عندما يصادف حلول شهر رمضان المبارك في فصل الصيف فذلك نعمة أنعمها الله – سبحانه وتعالى – علينا، وبالرغم من صعوبة ترك تناول الطعام ولمدة أكثر من اثنتي عشرة ساعة، وكذلك السوائل بأنواعها، فنحن نصبر على ذلك بقوة وإرادة وإيمان، لأنّ في ذلك طاعة لأمر الله – سبحانه وتعالى – علينا، عندئذ نحصل على صحة ولياقة بدنية ورشاقة! فالصوم هنا وبعد الاعتدال في تناول الأطعمة وقت الفطور وعند انتهاء فترة الامتناع عنه، وترك الحلويات والسكريات جانباً، يساعدنا على التخلص من الوزن الزائد عن الحاجة فيما إذا اتبعنا عادات غذائية صحية وصحيحة، كعدم الإكثار من تناول الأغذية الغنية، بالدهون كالمقلي، وعدم تناول الحلويات لأنّها غنية بالسكريات ولا تعطي إلا الطاقة وتكون النتيجة زيادة الوزن، ليكن فقط أن تذوقوا القليل منها. وقد لاحظنا – وبعد دراسة واضحة على ما حولنا من الأشخاص الذين يتبعون مثل هذه العادات الصحية – أنّ الكثير بعد انقضاء الشهر المبارك يفقد ما بين (4-5) كغم على أقل تقدير وأحياناً أكثر، لذا يجب الحفاظ على هذا النقصان فإنّه نعمة، فقد حصلت الحمية ومن دون قصد، بل باتباع بعض العادات السليمة الغذائية بعد الفطور، وعند حلول العيد والكف عن الصوم، وماذا عن تناول الحلويات والكيجة والبقلاوة في فترة العبد، نعم. نتناول منها ولكن بكميات مقننة وقليلة لئلا يعود الوزن إلى الزيادة ونخسر النعمة التي حصلت عليها والجائزة الكبرى للصوم بعد رِضا الله – عزّ وجل – وأداء الفريضة.
وليكن الشخص معتدلاً حينئذ في تناول الغذاء اليومي والرجوع إلى السلوك الغذائي الصحيح بتناول ما يكفي للحاجة فقط، وعدم تناول كميات كبيرة من الغذاء أكثر من حاجة الشخص اليومية، فقد عوّده الصوم عادة غذائية صحية جيدة من التقليل من الغذاء المتناول، فليحرص على هذه العادة، وعلّمنا الصوم أن نتناول كميات معتدلة، لأنّ الفائض يؤدي إلى نتائج مرضية أحياناً.
وللحفاظ على الوزن الصحي الجديد من دون الشعور بالحرمان، وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة على أنّ ذلك ممكن باتباع هذه الطرق وإدخال بعض التعديلات البسيطة على روتين حياتنا اليومية كما حصل خلال شهر رمضان، وللحفاظ على قوام رشيق دائماً.
ومن جانبنا نزيد على ذلك أنّ الوزن اليومي والوقوف على الميزان خلال هذه المدة بانتظام لقياس الوزن الجديد، يؤمّن لنا دفعة إيجابية من الدعم والتشجيع للحفاظ على ما وصلنا إليه من الوزن، واتباع العادات الغذائية الجيدة، لذا من المستحسن أن تحصلي على ميزان لك خاص داخل غرفة النوم للوزن في كلِّ صباح! هذا إذا لم يكن لديك واحداً. فقد أثبتت الدراسات الحديثة من قبل اختصاص علم التغذية والغذاء في الولايات المتحدة USA – الدكتورة بوترين – جامعة دريكسيل – أنّ الوزن يومياً، والوقوف على الميزان ومراقبة تسجيل الرقم الجديد للوزن يساعد على الاكتشاف السريع لأي زيادات حتى لو كانت صغيرة، ثمّ التعامل معها قبل أن تزداد وتتراكم، فقد أجرت هذه الدكتورة البحث على عدد كبير من الأشخاص، بعد أن تخلصوا من عدد كبير من الكيلوغرامات تزيد عن 15 كغم وفي مناسبات عديدة، فلاحظت أنّ القياس اليومي للوزن ساعهدهم على عدم الحصول على زيادة في الوزن يومياً، فقد استعادوا ما فقدوه من الوزن! ونحن هنا نطبق ما حصلنا عليه من فقدان الوزن خلال شهر رمضان ولا نرغب في العودة إلى الزيادة مرة أخرى وفي حالة البحث أعلاه تبيّن أنّ إمكانية الحفاظ على الوزن الصحي الجديد ولمدة سنة أو أكثر وبنسبة 80-82% لدى الأشخاص المتبعي قياس الوزن يومياً.
ومن الأمور المستحبة والمساعدة على الحفاظ عليه أن نبدأ الوجبة الغذائية بتناول كمية معتدلة من الخضراوات المشكلة – أي طبق السلاطة الخضراء كالخس واللهانة والبقدونس، والخيار، والطماطم، والبصل الأخضر، والجرجير، ومثل هذا الطبق يكون غنياً بالماء والفيتامينات والعناصر المعدنية والألياف، يضاف إليه قليل من زيت الزيتون لا يزيد عن ملعقة كوب (للحصول على ما نحتاجه من أوميغا- 3 – الشوربة المصنوعة من الخضراوات الحمراء والبرتقالية لأنّها لذيذة الطعم وذات فائدة كبيرة، حيث أنها تملأ المعدة، وتزيد الإحساس بالشبع، لذا ابتعدي عن الأغذية الغنية بالنشويات والمعلبة بالزيوت خاصة والزبدة والدهن.
هذا ما أثبتته الدراسة العلمية الغذائية التي أجريت في المركز الأمريكي للوقاية والسيطرة على الأمراض، حيث أظهرت الدراسة أنّ القدرة على تفادي استعادة الوزن المفقود تزيد بنسبة (60%) لدى النساء خاصة اللواتي يتناولن الخضراوات والفواكه (ما يعادل 4-5) وجبة/ اليوم)، ثمّ يجب أن لا ننسى فائدة المواظبة والاستمرار على الرياضة سواءً أكانت معتدلة أو الشديدة، ومنها القيام بالأمور المنزلية، ولمدة نصف ساعة على الأقل يومياً، أو ما بين 3-4 مرات في الأسبوع وبانتظام ومن دون ترك، حيث ثبت علمياً وبعد دراسات عديدة فوائد الرياضة في هذه الحالة، ومنها دراسة الدكتور – سكوت – أستاذ علم التغذية جامعة أريزونا الأمريكية USA، أنّ ممارسة الرياضة كما ذكرنا تساعد في الحفاظ على النسيج العضلي وتقويته وكذلك حرق المزيد من السعرات الحرارية، حتى في حالات الاسترخاء، بالإضافة إلى ذلك تصور أنك بعد القيام بالرياضة هذه حرقت عدد من السعرات، وحصلت على قرض منها يمكنك صرف هذا الفائض على حسب رغبتك في أي وقت تشاء وتحتاجه أي تتناول قطعة أخرى من كيكة العيد، أو قطعة كيك بدون كريمة، دون تردد وبحرية تامة.
ثمّ هناك معلومة أخرى تضاف إلى ما قدمناه، للحفاظ على الوزن الثابت، ألا وهي زيادة كمية البروتين المتناول في الغذاء اليومي الاعتيادي، بحيث تصل إلى ما بين (100-110 غم/ اليوم) أي ما يعادل فخذ دجاج بدون جلد، لتحصل على ما يعادل 26% من مجموع السعرات الحرارية من البروتين بدل الرقم السابق 20% أو أقل، فقد ثبت علمياً وبعد دراسات عدة في هذا المجال، أنّ النسبة العالية من البروتين تزيد إفراز الهرمونات التي تساعد على الإحساس بالشبع عند تناولها، (وقد يكون هذا ما لاحظته أنت أو غيرك أو حتى أنا أحياناً)، لذلك عوضاً عن التركيز عن تناول كميات كبيرة من الكاربوهيدرات والنشويات أو حتى الدهنيات الغنية بالسعرات الحرارية، يستحسن بل يجب إضافة وزيادة كمية البروتين إلى جميع الوجبات – ولو أنّ هذا يكلف أكثر ماديّاً – فقط في سبيل عدم زيادة الوزن بعد أن حصلت على النقص فيه، ومن الممكن إدخال البروتين في هذه الوجبات مثل استعمال الحمص بالطبخ أو اللوبيا الحمراء أو الباقلاء كوجبة أو مع طبق السلاطة، لأنّ جميعها غنية بالبروتين النباتي الذي له قيمة بايولوجية عالية وخاصة إذا كان الشخص يفضل الأكلات النباتية على الحيوانية، أو حتى تناول اللبن كوباً واحداً كوجبة خفيفة ما بين الوجبات وترك البسكويت المالح أو الحلو جانباً ونتناول بدلاً عنه قطعة جبن بدون ملح فهذا صحي أكثر.
الكاتبة للمقال: د. جيِّدة عبدالحميد
المصدر: كتاب مفتاح الصحة والسعادة/ فوائد عطر وخواطر غذائية علاجية
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق