امرأة أن تستغلها وأن تستفيد منها، وخصوصاً بالنسبة للنساء اللواتي يتزوجن في سن متأخرة أكيد أنّ حملهن قد يكون في سن متأخرة، ثم إنها موضة عند أشهر نجمات السينما والفن اللواتي أنجبن أطفالهن في سن الخمسينات، وقررن بعد أن وصلن إلى سن معينة ألا يبقين فرادى في هذه الدنيا.

عجوز حامل
تعتقد زينب محمد أنّ المجتمعات العربية معقدة وتعتبر الحمل في سن متأخرة عيباً، عكس الغرب الذي يعتبر الإنجاب في أي سن مهمة مقدسة، لكن المرأة العربية تخشى كلام الناس وردة فعلهم، إذا ما أعلنت حملها، وخصوصاً إذا كان لديها أطفال كبار في السن، فأوّل ما تسمعه منهم هو "عجوز حامل" وتلك العبارات تجعل الكثير من النساء يترددن ويفكرن ألف مرة في الحمل حتى ولو كن يرغبن فيه، لكن إن كانت المرأة تأخرت في الزواج فإنّ لها عذرها سواءً كان في الخمسين أو بعدها. فهي لا يمكنها التخلي عن حقها في الأمومة مهما بلغت من العمر وستظل تحاول مادامت لديها فرصة.

لم تعد تستهويني
الرأي نفسه تبنته أم فاطمة التي تعتقد أنه مرفوض فهي في الخمسين من عمرها وأوّل ما طرحنا عليها السؤال ردت قائلة: رزقني الله بثلاث بنات وولد وكلهم كبار فكيف أفكر في الحمل بعد أن صار ابني رجلاً وصرت جدة، لو كنت امرأة عاملة أو تأخرت في الزواج ربما ساعتها كنت سأفكر في الحمل ولو في الخمسين. لكن الآن صعب جداً بالنظر إلى سن أولادي وحالتي الصحية، فأنا في هذا العمر أحس بإرهاقٍ وتعبٍ ولا طاقة لي على الحمل. أصغر بناتي كثيراً ما تأتيني بصور لأطفال صغار رغبةً منها في إثارة غريزة الأمومة لدي، لكن الفكرة لم تعد تستهويني، فأنا تعبت كثيراً في تربية أولادي، خصوصاً أنه لم يكن لدي خادمة، فربيت أولادي تربية صالحة وفق تعاليم ديننا وبلغتنا العربية.

يستهلك طاقتي
رغم سنها الصغيرة نسبياً، إلا أنّ حملها متعب جداً مما يجعلها غير قادرة على التفكير فيه لمرة ثالثة، مي القزيز أم لطفل وحامل في الثاني تقول: قررت أنا وزوجي أن يكون هذا الطفل آخر ولد ننجبه فالتربية أصبحت صعبة جداً والحمل يهلكني ويستهلك الكثير من طاقتي، لذا لا أفكر فيه ولا في السنوات المقبلة ولا في عمر الخمسين، فالفكرة بحد ذاتها مخيفة بالنسبة إليّ فهي مرحلة من المشكلات الصحية.
وتشاركها صديقتها منار سمير الرأي، حيث تقول منار: لم تعد فكرة الحمل لمرة ثالثة تستهويني، فأنا رغم أنني تزوجت في عمر 22 إلا أنني أعتقد أنه من المفروض أن تتزوج الفتاة في سن صغيرة لتنجب أولادها وهي في كامل قوتها الجسدية وقدرتها على الإنجاب، فالتعب والإرهاق يزداد كلما تقدم العمر، ويمكن أن أفكر في إنجاب آخر أطفالي في سن الثلاثين من عمري كآخر حد.

د. رحاب طه الصياد:
طالما لم ينقطع الطمث فاحتمال الحمل موجود
من الناحية الطبية العلمية تقول د.رحاب طه الصياد طبيبة نساء وتوليد، إنّ أكبر حالة حمل مرت عليها خلال مشوارها المهني كانت لإمرأة في الثامنة والأربعين من عمرها، تقول د.رحاب: طالما لم ينقطع الطمث عند المرأة فهي قادرة على الإنجاب، وعادة وبصفة طبيعية يبدأ الاختلال في العادة الشهرية والهرمونات قبل انقطاعها نهائياً بفترة تتراوح بين سنتين إلى أربع سنوات، وعادةً ما يكون الانقطاع النهائي في عمر 52، لكن يمكن التمديد  في هذه الفترة من خلال هرمونات ومكملات طبية. وكثيرات هن النساء اللواتي يحاولن الإنجاب عن طريق الإخصاب الصناعي أو طرق أخرى، فالحمل بصفة طبيعية وارد لكنه نادر في هذه السن فالمرأة تحتاج إلى مساعدة طبية، خصوصاً بالنسبة للنساء اللواتي يتزوجن في الأربعينات من عمرهن فهن يسعين إلى الحمل بسرعة، خصوصاً إذا كان الهدف من الزواج هو الإنجاب، فأقصى حد يجب أن تنتظره المرأة هو 3 أشهر لتلجأ بعدها إلى الطبيب، للتعجيل بالحمل، أما بالنسبة لمخاطر الحمل المتأخر على المرأة أو الجنين فتقول د.رحاب: لا شيء مثبت بدقة، فالحالات المسجلة نفسها عند النساء اللواتي يتأخرن في سن الإنجاب قد تسجل لدى النساء في العشرينات من عمرهن.

ارسال التعليق

Top