• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أنفسنا وأبناؤنا في رمضان

تيسير الزايد (كاتبة كويتية)

أنفسنا وأبناؤنا في رمضان
قبل أن نبدأ أي عمل لابدّ من وضع الهدف والخطوات المطلوبة من أجل إنجاز هذا الهدف وإتمام العمل، وما نريد أن ننجزه مع الأبناء في رمضان يمكن كتابته في مذكرة صغيرة، مع طريقة أدائه والإحتفاظ به مع مراجعته بين فترة وأخرى؛ حتى نتابع أنفسنا مع الحيطة ألا تتحول التربية إلى وظيفة نفقد الحماس لها مع الوقت، وتفقد أيضاً متعتها، ولهذا يجب أن نهيئ النفس بأن ما سوف نقوم به هو عمل ممتع سيعود على الكل بالفائدة والإنسجام. قبل أن تختار النشاط الذي تفضل أن تقوم به في رمضان مع الأبناء، تأكد أنك تحب هذا المجال، وأنك تستطيع أن تعطي وتفيد من حولك فيه، وأن له علاقة بهذا الشهر، وأنّ الوقت الذي ستقضيه في هذا النشاط مع الأسرة سيسهم في زيادة إيمانياتهم وثقافتهم وثوابك وثوابهم، وإليك بعض الأمثلة: 1- إلى محبي المواضيع الأدبية والبحث عن المعلومات، تعتبر المسابقات الأسرية مجالاً خصباً جدّاً ليساهموا فيه، ويمكن عمل تلك المسابقات يومياً عن طريق إختيار عشرة أسئلة لمواضيع منوعة تُكتب أو تُطبع بعدد أفراد الأسرة، وبعد الإفطار مباشرة، تُوزع وتُناقش بعد وقت محدد يُمنح لحلها؛ ليُعلن الفائز بعدها، ومن ثمّ تُحصد الدرجات في آخر يوم من رمضان، وتُعطى الجائزة للفائز الأوّل في أوّل أيام العيد، وهذه فكرة بسيطة وعن تجربة شخصية، فإنّ الوقت الذي ستمضيه مع الأسرة في حل المسابقة ومناقشتها من أمتع الأوقات، ولكن لابدّ أن يلتزم الكبار قبل الصغار بشروط المسابقة والوقت المحدد والإلتزام بالحضور. 2- أما مَن يجد نفسه بين صفحات الكتب، فقراءة فقرة أعجبتك في كتاب أو كتابة خاطرة، ومن ثمّ قراءتها، وتشجيع الجميع على كتابة الخواطر، ومن ثمّ قراءتها؛ سيعلم الأبناء الشجاعة والمواجهة والتعبير عن الذات، بل سيمنحك الفرصة للتعرف على أفكار أبنائك. 3- أمّا محبي الحاسب الآلي، فالمجال أمامهم واسع جدّاً، فعن طريق إعداد عروض تقديمية تشمل مواضيع مختلفة كالإعجاز العلمي في القرآن عن طريق صور مبسطة أو شرح السيرة النبوية للصغار بصور ملونة؛ سيجعلك تطّلع أكثر وتقرأ أكثر، وتحول الكلمات إلى أشكال وصور مفيدة للجميع، بل يمكنك من الإستفادة منها لاحقاً، ولكن عليك التأكد من المصادر والكتب التي تستقي منها معلوماتك. 4- أن تعيش مع أسماء الله الحسنى في رمضان فكرة سهلة التنفيذ، كل ما تحتاجه هو كتاب موثوق لشرح أسماء الله الحسنى، وكيفية تطبيقها في حياتنا، وبعض الوقت تمضيه يومياً مع الأسرة في فهم الإسم وحفظه بالطريقة الصحيحة. 5- "حدث في مثل هذا اليوم في رمضان" موضوع شيق جدّاً، يمكّنك من الإطلاع على الأحداث التي حدثت يومياً في رمضان، وتناول كل حدث بالتفصيل والتحدث عنه، نعم هو عمل يحتاج منك بعض الوقت والجهد، ولكنه عمل ممتع، وستضيف لأسرتك الكثير وأنت تتحدث يومياً عن مواضيع مختلفة حدثت في نفس اليوم في رمضان عبر العصور المختلفة، يمكنك إعداد رزنامة بالأحداث الخاصة بأسرتك، وتوزيعها على الجميع، ومن ثمّ سؤالهم عند الإفطار كل يوم عن الحدث الذي وقع في مثل هذا اليوم. 6- عندما ستتحدث مع الأبناء ستجد لديهم – هم الآخرون – أفكاراً مختلفة عن الأنشطة الرمضانية التي يحبون أن يقوموا بها، اختر الأفضل وما تراه مناسباً وعشْه معهم وتعلم منهم وامنحهم الفرصة ليتعلموا منك. 7- إذا كان أبناؤك كبار السن فهم بالتأكيد لديهم أجهزة هاتف نقالة، وهنا يمكنك عمل الكثير من الأنشطة بإستخدام خدمة الرسائل؛ حيث يمكن عمل مسابقة أسئلة وأجوبة عن الصيام، وإرسال السؤال صباحاً، ومن ثمّ مناقشة الحل على الإفطار، أو إرسال يومية عن معلومة معيّنة أو حكم معين، أو الكثير من الأفكار التي يمكن تطبيقها عن طريق الهاتف النقال داخل نطاق الأسرة. 8- عمل حقيبة رمضان أو العيد من الأفكار التي تم تداولها بشكل كبير بين الأسر المختلفة؛ حيث يتم فيها وضع بعض إحتياجات رمضان وتوزيعها على الأسر المحتاجة، وهذه الحقيبة يمكن عمل الكثير من الأنشطة خلالها من حيث المحتوى أو الشكل، وإعطاء فرصة للصغار ليساهموا فيها سواء بمصروفهم الشخصي أو مجهودهم الشخصي أو ممتلكاتهم الشخصية. 9- أمور الفرائض والعبادات – كالصيام، والصلاة، والقيام، وقراءة القرآن – أمر مفروغ منه، فأنت بالتأكيد قد وجدت الوسيلة المناسبة لتدرب الأبناء عليها وترغيبهم فيها، وتذكر دائماً أنّ القدوة مهمة ومؤثرة في حياة الصغار. -        تفاعل الزوجين: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم/ 21). "مودةًة ورحمة" كلمتان تُشعرانك بالراحة بمجرد ذكرهما، وليس هناك وقت أكثر ملائمة للشعور بهما من شهر الرحمة، ولو استشعر الزوجان هذا المعنى لتغير الجو العام بينهما وفي المنزل أيضاً؛ ليصبح أكثر راحة وأمناً، فمع أوّل يوم في رمضان يجب أن يبدأ الجميع بداية جديدة، ولتطوى صفحة الماضي بما تحمله من خلافات أو مشاحنات، ويبدأ الجميع صفحة جديدة من حياته، وهذا سيحتاج بعض المسامحة والتضحية، ولكن حياتنا تستحق منّا أن نقدم لها الكثير، ونركب الكثير من السفن حتى نصل لبر الأمان، والمسألة لا تخص طرفاً واحداً في الأسرة نطالبه بكل التضحية والمسامحة، ولكن الأمر جماعي ويحتاج لتفهّم الكل ومساهمة الكل من أجل شهر فضيل مختلف عن باقي أيام السنة، مع أمل أن يظل هذا التسامح وهذه المودة والرحمة. 1- هناك الكثير الذي نستطيع أن نقوم به معاً، وليس هناك أفضل من أن نتشارك في القيام بالأنشطة السابقة التي تحدثنا عنها والخاصة بالاسرة، فصورة الوالدين أمام الصغار تكون أفضل إذا وجدوا لدى الأب والأُم نفس الهدف، ويتشاركان في نفس العمل، ويكملان بعضهما بعضاً. 2- المشاركة في العبادات أمر رائع جدّاً؛ فالذهاب إلى المسجد معاً، ومراجعة الحفظ أو الحفظ الجديد معاً، أو المساعدة على القيام بالعبادات المختلفة، كل هذا كفيل بأن يصهر جليد السنة الماضية الذي قد يصيب العلاقة الزوجية ويباعد بين طرفيها. 3- تسامح الزوج عن تقصير الزوجة في إعداد بعض الأطعمة لإنشغالها بأمور العبادة، وتسامح الزوجة عن تقصير زوجها في الأمور التي تخص المنزل، ومساعدتهما لبعضهما بعضاً؛ سيخفف الضغط عن جميع الأطراف، ويمنح كل منهما الفرصة ليخلص في عبادته وتربيته لأبنائه. 4- سؤال كل طرف من الزوجين عن أسرة الطرف الآخر وبرهما، ودعوتها لقضاء وقت معهما في رمضان؛ سيعني للطرف الآخر الكثير، بل سينشر روح الألفة والمحبة بين الجميع، ويُشعر الكل بروح الأسرة الواحدة، ويبث الطمأنينة في نفوس الصغار. انتهت السطور، ولكن بالتأكيد لم تنته الأفكار عند كل منّا، لنبدأ سريعاً؛ فالأيّام قليلة، والوقت قد يتسرب من بين أيدينا، وقد نفقد من المتعة الكثير إن لم نحسن ونسرع في التفكير والتنفيذ.

ارسال التعليق

Top