• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دور الأسرة في تكوين شخصية الأبناء

دور الأسرة في تكوين شخصية الأبناء

مؤسسة الأسرة هي الوحدة الأساس في كلّ المجتمعات بصرف النظر عن الفروق الثقافية، فالأسرة لا تعمل على تلبية الحاجات الأولية للفرد من طعام ومأوى وملبس فحسب ولكنها تلبي حاجاته الإنسانية الأخرى كالحاجة للحب والانتماء والعناية بالصحة والعقل والسلوك، وتنتقل من جيل إلى جيل التقاليد والقيم الثقافية والروحية والأخلاقية.

 

1- الخلافات الزوجية وتأثيرها السلبي على نمو الأطفال:

إنّ للخلافات الزوجية بين الوالدين تأثيرات كبيرة على نمو الأطفال، ففي إحدى الدراسات: أنّ الأطفال الذين يعشون مع والدين يتشاجران وعلاقتهما الزوجية غير مرضية يشعرون بالتوتر ويكونون أقل قدرة على التعامل مع مشاعرهم.

 

2- المعاملة والمستوى الاقتصادي للأبوين:

يتفاوت المستوى المادي من أسرة إلى أخرى نتيجة اختلاف المهن التي يمارسون وهذا التفاوت يؤثر على مستوى معيشتها ومن ثمّ على طرق معالجتها الأمور: إنّ حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والصعوبات الحياتية الأخرى تترك تأثيرات مهمة على نوعية العلاقات بين الآباء والأبناء، ونتيجة ذلك قد ينجح الأبناء وتكون لديهم مشاعر الاكتئاب والعزلة والانطوائية، ولقد تبين في دراسة: "أنّ الأهل في الأسرة ذات الدخل الاقتصادي المنخفض تميل إلى عقاب الطفل، وضربه والقسوة عليه مما يترك على نفسيته آثاراً سلبية ضارة.

 

3- ثلاث خطوات عملية من الأسرة لتكوين شخصية الطفل:

1- الرغبات العاطفية: أي تلبية رغبات الطفل الصغير في الحب والعطف والحنان لكي يشعر بالأمن والاطمئنان والسعادة، وتستمر حاجة الطفل للحب ما دام هو في طور النموّ والنضج، إنّ هذا الأمر ضروري لتفتح قدرات الطفل العقلية الكامنة ونموها نمواً طبيعياً، وعلى الوالدين تعليم الطفل نظام معين من التعامل متفق عليه حتى لا تضطرب شخصيته باختلاف سلوك الوالدين تجاهه.

2- أوقات التعلم: إنّ أفضل وقت لتعليم الطفل أي مهارة من المهارات هو عند بداية الرغبة في تعلمها فعندما يبدي رغبته مثلاً في الشرب من الكأس في شهره السابع أو الثامن أو أن يمسك بقطعة الفاكهة أو الحلوى أو الخبز ليطعم نفسه وهو في شهره الحادي عشر أو أن يمسك بالملعقة ليأكل بها بنفسه قبل أن يتم السنة والنصف من عمره أي بما معناه عندما يبدي رغبته في شيء من ذلك فعلينا أن نساعده وأن نشجعه وأن نسهل عليه مهمته وألا نستعجله وأن نصبر عليه بضع مرات حتى يحسن الأداء، ولا يجوز منع الطفل من التعلم بحجة عدم العجلة أو لأنّه لا يحسن أو لا يعرف أو لا يستطيع.

3- طموح الطفل: علينا أن نتيح الطفل تحقيق طموحه ولكن باعتدال، فالطموح القابل للتحقق ضمن حدود ذكاء الطفل وإمكاناته يجعله يتطلع إلى طموح جديد، وأما الطموح الكبير الذي لا يتحقق فإنّه يشعره بالفشل والخيبة، فالنجاح يحي النجاح والخيبة تحي الخيبة، وعلينا ألا نستهزئ أو أن ننتقص من الطفل أو نقوم بتجريحه بالكلام أو نقوم بتفضيل آخرين عليه وما شابه، فهذه الأساليب تجعل الطفل يكره العلم والتعلم ولو بشكل خفي، كما يجب اختيار اللعب المناسبة لقدرات الطفل يتمكن الطفل بنفسه من اللعب بهذه اللعب، وعلى الأهل الإجابة عن أسئلة الطفل واستيضاحاته.

 

4- دور الأسرة في بناء الشخصية الاجتماعية:

يقول المختصون: إنّ بناء الشخصية الاجتماعية لابدّ له من أمرين حتى يصبح لديك طفل اجتماعي.

أوّلاً: أشبع حاجات ابنك النفسية.

ثانياً: أعد ابنك لممارسة الحياة المستقبلية.

كيف تربي ابنك اجتماعياً حتى يكون قادراً على التفاعل مع المحيط، ويستطيع أن يطلب حقه ويعطي غيره حقه دون أن يظلم أو يُظلم، ويكون له دور فعّال في المجتمع؟

1- حاجة الاحترام:

-         إنّ إشباع حاجة الاحترام يعني قبول الطفل اجتماعياً وزرع الثقة به واكتساب ثقته، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة في احترام الطفل، فقد كان يقوم (ص) على الصبيان ومناداتهم بكنى جميلة واحترام حقوقهم في المجالس، حيث استأذن النبيّ (ص) الغلام أن يُعطى الأشياخ قبله، وكان هو الجالس عن يمين الرسول.

-         كما لابدّ أن يكون الاحترام نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء، فالطفل وإن كان صغيراً فإنّه يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء، وإضافة إلى السلام عليه ومناداته بأحب الأسماء واحترام حقوقه، يجب الإجابة عن أسئلته وسماع حديثه وشكره إذا أحسن والدعاء له والثناء عليه وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه.

-         على المربي أن يتقبل فكرة وقوع ولده في الخطأ، وأن يتذكر أنّ الخطأ ربما كان طريقاً للنجاح واستدراك الفائت، فلا يشنّع عليه ويتيح له فرصة الرجوع والتوبة ليستعيد توازنه النفسي، فالدراسات تشير إلى أنّ الأسوياء كان آباؤهم يتلفتون إلى محاسنهم ويمدحونهم على أعمالهم الحسنة أكثر من نقد الأخطاء، ويشاركونهم في اللعب والعمل كالأصدقاء.

-         وإذا فقدت هذه الصداقة وجدت الطفل في مراهقته يتعلق بزميل أو معلم أو قريب، وقد يكتسب خبرات سيئة كان الأولى أن يكتسبها من والده أنّ الصداقة عقدت بينهما.

-         كما أنّ احتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته والرغبة في العزلة ومن جهة أخرى يقوّي صلته برفاقه الذين يعجبون به، وقد يكون هؤلاء رفقة سيئة فينساق وراءهم وينحرف، والواقع يشهد بمئات الأمثلة.

2- الشعور بحب الاستقلال:

-         يبدأ الشعور بحب الاستقلال عند الطفل في سن مبكرة، فهو يحاول الاعتماد على نفسه في تناول الطعام وارتداء الثياب وعلى المربي أن يساعده على الاستقلال والاعتماد على النفس، وسيكون ذلك أمراً صعباً يحتاج إلى صبر، وينبغي ألا تقدم له المساعدة إلا إذا كان العمل عسيراً لا يستطيعه، ويستمر في ذلك في كلّ حاجاته وأعماله، مما يدعم ثقته بنفسه ويسهل تكيفه مع المجتمع.

-         يعتبر من أهم الحاجات النفسية، وتختلف وسائل إشباع هذه الحاجة من مرحلة لمرحلة، ففي مرحلة الطفولة المبكرة يلذ للمربي ملاعبة الطفل وترقيصه ومداعبته بأرق العبارات وتقبيله وضمنه، وبعد أن يبلغ خمس سنوات يحب الطفل أن يجلس قريباً من الوالدين أو يضع رأسه على فخذ أحدهما أو يقبلهما أو غير ذلك، بل إنّه تشتد حاجته تلك عند رجوعه من المدرسة أو من مكان لم يصحب فيه والديه أو عند وجود مشكلة خارج البيت أو داخله.

-         وعدم إشباع هذه الحاجة يؤدي إلى عدم الثقة بالنفس، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر، بل يعتبر الحرمان من الحب أهم أسباب الإصابة بمرض الاكتئاب في المستقبل، ومن الناحية الاجتماعية تحدث فجوة بين المربي والطفل عندما لا تشبع حاجته إلى الحنان فيحسن الطفل بالانقباض تجاه والديه ويستقل بمشكلاته أو يفضي بها للآخرين دون والديه، ويصبح عنده جوعة عاطفية تجعله مستعداً للتعلق بالآخرين، والتعلق يتخذ صوراً كالإعجاب والحب المفرط المؤدي إلى العشق المحرم والشذوذ الجنسي؟

3- حاجته إلى اللعب:

إنّ ما يحققه اللعب من فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية للطفل تجعله من الحاجات الضرورية لبناء نفسية الطفل، وفوائده تجتمع في:

1-  استنفاد الجهد الفائض والتنفيس عن التوتر الذي يتعرض له الطفل، فيضرب اللعبة متخيلاً أنّه يضرب شخصاً أساء إليه أو شخصاً وهمياً عرفه في خياله وفيما يحكى له من الحكايات.

2-  تعلم الخطأ والصواب وبعض الأخلاق كالصدق والعدل والأمانة وضبط النفس عن طريق اللعب الجماعي، وبناء العلاقات الاجتماعية، فيتعلم التعاون والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين، كما يتعلم لعب دوره المستقبلي.

3-  يدل اللعب بكثرة على توقّد الذكاء والفطنة ويساعد على نمو العضلات وتجديد النشاط، وتنمية المهارات المختلفة ولكن هل ذلك يعني أن نترك أبناءنا يلعبون دون ضوابط مما لا شك فيه أنّ هناك ضوابط عدة للعب.

 

 الكاتب: د جمال ماضي

المصدر: كتاب دليل الآباء والأُمّهات في تربية الأبناء

تعليقات

  • 2020-09-21

    cherif

    شكرا لمجهوداتكم

  • 2022-11-10

    مهى

    شكرا لي جهوديكم

ارسال التعليق

Top