• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

لمكوث الأبناء وحدهم في المنزل إيجابيات... ولكن

لمكوث الأبناء وحدهم في المنزل إيجابيات... ولكن
   "أطفالي وحدهم في المنزل"

"هيا يا أولاد أسرعوا لقد تأخرت عن العمل. أحمد تناول فطورك، جيهان ارتدي ملابسك بسرعة"... هذه هي الصور اليومية للعائلة في عصرنا الحاضر. يخرج الوالدان إلى العمل والأبناء إلى المدرسة. وغالباً ما يعود الأبناء من المدرسة ولا يجدون أبويهما في البيت بسبب دوام عملهما الطويل. فيبقون وحدهم في المنزل لفترة طويلة وخصوصاً خلال العطل المدرسية. فماذا يحدث في فترة غياب الوالدين عن المنزل؟

 

رأي علم النفس:

يرى اختصاصيو علم نفس الطفل أنّه ليس من الخطأ ترك الأبناء وحدهم في المنزل شرط أن لا يكونوا صغاراً جدّاً. فالمبدأ الأساسي في التربية هو تعويد الأبناء على الاستقلالية المسؤولة. ويعني هذا أنّ السلطة في المنزل ينبغي أن تتركز على قواعد عامة وقوانين منصوصة تطبّق في وجود الأهل وفي غيابهم، وأن يفهم الأبناء ما هو مسموح وما هو ممنوع شرط تقديم تفسيرات وشروحات واضحة لكلِّ ما يدور حولهم من أمور. فالطفل الذي يتقيد بالقواعد عن اقتناع لا يحتاج إلى رقابة صارمة من الأبوين تحولهما إلى "شرطيين" يخاف الطفل عقابهما.

وفي المقابل، من الطبيعي أن يتشاجر الأبناء، إلا أنّ طريقة فضّ الشجار بينهم تعود إلى أسلوب الأهل في التربية. فمن السهل جدّاً حل النزاعات عن طريق العقاب ولكن هذا خطأ، بل إنّ دور الأهل إرشاد أبنائهم إلى طرق حل نزاعاتهم وسبل التفاهم عوضاً عن المشاجرة، والاحترام المتبادل بدلاً من الشتم والضرب. وعندما يعود الوالدان إلى المنزل عليهما مناقشة أولادهما في الأمور التي حدثت في غيابهم، فإذا نشب شجار يجب مناقشة أسبابه، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة التي ترضي الجميع. كأن يُظهر الوالدان لأبنائهما سلبية الشجار وكيف أنّ يومهم كان سيئاً بسببه.

 

رعاية الأخوة الأكبر سناً تطلب توزيع مسؤوليات محدّدة:

يجد الأهل أنفسهم أحياناً أمام خيار إلقاء مسؤولية رعاية الإخوة الصغار على عاتق الابن أو الابنة الأكبر سناً أثناء غيابهم عن المنزل. غير أنّ ذلك يتطلب منهم أن يشركوا أبناءهم الكبار همومهم بصراحة، وأن يشعروهم بأنّهم معاونون لهم كي لا يحسّوا بالظلم. كما ينبغي توزيع المسؤوليات بين البنت الكبرى وشقيقها، إذ لا يجوز أن تتحمل البنت معظم المسؤوليات بينما يعفى شقيقها منها، وتكون مسؤوليته إعطاء الأوامر فقط، كأن يمنع أخته من التحدث على الهاتف مثلاً أو عدم مشاهدة البرنامج التلفزيوني المفضل لديها. فهذا سيشعرها بالغبن والحقد على أخيها، ما يؤدي إلى نشوب شجار حاد بينهما. لذا على الأهل توزيع المهمات والمسؤوليات بالتساوي بين الأبناء كلّ حسب قدراته، ما يعزّز روح التعاون بينهم. ومع التطور الحاصل اليوم في وسائل الاتصال، صار في إمكان الأولاد الاتصال بذويهم أينما كانوا في حال حدوث شجار عنيف أو حادث خطير.

 

فترة العطلات المدرسية:

إنّ ترك الأبناء وحدهم في المنزل لفترة طويلة خلال العطلات المدرسية أمر لا يخلو من المجازفة. فشعور الأبناء بالفراغ نظراً إلى جلوسهم الطويل في المنزل، سواء كان الأهل موجودين أو لا، ينجم عنه ملل وتذمر يؤديان إلى مشاكسات بين الأخوة قد تتحول إلى مشاجرات عنيفة. لذا يُنصح الأهل بأن يسمحوا لأبنائهم المشاركة في نشاطات خارج المنزل كالإنضمام إلى فريق رياضي أو تشجيع مواهبهم في الرسم أو المطالعة كلّ حسب هوايته ورغبته. فهذا يساعد الأبناء على تنمية شخصيتهم المستقلة. ويعزّز لديهم روح المسؤولية ويطوّر لديهم القدرة على بناء علاقات اجتماعية، ويغنيهم معنوياً ومعرفياً.

 

رعاية الخادمة الغريبة:

وجدت بعض العائلات الحل في تسليم الخادمة ذات الجنسية الغريبة عن عاداتنا وتقاليدنا زمام مسؤولية رعاية الأبناء، وهذا خطأ يرتكبه معظم الأهالي خصوصاً الذين تسمح لهم قدراتهم المادية بالاستعانة بخادمة. فقد لوحظ أنّ معظم الأطفال الذين يعانون مشكلة تأخر النطق، سبب ذلك ترك الطفل في عمر صغير جدّاً لساعات طويلة مع الخادمة. وهذا يؤدي إلى تشتت الطفل بين لغة الخادمة التي يسمعها لفترات طويلة في النهار ولغة الأهل. وإذا كان لابدّ من إحضار شخص يهتم بالأبناء فمن الأفضل أن تكون مربية عربية تتكلّم لغة الأهل نفسها. أما إذا كانت ظروفهم المادية لا تسمح بذلك، فيمكن للجدة أو العمة أو الخالة الإهتمام بالطفل أثناء غياب الوالدين. وقد تختلف الجدة في أسلوب التربية، إلا أنّ هناك رابطاً أساسياً وهو اللغة والعادات بينها وبين الأحفاد. كما هو حل آخر هو وضع الطفل في الحضانة حيث توجد حادقات يهتممن بالأطفال بأسلوب تربوي وعلمي صحيح.

وأخيراً يؤكد التربويون أنّ ترك الأبناء وحدهم في المنزل له إيجابيات كثيرة، أهمها تعلمهم المسؤولية، وتنمية روح التعاون بينهم، مثل قيام الأخر الأكبر بتعليم شقيقه الصغير استخدام الكمبيوتر، أو اللعب ضمن مجموعة وغيرها من الأمور التي يقوم بها الأولاد معاً. ولكن تحقق هذه الإيجابيات يتطلب من الوالدين وضع تعليمات مسبقة واضحة وموحّدة ومتفق عليها في ما بينهما، إذ لا يجوز أن يكون هناك اختلاف في الرأي بين الوالدين، لأنّ ذلك يشعر الأبناء بعدم جديتهما، وبالتالي لا يعودوا يكترثون لما يمليه عليهم الوالدان فتتحول الحياة في المنزل إلى فوضى عارمة بوجود الأهل أو عدم وجودهم.

ارسال التعليق

Top