أنّ نوعية العلاقة بين الزوجين تصبغ الأسرة كلّها بصباغها، وهذا أمر طبيعي، فالأبوان المتحابان المتفاهمان يجعلان الجوّ الأسري بهيجاً، ويجعلان بناء الأسرة متيناً ومنسجماً، والحقيقة: أنّ تفاهم الزوجين وتحاببهما يترك آثاراً بعيدة المدى في حياة الأبناء، حيث إنّهم يتشربون من آبائهم وأُمّهاتهم المعايير والمفاهيم والتقاليد التي سيعاملون بها أزواجهم وزوجاتهم في المستقبل، فالبنت تعامل زوجها وتتوقع منه بحسب الخبرة التي اكتسبتها من خلال معايشتها لأبويها، وكذلك الابن، ولهذا؛ فإنّ التجربة علَّمت العامة أن يسألوا عن أُم البنت التي يريدون خطبتها، كما أنّهم يسألون عن أهل الأُم، أي أخوال البنت وخالاتها.. لأنّهم وجدوا أنّ البنت تتطبع بطباع والدتها...
نحن نستطيع إذن أن نقول: إنّ تفاهم الزوجين هو أكبر هدية يقدمانها لأولادهما، وهذا التفاهم يرتكز إلى المبادئ والمفاهيم الآتية:
أ) إنّ الذي يتزوج – رجلاً كان أو امرأة – بنيةِ الأخذ والاستمتاع، وتلبية حاجاته الخاصة، يبدأ بداية مزيّفة؛ لأنّه لا يعرف المعنى العميق للحياة الزوجية، والذي يتجسّد في التضحية والعطاء، وليس الأخذ.
ب) تقدير الرجل للمرأة، وتقدير المرأة للرجل هو مفتاح التفاهم، لكن التقدير يكون مجوّفاً ولا معنى له إذا لم يقم على الحرص على فهم اهتمامات الشخص الذي نقدره، والعمل على مراعاتها.
ت) احترام الشريك ينبغي أن يشتمل على احترام أفكاره، ووجهة نظره.
ث) الاختلاف بين طبيعتي الرجل والمرأة هو الأساس، وهذا ينعكس على اهتماماتهما ونظرتهما للأمور...
ج) العلاقة الحقيقية بين الزوجين هي علاقة روحية وعلاقة صداقة، وإذا ظلت العلاقة بينهما في حدود العلاقة الجسدية، فإنّها ستكون باهتة ومعتمة وسطحية وذات طابع مصلحي.
ح) للزوجة رغبات وللزوج رغبات، وللزوجة حاجات، وللزوج – أيضاً – حاجات، والطريقة الصحيحة للتعامل معها هي المساعدة على قضاء الحاجات، وتقليل التدخل في الرغبات قدر الإمكان، فالناس يحبون مَنْ يساعدهم في قضاء حاجاتهم، ولا يسمحون لأحد بالتدخل في رغباتهم.
خ) حين يقع صدام واختلاف بين الزوجين؛ فإنّ عليهما أن يتعلما كيف يقومان بتطويقه وتحجيمه وتقصير مدته، وإلا فقد تكون أيّام خصامهما أكثر من أيّام صفائهما، وهذا ما لا يتمنّاه أحد.
المصدر: كتاب مسار الأسرة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق