• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كسر جدار الخجل لدى الأزواج الجدد

د. فوزية الدريع

كسر جدار الخجل لدى الأزواج الجدد

صحيح أننا نعيش في زمن كثُرت فيه العلاقات والأخذ والعطاء بين الرجل والمرأة. ولكن الواقع أننا نعيش في زمن مازال الشاب والشابّة فيه يتزوجان بشكل تقليدي، ومازال بعض الشبان، لا يرون البنت إلا ليلة الزواج. كلّ هذا يقودنا إلى حقيقة واقع، هو وجود حياء وخوف عند الطرفين.

إنّ العلاقة بين الشاب والبنت، ولأجل بدء حياتهما الجنسية، تقوم على نقطة أساسية هي كسب الثقة. والواقع، أننا في حياتنا في كلِّ زواياها، نريد كسب الثقة لنبدأ أي علاقة. الحقيقة أنّ البنت والولد يحتاجان إلى الإحساس بالأمن والثقة، وإن نجحا في هذا الأمر بدأت حياتهما الزوجية والعاطفية والجنسية تسير بشكل صحيح.

لطالما سمعتُ شابّات خائفات من أنّ الأمر أشبه بالتعرّي وممارسة الجنس مع رجل غريب. والحقيقة أنّه كذلك.. مُعاشَرة رجل غريب. إنّه إحساس مفهوم، وهو ليس عند البنت وحدها. حتى الشاب هو الآخر خائف، وما تحتاج إليه البنت من نصيحة وتدرُّج، هو ذاته الذي يحتاج إليه الشاب.

ليس ضروريّاً أن تكون الليلة الأولى هي أوّل ليلة للجنس، بل على العكس، الليلة الأولى يجب أن يتفادَى الطرفان فيها ممارسة الجنس، خصوصاً إذا كان الزواج بلا تعارُف.

إنّ الليلة، بل الليالي الأولى، يُفترض أن يكون المجهود المبذول فيها، هو التقارُب العاطفي. ولعلّ إمساك اليد في البداية هو أمرٌ جيّد للتودّد وخفض التوتر، وقُبلات الخَدّ بداية جيدة، والثرثرة عن أمور عديدة، ومنها الأمور العاطفية، وجعل الجنس يأتي من تلقاء نفسه متى ما حان الوقت له. إنّ كلَّ الذين أعطوا هذا الأمر فرصة تبدأ حياتهم الجنسية بشكل أفضل من أولئك الخائفين المندفعين، الساعين إلى ممارسة الجنس منذ الليلة الأولى. وهناك حقيقة مؤلمة في هذا المجال، وهي الضغط الاجتماعي والمنديل الأبيض وإثبات العُذرْيّة. ومازال هذا الإحاح موجوداً. ويُفترَض أن يتم وقف الضغط على الشاب والفتاة حول أحداث الليلة الأولى، وليس من حَقّ أحد أن يضغط أو يسأل عن النتائج، لأنّ هناك خصوصية يتم اختراقها.

إنّ أهم أسباب القلق من الليلة الأولى الإحساس بأنّ هناك من يضغط حتى يحصل الأمر، وهناك مَن يريد أن يعرف التفاصيل. إنها مسألة في غاية الإحراج والصعوبة. والشخص الذي يعرف أنّ فشله أو نجاحه في هذا الأمر الخاص جداً يجب أن يعرفه الآخرون، يصبح متوتراً ويفقد تلقائيّته. ولأنّ طبع المخ الخوف من الفشل، فقد يفشل الشاب، وهنا الطامة الكبرى، لأنّ الاستعجال والفشل في الليلة الأولى قد يكونان بداية لفشل وتوتر، ربما يستمران سنوات.

إنّ تأجيل الجنس وأخذ الوقت في معرفة الآخر، لا يجعلانك فقط تعرف شخصيته العامة، بل يؤهلانك لأن تعرف شخصيته الجنسية. نعم، المسألة لا تحتاج إلى دراسة، بل تحتاج إلى التودد والفهم، حتى تعرف ما إذا كان الآخر يُحب التدرُّج في الجنس، أو السرعة، أو الكلام، أو الصمت.. إلخ. والحقيقة، أنّ تأجيل الجنس يعطي فرصة لقضاء وقت معاً. فالحياة فيها سرعة شديدة، وبعد أن تتوطّد العلاقة وتسير دائرة الحياة، ربما ينشغل أحدهما عن الآخر. ولعلّ البداية الأولى خير بداية حتى يتعرّف أحدهما إلى الآخر ويُثرثرا ويتحدثا عن تجاربهما وطفولتهما، ويعرفا طباع بعضهما بعضاً، وهذه نقاط مهمّة لتسير بعد ذلك الحياة بشكلها التلقائي.

ولنبدأ الحياة الجنسية كما يجب أن تبدأ، كلمة حلوة، باحتضان ونظرات حنونة. فهذا هو الصح، فلماذا لا نبدأ به؟

ارسال التعليق

Top