• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كوابيس ليلية وفزع طفولي

كوابيس ليلية وفزع طفولي
    الطنطل.. السعلوة.. الساحرة

يفزع من نومه كالمجنون ويصرخ بشدة ويتمتم بكلمات غير مفهومة يلي ذلك موجة عنيفة من البكاء المصاحب لارتجاف وارتعاش كلّ جزء من جسده الصغير مع دقات قلب عنيفة وكأنّه كان مسجوناً داخل مكان مظلم وكلما حاولت أن أهدئه وأضمه إلى صدري بقوة في محاولة للاستفهام منه يقول وشفتاه مرتعشتان ثمّة طنطل ووحش وساحرة شريرة وسعلوة سوداء كانوا يجرون خلفه وخطفوه من حضن أُمّه التي لا يطيق فراقها للحظة واحدة..

 

الخوف وارتعاش:

تلك الشكوى والقلق اللذان يعاني منهما الكثير من الأُمّهات اليوم أثر حالات الفزع الليلي والكوابيس الافتراضية التي تقض مضاجع أطفالهنّ وتحوّل منامهم إلى كهف مظلم، الأُم (أحلام حسين) يعاني صغيرها ذو الأربع سنوات من كوابيس وفزع متكرر أصبح يؤرق ليلها وليله حيث تقول: تنتاب طفلي أحمد ذي الأربع سنوات نوبات فزع وكوابيس ليلية وأحلام مخيفة متواصلة لدرجة أنّ أخاه الأصغر ينام بسرير منفرد أما أحمد فينام بجانبي وأكثر من ثلاث مرات في الأسبوع ألاحظه أثناء النوم يفزع ويصرخ ويقول ماما بصوت عالٍ وحينما اطمئنه وأضمه إلى صدري والدموع تنهمر من عينيه ويداه تمسكان بي بشدة يقول بأنّ هنالك وحشاً كبيراً أو سعلوة تريد أن تأكله لكنه هرب منها بعيداً والغريب انّه أحياناً يرفض إكمال نومه اعتقاداً منه بأنّه إذا عاد للنوم فستعود تلك الشريرة والسعلوة إلى الركض خلفه.

 

جهل الأُمّهات:

الباحث الجتماعي حيدر المبرقع أشار بسلبية واضحة إلى طريقة التربية الاجتماعية من جانب ميل الكثير من الأُمّهات إلى تخويف أطفالهنّ إذا ما حوالوا عصيان أمرهنّ بشخصية مخيفة لها أسنان كالوحش والسعلوة والجنية حينما قال: للأسف ما تزال الطرق التربوية الخاصة بالطفل لاسيّما بسنواته الأولى أغلبها خاطئة وهادمة لشخصيات أبنائنا ولها علاقة مباشرة بما يحدث لهم من اختلال سلوكي سواء في اليقظة أم النوم، وأبسط مثال أنّ الأُم إذا ما أرادت تخويف طفلها كي ينام أو ينصاع لأوامرها تقول له سأنادي السعلوة أو الطنطل أو الوحش ليأكلك وهي لا تعي هنا بأنّ تلك الصورة التي ستقوده للانصياع الفوري لها ستظل ترافق ذهنه وشعوره وتتحول إلى عامل نفسي داخل عقله الباطن وبلا شك فإنّ النوم هو صورة للانعكاسات النفسية التي يختزنها عقل الإنسان الظاهر والباطن، وأضاف المبرقع: نوم الطفل في الليل يساعد على الهدوء ولكن يمكن أن يكون كابوساً أيضاً بالمفهوم الشعبي للكلمة ويحوي بداخله حالات متنوعة تثير الفزع وهذا هو السبب لوجود عدد غير قليل من الأشخاص الذين يتخوفون من النوم ويتعاملون معه كالمكان المجهول الذي يحيطه الغموض والمخاطر مع أحاسيس جسمانية كاللاوعي، دقات قلب سريعة، تعرق.. وإلى ذلك.

 

قلق ورعب:

الباحثة النفسية شذى العزاوي تحدثت عن أسباب ودوافع نوبات الفزع الليلي والقلق النفسي وبالتالي الحصيلة كوابيس ليلية مزعجة للطفل حينما قالت: موجات الفزع الليلي تظهر عادة في بداية الليل لكن ليس في ساعة الحلم إنما عند الانتقال من المرحلة الثانية للمرحلة الثالثة للنوم العميق وتتواصل النوبات بعدد من الدقائق لكن ليس أكثر من عشر دقائق بعد ذلك يصعب النوم، والبحوث النفسية تشير إلى أنّ الكوابيس والفزع الليلي يمكن أن تتراجع نسبتهما مع تقدم سني الطفل الأولى لكنها ستظل تدمغ حياته خلال السنتين أو الثلاث ثمّ تعود عنده نحو العاشرة من العمر منوهة إلى أنّ الكوابيس أسلوب يستخدمه الطفل للتعبير عن مخاوفه وصراعاته الداخلية وللتخلص منها في الوقت عينه، أي إنها جزء من عملية التطور الطبيعي لنفسية الطفل ولا تعد الكوابيس مقلقة إلّا حين تتكرر بكثرة وتولد رعباً حقيقياً للطفل في الليل، وأضافت العزاوي يتوقف التصرف السليم لمواجهة الأمر على قليل من الحكمة ومما يُنصح به في هذه الحالة، نأتي إلى الطفل في حال حدوث الفزع الذي ينتابه ونقوده بلطف إلى مكان نومه إذا كان قد تركه ثمّ نعطيه كأساً من الماء، نضيء مصباح الغرفة نبقى معه إلى أن ينام مجدداً وفي اليوم التالي نقوم بسؤاله عن السبب في إرعابه وهل يتذكر شيئاً مما رأى في نومه ورواية الطفل للرؤيا التي رآها تريحه نفسياً وهي تقدم لنا مؤشرات على بعض الأمور التي تقلقه وتشغل باله وإنّ الأطفال القلقين الذين لا يشعرون بالأمان والذين يستخدم معهم الأهل أسلوب الضرب يكونون عرضة للكوابيس المرعبة ليلياً لذا علينا معرفة ما يقلقهم والعمل على طمأنتهم ومساعدتهم على حل مشكلاتهم وإنّ الكوابيس شبه اليومية أو التي تتكرر بنفس السيناريو وكذلك حالات الذعر الليلي كلّ ذلك يستدعي الاهتمام الجدي لأنّه يدل على وجود ألم نفسي حقيقي لدى الطفل والطفل في هذه الحال يكون في حاجة ماسة إلى مَن يستمع إليه كي يستعيد نومه الهادئ في الليل، وتابعت: الجدير بالذكر انّ الذعر للأهل حين يبدو الطفل تائهاً مرعوباً ينفر من أي شيء غير قابل لأي نوع من التواصل والتفاهم والعزاء يصرخ وينظر من دون أن يرى لأنّه في الواقع لا يزال يتابع نومه خلافاً للظاهر وفي اليوم التالي لا يذكر شيئاً من ذلك كّله ويفضل أن يكون العلاج الفوري على النحو الآتي: يجب أن نحافظ على هدوئنا قدر المستطاع ونضيء الغرفة ونمرر بلطف منديلاً بارداً على وجه الطفل كي نعيده تدريجياً إلى حالة الوعي..

ارسال التعليق

Top