• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تعلمي كيف تقولين «لا» لطفلك

تعلمي كيف تقولين «لا» لطفلك

◄لابدّ من انتباه متى تقولين له «نعم» ومتى تقولين «لا»

لا شك في أنّ كلّ أُم تردد كلمة «لا» كثيراً على مسامع طفلها أثناء اهتمامها به ورعايه وتربيته، على شاكلة: «لا تضرب أختك»، «لا تأكل المزيد من الكوكيز»، «لا تلمس الفرن لأنّه حامٍ». إذا كان هدف الأُم تنشئة طفل حريص يهتم بمشاعر الآخرين ويحتمل المسؤولية، لابدّ إذن من قول «لا» له، خاصّة إذا كان للأمر علاقة بالصحّة والأمان والعدالة. ومع ذلك إذا لم تستخدم الأُم كلمة «لا» كثيراً، فهذا لا يعني أنّها تفسد طفلها، خاصّة إذا كان مُهذباً لا ينق ولا يثير المشاكل. في جميع الأحوال على الأُم أن تراعي النواحي التالية:

عدم قول «نعم» من دون داع: إنّ توفير كلّ احتياجات الطفل، طالما في إمكان الأُم فعل ذلك، لا يُعتبر خطأ في حدّ ذاته. كما أنّ قول «نعم» للمطالب المحقة والمعقولة، ليس خطأ أيضاً. ولكن، إذا لبّت الأُم كلّ مطالب ورغبات طفلها، أو لم تلبها، لدواعٍ خاطئة وحجج مرفوضة، لتجنب إثارة غضبه أو تجنب تحديه لها أو لإسكاته، أو لاتّباع رغبتها الشديدة في التوفير لطفلها، ما لم يوفّر لها حين كانت طفلة صغيرة أو لأي سبب آخر، فإنّ ذلك يمكن أن يثير مشاكل كثيرة. إنّ إعطاء الطفل كلّ شيء وبكثرة، وتلبية كلّ رغباته معظم الأوقات إلى حدّ المبالغة، يؤديان إلى حرمان الطفل من الاستمتاع بالأشياء الجديدة التي يحصل عليها، ويجعل منه شخصاً نهماً لا يعرف الشبع ولا القناعة. وقد تتفاقم هذه المشاكل وتزداد خطورة، خاصّة عندما يبلغ الطفل سن مراهقة.

قول «لا» لأسباب محقة وأساسية: إنّ استخدام كلمة «لا» اعتباطاً، يمكن أن يُربك الطفل ويُقلل من اعتزازه بنفسه ويحطم غروره. مهما تكن الأسباب، يجب عدم قول «لا» للطفل إلّا إذا كان هناك سبب يستوجب قولها، وليس لأنّها لم تُقل كثيراً خلال النهار. من هذه الأسباب، إذا طلب الطفل الحصول على دراجة هوائية، وليست هناك حديقة للمنزل، أو أنّ المنزل صغير جداً، أو إذا طلب الطفل الحصول على ألعاب جديدة، وهو يملك من الألعاب ما يكفي لخمسة أطفال، أو إذا أراد الطفل الجلوس أمام شاشة التلفزيون النهار بطوله.

عدم الاكتفاء بقول «لا»: يجب عدم قول «لا» إلّا في الحالات الضرورية جداً، إذا قام الطفل بعمل يمكن أن يعرّض حياته للخطر، مع شرح السبب في قول «لا» له. ومع أنّ الطفل لا يفهم الأسباب التي تقدمها الأُم ولا يتقبلها، لكنّه يدرك أهميتها لو شرحتها له بكلمات بسيطة تلائم مستواه في الفهم. على الأُم أن لا تشرح لطفل في عمر السنتين أزمتها المالية بالتفصيل، لو طلب منها شراء لعبة جديدة، بالقول له إنّها لا تملك المال الكافي لشراء اللعبة. فبدلاً من ذلك، يمكنها القول له ببساطة إنّ «سعر اللعبة مرتفع». وإنّها متأكدة من رغبته في الحصول عليها، لكنّها تفضل شراء ملابس له ولأخته أو أخيه بالمال الذي يمكن أن تدفعه ثمناً للعبة.

 

-            عدم الإفراط في العطاء:

من غير الضروري أن يكون الطفل الذي يملك كلّ شيء فاسداً. لكن الطفل الذي يملك أكثر من حاجته، أو يملك أشياء لم يتمكن من استخدامها أو اللعب بها لكثرة ما يملك، هو طفل إمّا مُربَك (لكثرة الألعاب التي يملكها ولا يعرف ماذا يفعل بها) أو متخم ومنهك (لديه الكثير من الألعاب التي أصبح مظهرها المتشابه يسبب له الملل). إنّ الإفراط في تدليل الطفل وفي توفير كلّ احتياجاته، يمكن أن يجعل منه طفلاً مزعجاً لا يتقبل كلمة «لا» جواباً لمطالبة، ويغضب بشدة ويبكي ويقوم بتصرُّفات حمقاء لو لم تستجب الأُم لرغباته.

مساعدة الطفل على اختبار متعة العطاء: بما أنّ مرحلة الطفولة هي مرحلة الأنانية المطلقة، لذا من غير معقول، ولا يمكن، أن يدرك الطفل أنّ العطاء أفضل من الأخذ. ولكن هذا لا يعني أنّ على الأُم أن تستسلم وألا تحاول غرس هذا المفهوم في ذهن الطفل. ففي إمكانها فعل ذلك من خلال تقديم أمثلة تدل على الكرم. مثلاً، عليها أن تتشارك مع طفلها في القيام ببعض الأعمال الخيرية وتقديم المساعدة لأطفال آخرين لا يملكون شيئاً، وأن تبيّن له مدى سعادتها وهي تراه يقوم بمثل هذه الأعمال، وفرحة الأطفال عندما يتلقون المساعدة منه. إضافة إلى ذلك، عليها أن تمنحه الفرصة ليختبر متعة العطاء مع الأشخاص المحيطين به. مثل تقديم هدية خاصّة لجدته، والطلب منه أن يراقب سعادتها بالهدية التي تلقتها، أو إعطاء لعبه من ألعابه لأخيه أو أخته بمناسبة عيد ميلادها.

 

-            الاستجابة لرغبات طفل يمتلك كلّ شيء:

مهما امتلك الطفل من أشياء فإنّه يرغب في شراء كلّ ما يراه معروضاً في المتاجر. قد تلبّي الأُم مطلبه في بعض الأحيان إلّا أنّها لا تستطيع إشباع رغبته في امتلاك المزيد من الأشياء، أو إصراره على الحصول على ألعاب جديدة. هناك أسباب عديدة تؤثر في الطفل وتدفعه إلى مثل هذه التصرُّفات. فالطفل فرد من هذا المجتمع الذي يولي اهتماماً كبيراً للاستهلاك. فعندما ينظر الطفل حوله، يجد أشخاصاً يشترون كلّ شيء كلّ الوقت. فيتصوّر أنّ امتلاك المال والأشياء يجعل منه شخصاً مهماً في المجتمع. إضافة إلى ذلك، أصبحت الإعلانات التجارية تركز على الأطفال الصغار في أيامنا هذه كما على الكبار. فيعتقد الطفل الصغير أنّه إذا امتلك لعبة أُعلن عنها في التلفزيون، فإنّ الأطفال الآخرين سيحبونه أكثر. من الصعب على الطفل العالق بين قوّة الإعلان وإعجابه بالألعاب المعلن عنها أن يقاوم الرغبة في امتلاك المزيد.

من الأشياء الآخرى التي تؤثر في الطفل، إدراكه قوّة ونفوذ الشراء. فهو يرى يومياً أشخاصاً يدخلون المتاجر ويأخذونما يريدون من الرفوف. فيرغب في امتلاك بعض من ذلك النفوذ والقدرة. إنّه يرغب في التصرُّف كالكبار. كلّ ذلك يحصل بسبب عدم إدراك الطفل كيف يكسب المال. قد يدرك أنّ على والده أن يعمل لكي يكسب المال، لكنّه لا يدرك أنّ ما يكسبه محدود. لذا، عندما يرى الطفل والده يُخرج المال من محفظته أو يحصل عليه بواسطة «كارت» من البنك، يعتقد أنّ لديه الكثير من المال لينفقه.

إنّ التحدي الكبير الذي يواجه الأهل، هو الاستجابة لرغبات الطفل بطريقة تسمح له بالحصول على بعض الأشياء التي يرغب فيها، وجعله يدرك كيف يكسب المال وطرق إنفاقه الصحيحة، والأهم تعليمه أنّ القناعة كنز لا يُفنى. وللوصول إلى هذا الهدف هذه بعض الاقتراحات:

الحديث عن الإعلانات: على الأُم أن تسأل طفلها كيف عرف عن الألعاب التي يرغب في شرائها. فقد يرغب أحياناً في شراء لعبة معينة لأنّ صديقه يملك مثلها. لكن، غالباً ما يعرف الطفل عن الألعاب من التلفزيون. لو راقبت الأُم التلفزيون مع طفلها، سترى أنواع الإعلانات التي تستهدفه. في إمكان الأُم أن تتحدث إلى طفلها عن سبب إعلان الشركات عن بضائعها، وكيف أنّ التلفزيون يُظهر اللعبة أجمل مما هي عليه حقيقة، وعن حقائق أخرى قد لا يذكرها الإعلان. لذا، على الأُم أن تحدد أوقات مشاهدة الطفل التلفزيون، والحرص على مشاهدته معاً.

شراء ألعاب تتطلب المشاركة: غالباً ما تكون الألعاب التي يُعلن عنها في التلفزيون هي ألعاب فردية. وهي مصنوعة لهدف واحد، لفت انتباه الطفل لا تفاعله معهما. إنّ تقديم ألعاب فنية وخلّاقة للطفل، يمنحه الفرصة ليختبر الألعاب التي تُشبع رغبته وترضيه والتي يستطيع استخدامها بطرق متعددة. إذا كانت اللعبة متعددة الاستعمالات لا يعود الطفل في حاجة إلى ألعاب كثيرة.

مناقشة الطفل بخصوص منتجات معينة: إنّ التحدّث إلى الطفل عن سبب اهتمامه بألعاب معينة، يمكن أن يساعده على توضيح رأيه، ويعطي الأُم فكرة عن اهتماماته، ويبيّن للطفل أنّ أُمّه تحترم رأيه. كما يمكّنها من اطلاعه على رأيها في ألعاب معينة، وعن سبب عدم شعورها بالراحة من بعض الألعاب التي يرغب فيها طفلها.

التسامح مع الطفل: إنّ السماح للطفل للقيام بخياراته يمنحه الفرصة ليتغلب على تردده وارتباكه عند شراء شيء جديد. كما يمكن أن يساعده على وضع ميزانية وخطة لكيفية إنفاق ما يملك من مال.

المساعدة على اتخاذ القرار: من بين الأشياء التي يرغب فيها طفل في عمر أربع إلى خمس سنوات، شيء أو بعض من السلطة والسيطرة. لذا، من المفيد إشراك الطفل في وضع نظام لشراء ألعاب جديدة. إنّ هذا الأسلوب يساعده أيضاً على تعلّم اتخاذ القرار وعلى وضع ميزانية لمصروفاته وعلى تحديد الأولويات والتخطيط مقدماً.

تعليم الطفل المقارنة بين الأسعار: بعد أن يختار الطفل اللعبة التي يرغب فيها، على الأُم أن تساعده على البحث عن السعر الأنسب. فالطفل في هذا العمر يكون مستعداً لأن يستخدم عقله عند شراء شيء جديد.

انتباه الأُم لعاداتها في الشراء: إنّ طريقة الأُم في الإنفاق وفي الحصول على الأشياء، هي أفضل مثال للطفل ولبقية أفراد العائلة أيضاً. إنّ تحديد الأُم نفقاتها يعطي طفلها النموذج الجيِّد في كيفية الإنفاق. فالطفل يراقب الأُم عند شراء احتياجات البيت. هل هي مبذرة؟ أم أنّها تتبع خطة معينة فلا تشتري إلّا ما تحتاج إليه؟

تعليم الطفل الفرق بين الرغبة والاحتياج: غالباً ما يكون الطفل مفتوناً بالحصول على شيء يشعر برغبة شديدة في الحصول عليه. في استطاعة الأُم مساعدة طفلها على التمييز بين الأشياء التي يرغب فيها حقّاً وتلك التي يحتاج إليها حقّاً. يمكن أن تضع قائمة معه بالأشياء التي يحتاج إليها حقّاً، مثل الطعام الصحّي ومكان أمن يأوي إليه وملابس دافئة وأهل يهتمون به. كما أنّه في حاجة إلى أشياء أخرى غير مرثية، مثل الإصغاء إليه واحترامه وتشجيعه ومعانقته بحبّ، والاهتمام به ومساعدته على حل المشاكل والتغلب على المصاعب. ويمكنها أيضاً المقارنة بين هذه الاحتياجات الإنسانية الأساسية والأشياء والرغبة في امتلاك المزيد من الأشياء قد لا يكون في حاجة إلى حذاء جديد، لكنّه يحتاج فعلاً إلى رباط جديد، أو قد لا يكون في حاجة إلى كنزة جديدة.

تعليم الطفل تقدير الثروات أو المتع غير المادّية: في هذا العالم المادّي، يمكن أن يفقد الطفل قدرته على أدراك ما هو جوهري وأساسي حقّاً. في الحقيقة جميعنا ننسى أحياناً أنّ معظم ما هو مهم في حياتنا لا يمكن شراؤه. لذا، على الأُم أن تخصص أوقاتاً محددة لتمضيها في الاستمتاع مع طفلها وبقية أفراد عائلتها بعيداً عن التسوق. مثلاً، في المشي معاً أو قراءة الكُتُب، أو تعليم مهارات جديدة لطفلها أو تعلُّم مهارة جديدة منه، أو الاهتمام بحديقة المنزل (إن وُجِدت).

 

-             كيف تقول الأُم «لا» لطفلها عندما يريد شيئاً جديداً؟

هناك شيء ما يجعلنا نرغب في حماية أطفالنا وعدم التسبب في إصابتهم بالحسرة إطلاقاً، لهذا، نشعر بالانزعاج وبالحزن عندما نرى الدموع في أعينهم أو الغضب على وجوههم عند رفضنا تلبية رغباتهم. ولكن، مهما يكن صعباً على الأهل تحمّل دموع الطفل ومهما دام غضب الطفل، فمن غير مستحب أن يستسلموا لنزواته. إضافة إلى عدم إمكانية الأهل شراء كلّ ما يرغب فيه الطفل، من الخطأ أن يتعلّم أنّ في إمكانه ابتزاز الأهل بالدموع والغضب، فإذا واجهت الأُم مشاكل مماثلة، فهذه بعض النصائح في كيفية التعامل معه:

·         أن تعني ما تقول عندما تقول «لا»: إذا استسلمت الأُم لتصرُّفات طفلها، سيتّبع الطفل الروتين نفسه، كلما رغب في الحصول على شيء. وسيعتاد الطفل على حقيقة أنّ بضع دموع تكفي لجعل الأُم ترق وتشتري له كلّ ما يرغب فيه.

·         على الأُم أن تنسى الحدث حال مغادرة المتجر: على الأُم ألا تتطرق إلى الحديث عن تصرُّفات طفلها في الـ«مول». لأنّ ذلك يدفعه إلى أن يزداد غضباً وأن يصمم على تكرار تصرُّفه مرة أخرى.

·         التحدّث إلى الطفل: إذا كان الطفل في سن تمكنه من فهم الحديث عن المال، على الأُم أن تقول لطفلها إنّها ليس في استطاعها شراء كلّ ما يطلب بسبب وضعها المالي. أما إذا كان صغيراً، عليها أن تقول له إنّ المنتج الذي يرغب فيه ليس جيِّداً وإنّها ستشتري له شيئاً أفضل.

·         على الأُم أن تتذكر أنّ الأطفال ينسون بسهولة: من المحتمل أن ينسي الطفل رفض الأُم شراء ما طلبه حال خروجه من المتجر، وتوقُّف الأُم لشراء «أيس كريم» أو ساندويتش له. وهذه أفضل صفة من صفات الأطفال، أنّهم لا يعرفون الحقد.

·         أنّ تعلّم أن تقول«لا» للطفل، من أجل مصلحته، هي أفضل وسيلة لغرس تقدير المال في سن مبكرة في الطفل. عندما يعرف الطفل أنّ الأُم لا تستطيع شراء كلّ ما يرغب فيه، يتعلّم فن توفير وإنفاق المال.►

ارسال التعليق

Top