تهتم الأسرة العربية والمجتمع عموماً بالأطفال لما يُمثِّلونه من امتداد لآبائهم، ما يعني تحقيقاً لفكرة الخلود التي يتمناها كل إنسان.
وإذا كان للطفل كل هذا القدر من الأهمية، فمن الطبيعي أن ينعكس هذا على اهتمامنا بمكانه الخاص في البيت، غرفته بكل ما تحتوي من أغراض أساسية لحياته ومعيشته، ولداً أو بنتاً. والوعي التام بتأثير كل ما في هذه الغرفة على النمو النفسي والعقلي للطفل يجعل أولادنا في حالة نفسية ومزاجية أفضل، في هذا التقرير تتحدث المهندسة ياسمين الورداني عن تصميم غرف الأطفال في مختلف المساحات للأولاد والبنات.
تبدأ المهندسة ياسمين الورداني حديثها قائلة: هناك أشياء أساسية يجب توافرها في غرفة المولود الجديد، أوّلها وأهمها قربها من حجرة الوالدين لما لذلك من تأثير مهم في إحساس الوليد بالأمان، فإذا لم تتوافر للمولود غرفة مستقلة ملحقة بغرفة الوالدين لضيق المساحة، فلا أقل من فصل الجزء الخاص بالمولود عن سرير الوالدين بأي فاصل يحجب رؤية المولود لأمه النائمة بجوار أبيه، لأنّ المولود في هذه المرحلة يكون شديد الارتباط بالأُم ورؤيته لها على هذا النحو قد تجعله مع الوقت يرفض النوم في سريره، حيث يرى أنّه من الممكن أن ينام ملاصقاً لأمه كما يحلو له وكما ينام أبوه.
ويراعى في تصميم الغرفة أنها ستتغير سريعاً لتناسب هذا الطفل (ولداً كان أم بنتاً).
- سرير آمن:
هناك بعض التجهيزات الضرورية في الجزء المخصص للمولود، مثل سريره الآمن الذي يجب أن يكون ارتفاعه مناسباً لا يسمح بوقوع الطفل عنه، وفي الوقت نفسه يستطيع الصعود والنزول منه عندما يتمكن من الحركة، لما لذلك من أثر كبير في نموه العقلي عندما يصل إلى مرحلة استكشاف ما حوله، وهي أهم مراحل نموه. كما يجب أن تكون هناك مساحة فارغة يتحرك فيها الطفل وتحتوي على أماكن تخزين الألعاب الخاصة به، وكلما كانت ألوانها جاذبة للطفل نما بداخله حب النظام.
كذلك يجب العناية بالخامات المستخدمة في مفارش هذا النوع من الأَسِرَّة، بحيث تكون شديدة النعومة. وأنسب هذه الخامات هي القطيفة، لأن ملمسها المخملي الحنون يُشعر الطفل بالأمان الذي كان يلفه في رحم أمه، ويجب أن تكون أيضاً خالية من أي أجزاء بارزة، لأنّ هذا البروز يسبب إزعاجاً للطفل إذا ما فوجئ به في أثناء تقلبه في السرير.
وعلينا أن نستخدم للسرير أو مفارشه ألواناً تتسم بالهدوء، ليست صارخة أو زاعقة، وفي هذا تصلح الألوان ذات الذبذبات القصيرة التي لا تحتاج من العين إلى مجهود كبير لرؤيتها مثل الدرجات الخافتة من الأزرق والأخضر مع تطعيمها بالألوان المضيئة كالأصفر والبرتقالي.
- الإضاءة:
إضاءة هذا الجزء من البيت مسألة مهمة للغاية، لأنّها توفر أمرين لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر؛ أوّلهما عدم الإزعاج، فالأطفال في هذه المرحلة ليست عندهم الفروق الواضحة بين الليل والنهار، فربّما ينام طول الليل ويصحو النهار بأكمله.
وعند تصميم إضاءة هذا الجزء علينا أن نكون قادرين على التحكم التام في ذلك، فإذا استيقظ الطفل نجعل هذه الإضاءة واضحة تمام الوضوح، لأن رؤيته لما حوله بشكل واضح تُشعره بالاطمئنان، والعكس إذا كانت الإضاءة غير واضحة ولا يستطيع معها الطفل تمييز ما حوله فهذا يشعره بالقلق والخوف.
الأمر الثاني متعلق بالنوم الخفيف للطفل، لذا يجب تصميم الإضاءة بطريقة تجعلنا نستطيع التحكم تماماً فيها، عندما ينام الطفل يجب أن تكون هناك أي إضاءة، فالظلام الدامس ليس محبباً لما يسببه للطفل من خوف.
والحل الأمثل لكل هذه المشكلات هو الإضاءة غير المباشرة المستترة وراء كورنيش السقف، وإذا لم يكن هذا ممكناً فمن خلال أباجورة، ولكسر حدة الإضاءة يُوضع أي غطاء شفاف فوقها.
- الألوان:
الألوان من أهم عناصر الديكور ذات التأثير المباشر في الإنسان، وإذا كان هذا هو الحال مع الكبار، فإن تأثيرها أكبر وأكثر عمقاً في الأطفال، لذا هناك مجموعة من الألوان المحببة لهذا الجزء من البيت، كما أن هناك ألواناً يجب الابتعاد عنها عند تصميم الديكور لركن الطفل.
ولأنّ اللون البيج محايد نفسياً، يجب إبعاده عن المشهد، واختيار الألوان التي تُكسب الطفل نشاطاً إضافياً يساعده على استكمال فترة نموه مثل اللون الأصفر أو الألوان التي تخفف من إحساسه بالتوتر والقلق كالأخضر، أو الألوان التي تُحفز ملكاته العقلية وتجعله أكثر ذكاء وفطنة كاللون الأزرق. إننا حينما نجهز غرفة لطفلنا، فإنما نجهز له العالم الذي سيكون له أعظم الأثر في تكوين شخصيته. وبقدر حبه لهذا "العالم" الصغير الذي صنعناه له سيظهر حبه وعطاؤه للعالم الكبير. فإذا كان ولداً يجب أن تمتلئ غرفته بالأغراض الخاصة بتصورات الأولاد مثل كرة القدم وصور المشاهير في المجلات التي يحبها.
أمّا إذا كانت بنتاً فيجب التركيز على الرقة، ولهذا فاللون الوردي هو الأكثر استخداماً في غرف البنات، كما يجب أن نفهم أنها "أم صغيرة"، لذا من الطبيعي أن تمتلئ غرفتها بالعرائس التي تمارس عليها دور الأُم منذ نعومة أظفارها، ذلك أن نجاحها في رعاية دميتها في صغرها يسهم في تكوينها كأم حانية محبة لأطفالها وزوجة يتمناها كل رجل.
ارسال التعليق