عندما يختفي الحوار تتفاقم المشكلات، ويصعب علاجها، وتودي بحياة ومستقبل فلذات أكبادنا، ونتعامل مع أبناء لا يشبهوننا، ويحملون قيماً غير قيمنا، ومفاهيم غير مفاهيمنا؛ يكفرون بالقديم والأصول، ويصبحون نبتّاً ممسوخاً لا هدف له ولا هوية، فلا نفخر بانتسابهم إلينا وحملم لأسمائنا.
وعندما يختفي الحوار نفتقد الترابط الأسري؛ والعلاقات الدافئة بين أبناء الأسرة الواحدة؛ وإذا كان الحوار ينمي في أبنائنا منهجية التفكير وطريقته؛ لأننا نطلعهم ونتناقش معهم في المبررات التي دعتنا لإتخاذ القرارات، فإن اختفاء الحوار يسم أبناءنا بالسلبية وغياب الحقائق، والتعود واتخاذ قرار بشأنها، وعدم رضا كل من الآباء والأبناء على القرارات المتخذة.
وعندما يختفي الحوار تضعف الصداقة بيننا وبين الأبناء، ويختفي الصدق والصراحة بيننا وبينهم، ولا نعلم عن مشكلاتهم شيئّاً، ونترك مكانناً شاغراً لهم للبحث عن بديل، مناسباً كان أو غير مناسب.
وعندما يختفي الحوار يفتقد الأبناء الثقة فينا، إنهم لم يروا ما كان يجب أن يروه من خلال الحوار من تمتع الأب بكم هائل من الخبرات والمعارف الحياتية التي كان يمكنهم استصحابها والاستفادة منها، ويصبحون كالفراشات التي يجذبها الضوء، ويفتقدون توجيهنا، ويصبح توجيهنا لهم مكروهاً مملاً غير ممتع لهم، ويكثرون الاعتراض على آرائنا وتوجهاتنا، وتتعمق الفجوة بيننا وبينهم، ويطوون أسرارهم داخل حنايا صدورهم، وينفدون مايرونه صحيحاً من وجهة نظرهم دون الرجوع إلينا، ومن ثم يسود الانحراف واللامبالاة حياتهم، وقد يترتب على ذلك مساوئ صحية ونفسية تلحق بهم، ولا نملك إزاءها قدرة على العلاج.
وعندما يختفي الحوار يكونون عرضة لتأثير الآخرين وأصدقاء السوء، ويفتقدون قواعد البر، ومن ثم لا يهتمون كثيراً برضاء آبائهم أو عدم رضائهم، فقد افتقدوا من قبل بإختفاء الحوار والإحساس بتوحد المشاعر والعواطف بينهم وبين الأبناء، وسيادة مشاعر الرهبة والخوف، وإختفاء التفتح والنقاش الهادئ، وسيادة مشاعر الإحباط والسير بغير هدى. كلّ هذه النتائج وغيرها هي ما يراه الآباء عندما يختفي الحوار بينهم وبين الأبناء.
وما يسعد له المرء سعة إدراك الوالدين لحجم المشكلات المترتبة على اختفاء الحوار بينهم وبين الأبناء؛ مما يعكس فهماً للمسألة، كما يساعد ذلك بطبيعة الحال على تعديل السلوك والصبر على العلاج.
محمد أحمد عبدالجواد (خبير تطوير إداري.. وتنمية بشرية)
المصدر: كتاب كيف تحاور أبناءك وتستمتع بهذا الحوار
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق