• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الأُمومة المتأخرة والحياة المهنية

الأُمومة المتأخرة والحياة المهنية

◄جملة من الأسئلة تطرح نفسها عند الحديث عن هذا الموضوع، وعلى رأسها هل صحيح بأنّه من الصعب على المرأة الاختيار بين أن تصبح أُمّاً أو أن تنجح في مهنتها؟ وهل تؤثر الأمومة المتأخرة للمرأة على ذلك؟ وهل تفضل المرأة إحداهما على الآخر وما الأسباب التي تقف وراء ذلك؟ في الغرب هناك ما يطلقون عليه ظاهرة "الأُمّومة المتأخرة" أي إنجاب المرأة لأطفال في سن متأخرة، وبالتحديد بعد الثلاثين من العمر. السبب الرئيسي هو الحياة المهنية للمرأة بحيث أنّ هناك نساء يتأخرن في الحمل من أجل إنجاز النجاح الذي يرغبن به في الحياة المهنية.

عمر المرأة عامل حاسم في الحمل

دراسة برازيلية صادرة عن "نقابة المرأة العاملة" في مدينة ساو باولو البرازيلية قالت إنّ العمر عامل حاسم عندما يتعلق الأمر بحمل المرأة. ولكن كثيرات هن اللواتي يتجاهلن هذه الحقيقة بسبب تركيزهن على نجاحهن المهني ويجدن صعوبة في الاختيار بين أن يصبحن أُمّهات أو مهنيات ناجحات.

وأضافت الدراسة بأنّ ظاهرة الأُمّومة المتأخرة تتنامى في الغرب وفي البرازيل أيضاً. وأوردت إحصائية تقول بأنّ 38% من نساء البرازيل يحملن بعد تجاوزهن سن الثلاثين ويأتي قرارهن بالحمل عندما يتأكدن بأنّهن قد حققن ماكن يرغبن به من نجاح في الحياة المهنية. ومن هذه الحقيقة تأتي صعوبة اتخاذ قرار الحمل. هناك نساء تتخلين عن فكرة الحمل بعد الثلاثين لاعتقادهن بأنّ مهمتهن بتحقيق النجاح المهني لم تصل إلى الحدّ المرغوب وبعضهن لا يردن الندم بقية العمر لعدم تمتعهن بعاطفة الأُمّومة فيقررن الحمل وينجبن ويواصلن الكفاح من أجل تحقيق النجاح المنشود في حياتهن المهنية.

المرأة تدفع الثمن غالياً أحياناً

قالت الدراسة إنّ لتحقيق أي نجاح من النجاحات في الحياة ثمن ندفعه، والمرأة تدفع أحياناً ثمناً غالياً عندما تقف أمام صعوبة الاختيار بين أن تصبح أُمّاً أو مهنية ناجحة. ولكن إذا تطلّب شيء ما ثمناً ندفعه فيجب أن ندفعه بذكاء. يجب أن تفكر المرأة وتعي حقيقة أنّها إن اختارت أن تسلك طريق النجاح المهني من دون أطفال فإنّها ستُحرم من عاطفة الأُمّومة المتجذرة في الأنثى وإن اختارت الحمل فقد تؤدي المسؤوليات المترتبة على ذلك إلى فقدان النجاح المرغوب في الحياة المهنية. الكلّ يدفع ثمن أفعاله ولكن من الضروري أن لا يكون هناك تطرّف في تصرّف ما ينجم عنه دفع ثمن باهظ تهتز معه أعمدة الحياة.

المنافسة الشديدة في سوق عمل المرأة عامل آخر هام

أوضحت الدراسة بأنّ المنافسة في سوق عمل المرأة الذي يتنامى بشكل مضطرد في العالم يؤدي إلى التأخر في اتخاذ قرار الحمل فيفوت القطار المرأة أو إن لم يفت فإنّ المرأة قد تتمكن من اللحاق به في آخر لحظة. ولكن لهذا التأخر، بحسب الدراسة، نتائج ربما تكون على جانب كبير من السلبية. ومن أهم هذه السلبيات النظرة الاجتماعية للمرأة المتقدمة في السن دون إنجاب أولاد، وهناك أيضاً احتمال فشل المرأة في الحالتين، أي الفشل في اتخاذ قرار الحمل والفشل في الحياة المهنية أيضاً. وهذا يمكن أن يكون من أسوأ الظروف التي تتعرّض لها المرأة.

وقالت الدراسة إنّه بسبب المنافسة الشديدة في سوق عمل المرأة فإنّ سن حملها يتأخر على وجه الخصوص في المجتمعات الغربية بسبب طموحات تحقيق نجاح مهني لا يقل عن نجاح الرجل. وفي هذا المجال أوردت الدراسة إحصائية جاء فيها أنّه ما بين عامي 1991م و 2000م ازدادت نسبة النساء اللواتي تحملن ما بين سن الخامسة والثلاثين والأربعين بنسبة 27% في أوروبا والبرازيل. ومن العوامل الأخرى لتأخر المرأة في اتخاذ قرار الحمل ارتفاع متوسط أعمار المرأة في الغرب، بما فيها البرازيل. وأضافت الدراسة بأنّ هذا العامل يشجّع المرأة على التأخر أحياناً في الإنجاب لتحقيق حلم النجاح المهني.

الحمل والعمل معاً عبء ثقيل على المرأة

قالت الدراسة إنّه على الرغم من الادعاء بأنّ الحمل لا يتعارض مع العمل فإنّ العبء ثقيل على المرأة التي تنجب وتعمل. كما أنّ القوانين الداخلية للشركات الخاصّة تعقد أكثر فأكثر قبول المرأة الحامل أو المرأة التي لديها أطفال صغار في العمر للعمل. وأكدت الدراسة بأنّ هذا يُعتبر تمييزاً غير مقبول ضد المرأة الحامل والأُم. لكن الشركات التي تلهث وراء الربح الكثير تعتقد بأنّ إنتاج المرأة الحامل يقل عن إنتاج المرأة التي ليس عندها أولاد. هذا ينطبق على شركات القطاع الخاص التي لها قوانين داخلية لا تتدخل فيها الحكومات.

الساعة البيولوجية للمرأة

قالت الدراسة إنّ عقارب الساعة البيولوجية للمرأة تتسارع بعد سن الثلاثين وتبرز العجلة في اتخاذها لقرار الاختيار بين أن تصبح أُمّاً أو أن تواصل ركضها وراء النجاح المهني. هنا يجب أن تعي المرأة وبدقة هذه الحقيقة لكي لا تشعر بالندم إذا فاتها قطار الحمل، وإن فاتها فإنّ ذلك يجب أن يكون بإرادتها هي بالذات وليس تأثُّراً بنصائح أو مواقف الآخرين.

ومن الأمور الهامة جداً هو أن تعي المرأة أيضاً بأنّ الحمل في سن متأخرة يمكن أن يكون خطراً عليها وعلى الحمل والجنين. فالمرأة التي تحمل بعد سن الخامسة والثلاثين يمكن أن تنجنب طفلاً معاقاً يمكن أن يعقّد حياتها أكثر فتضيع فرصة النجاح الذي تسعى إليه مهنياً وتتحول الأُمّومة إلى عذاب وألم دائمين. وأضافت الدراسة بأنّ الساعة البيولوجية للمرأة تُعتبر أيضاً عاملاً حاسماً في اتخاذ قرار الحمل أو مواصلة اتباع الطريق المهني سعياً وراء نجاح باهر.

رأي خبيرة اجتماعية

الخبيرة بالشؤون الاجتماعية تانيا توريز التي تشغل منصب أمينة سرّ نقابة المرأة العاملة في ساو باولو أبدت رأيها في الدراسة بالقول إنّ المرأة يجب أن تعي موضوع الاختيار بين أن تصبح أُمّاً أو مهنية ناجحة بحزم في سن صغيرة وأن لا تتردد في ذلك. وأضافت أنّه ينبغي عليها أن تملك القدرة على معرفة ما إذا كانت ستنجح بالفعل في الوصول إلى النجاح الذي يرضيها ويعوّضها عن فقدان عاطفة الأُمّومة مع أنّه من الصعب جداً على المرأة التخلي عن هذه العاطفة.

وقالت تانيا بأنّ القرار الحاسم يقلل من الشعور بالذنب في المستقبل. وتابعت القول أيضاً بأنّ على المرأة أن تقارن بين الرغبة في أن تصبح أُمّاً أو أن تصبح مهنية ناجحة وتختار ما يناسب شخصيتها ورغبتها. وأوضحت بأنّ الساعة البيولوجية للمرأة تُعتبر خطيرة وأحياناً كقنبلة تفجر وتدمر كلّ ما أرادت المرأة بناءه في الحياة. أما عن موقفها الشخصي من هذا الموضوع فقالت تانيا إنّها شخصياً تحب نجاحاً معقولاً في الحياة المهنية وكذلك الإنجاب في وقت ليس متأخراً للتمتع بالحالتين معاً، فالأولاد متعة والنجاح متعة ولكلّ منهما طعم لذيذ وإن اختلفا.►

ارسال التعليق

Top