المطلب الثاني- ما لا يحبه الله:
1- الكفر:
العامل الأوّل من عوامل افتقاد محبة هو أن يكون الإنسان مبتلى برذيلة (الكفر). وهذه الرذيلة، بجميع مظاهرها وتجلياتها الفكرية والأخلاقية والسلوكية، تمثِّل التحدي الأشد لحقائق الوجود التي تؤكد بأجمعها أنّ الله تعالى هو الخالق والمالك والمولى... (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (الإسراء/ 44).
وقال الشاعر:
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ *** تدل على أنّه واحدُ
لهذا كان الكفرُ هو المبغوض الأوّل، قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (الرّوم/ 43-45).
والآية الكريمة تبيِّن بوضوح أنّ كفر الكافر لا ينقص من ملك الله شيئاً ولا يغير من حقائق الوجود ذرةً، وإنما هو يلحق الضرر المباشر وغير المباشر بصاحبه، وأوّل تلك الأضرار وأشنعها فقدان محبة الله وما يترتب على هذه المحبة من وجوه الحرمان، ومنها أن يوفق الإنسان لبناء حضارة إنسانية الذي من لوازمه حسن التفكير والتدبير، وهذا لا ينسجم مع الكفر لأنّه أجلى مظاهر سوء التفكير والتدبير لإدارة شؤون الذات فكيف بما هو خارجٌ عنها.
وقد تسأل عن الطريق الذي يؤدي الإنسان إلى أن يكون محبوباً وخلافه ليكون غير محبوب، لأجابك القرآن بقوله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (آل عمران/ 31-32).
فلكي يحبك الله يلزمك الالتزام فكرياً وعملياً بمنهج رسول الله (ص)؛ أي سنته، لتنال مكافأتين اثنتين:
الأولى: حب الله تعالى، بكلّ ما يعنيه من ولايته ورعايته لك وحمايتك وتجنيبك ما يضرك ويشينك.
الثاني: غفران الذنوب وما يترتب على ذلك من محو الآثار السلبية لكلّ خطأ وخطيئة.
ولو لم تلتزم بهذا المنهج بأن تطيع الله تعالى بطاعة رسوله (ص) فإنّك تكون متولياً ومعرِضاً بوجهك عن الحقّ والحقيقة وستكون متنكِّراً لأوضح الواضحات، وذلك هو (الكفر)، وعليك تحمّل أشد آثاره خطورة وهي أنّ الله لن يحبك نعوذ به سبحانه من ذلك.
2- الاستكبار:
(الاستكبار) هو العامل الثاني من عوامل افتقاد محبة الله، وهو في حقيقته نتيجة للعامل الأوّل أعني الكفر، كما أنّه سببٌ له من زاوية أخرى. قال تعالى: (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (النحل/ 22-23).
والاستكبار يعني: الترفع والاعتداد بالذات أمام حقائق فكرية وسلوكية واضحة، وإلّا فما معنى أن ينكر الإنسان ما أخبر خالقُهُ بوجوده من جهة وما تقتضيه عدالته حيث يقتص من المذنب والظالم؟! وهل يستحق اتباع الشهوات أن يتنكر للواضح وينكره بقلبه؟!
3- الظلم:
ثالث العوامل الموجبة لسخط الله وبغضه أن يكون الإنسان ظالماً، والظلم كما هو واضح مراتبٌ وأشكال.
غير أنّها تجتمع في أنّها ظلم للنفس أوّلاً، ثم قد تكون مع ذلك ظلماً للخلق، أو للخالق، أو لهما معاً، أو للثلاثة جميعاً.
أ) فمثلاً ظلم بنو إسرائيل أنفسهم بالتنكر للتوحيد والقول بالتجسيم، ونكران جمل الله، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (البقرة/ 54-57).
ب) ووقع الظلم الكبير ممن حال بين المسجد وأدائه لدوره، وبين بين أن يرتاده عباد الله، قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة/ 114).
ت) ووقع في ظلم قبيح مَن تعدى على الأيتام القاصرين بأكل أموالهم بغير حقّ، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (النساء/ 10).
وعلى أي حال، فالظلم بجميع صوره موجب لحرمان العبد من محبة الله، قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران/ 56-57).
4- الفساد:
الرؤية التوحيدية – كما قدمنا – تقوم على القسط والعدل، لذلك فإنّها تحرِّم وتجرِّم جميع أشكال التعدي وسلب الحقوق، وهذا لا يحصل عادة إلّا بعد أن يتغلغل (الفساد) في العقل والنفس، وهو يعني: انحراف المخلوق عما خلق من أجله، أي عن فلسفة وجوده.
ورذيلة (الفساد) هذه قد تتمظهر في قوالب عديدة، منها:
أ) الفساد السياسي، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة/ 204-205). ولهذا النوع من الفساد آثاره المدمرة في غير صعيد.
ب) الفساد الاجتماعي، قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (المائدة/ 64). ولهذا النوع من الفساد أيضاً آثار مدمرة، خصوصاً في المجال السياسي والاقتصادي والأخلاقي.
ومقولة (الفساد) رذيلة معرفية وأخلاقية وسلوكية تستوجب أن يكون ممارسُها مبغوضاً، كما صرّحت بذلك الآيتان الكريمتان.
5- الخروج عن الضوابط الشرعية:
لا مجال في البناء الحضاري التوحيدي لأن يمارس الموحِّد دوره في الحياة بعيداً عن مقتضيات رؤيته التوحيدية التي يجب أن تكون منطلَقاً وقاعدةً لأفعاله وأقواله، فالغايات يجب أن تكون مشروعة وكذلك الوسائل، فليس من حقه استخدام وسائل (غير شرعية) في سبيل تحقيق غاياته (المشروعة)، وإلّا كان معتدياً مبغوضاً من قبل الله تعالى، فالمجاهد في سبيل – مثلاً – هو في صدارة قافلة المرضي عنهم، لأنّه أبدى استعداداً لتقديم أغلى ما يملك، وهو نفسه، في طريق نصرة الله ودينه، مع ذلك فإنّ هذا المجاهد نفسه سيكون مبغوضاً لله لو أنّه اعتمد وسائل غير مشروعة في تحقيق مقاصده النبيلة، قال تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة/ 190).
فالرؤية الحضارية – إذن – تفرض أن يكون أساسها مبنيّاً على القرب من الله، وهذا يتوقف على محبته، الأمر الذي يعني أن لا نكون (معتدين).
6- الإسراف:
(الإسراف) هو: استعمال نعم الله تعالى بأزيد مما تقتضيه الحاجة. وهي رذيلة أخلاقية تؤثر في حياة الفرد والمجتمع على حد سواء، وهو سلوك يؤدي بصاحبه إلى البعد عن الله والحرمان من توفيقه.
والرؤية الحضارية التوحيدية لا تسمح بمثل هذا التصرف لأنّ فيه تضييعاً للنعمة وخيانةً للأمانة وتفويتاً لكثير من المنافع، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأنعام/ 141).
7- الفساد الاقتصادي (الربا):
البناء الحضاري كما يقتضيه التوحيد يفرض أن تكون العلاقات بين الناس قائمة على قواعد ومبادئ، منها:
أ) (العدل) الذي يعني إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه.
ب) (المحبة) التي تعني: احترام خلق الله والشعور بالمودّة تجاههم لأنّه نظائر في الخلق.
ت) (المسؤولية) التي تعني: القيام بما يلزم تجاه الخلق للرقي بهم والدفاع عن المظلوم منهم.
وهذه المبادئ تفرض أن يراعي كلّ واحد احتياجات الآخرين من جهة، وظروفه من جهة أخرى. ومن هنا، فإنّ الربا بشقيه (القرضي، والمعاملي) موجب لسخط الله تعالى، لأنّه يكشف عن حالة، الانتهازية والأنانية لا تلتقي وروح التوحيد الذي يستبطن الرحمة. قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة/ 275-276).
ثمّ إنّ الربا هو مظهر لفساد اقتصادي لا يمكن أن تُشيَّد حضارةٌ حقيقيةٌ وهو حاضرٌ فيها.
8- الاختيال والفخر:
الحضارة التي تقوم على أساس التوحيد تستبطن في أعماقها (الروح الأخلاقية) وبالتالي فلا يمكن أن نبني حضارة إنسانية راشدة دون أن يتحلى المنتمون إليها بهذه الروح، وإذا افتقدناها خلت قلوبنا من حب الله تعالى وحُرمنا توفيقَهُ وعونَهُ وتسديدَهُ، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا) (النساء/ 36)، وقال تعالى: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (الحديد/ 23).
9- الخيانة:
من عوامل حفظ محبة الله لنا وحبنا له أن لا نقع في رذيلة (الخيانة)، وهي: عدم الوفاء بمقتضى العقود التي التزمنا بها، قال تعالى: (وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) (النساء/ 107)، وقال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال/ 58).
ولا فرق في قبح الخيانة بين أن يتملّص الإنسان من التزاماته تجاه الخالق أو الخلق. وبذلك يتسع معنى الخيانة ليستوعب الشؤون الفردية والعامّة، والمسائل الأخلاقية والتشريعية...
فالتوحيد – إذن – يبعث في نفوس الناس الاستقرار والاطمئنان بأنّ الموحِّد الصادق لا يُخشى جانبه فهو مأمولٌ خيرُهُ مأمون شرُّهُ.
10- هتك حرمات الناس:
وآخر العوامل التي نذكرها هنا كمانع من موانع محبة الله هو أن لا يراعي الإنسان حرمات الآخرين، فيقع فيهم فعلاً؛ بالضرب والقتل ونحوهما، أو قولاً بالغيبة والنميمة والسب ونحو ذلك، دون أن يكون شيءٌ من تلك الأفعال أو الأقوال مبرّراً ومشروعاً كما هو مسطور ومذكور في كتب الفقه والأخلاق، قال تعالى: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) (النساء/ 148).
ومن فعل ذلك فقد وقع في مكروه الله ومبغوضه الأمر الذي يعني أنّ ذلك قد يسري إليه نفسه فيكون غير محبوب لله تعالى وذلك يستلزم سلب التوفيق، فكيف يكون مثل هذا أميناً على بناء حضارة إنسانية أو مجتمع راشد.
المصدر: كتاب دور التوحيد في بناء المجتمعات والحضارات (رؤية قرآنية)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق