هذه هي البداية الفاعلة للتأثير، إذ من لم يخطط لنفسه ولم يحدد اتجاهه ويوجه بوصلة حياته فسوف يتيه في دنياه، وتتشعب به المسالك، ويطول به الطريق، وربما يراوح في مكانه دون أن يشعر، وقد ينتهي بما بدأ به.
وعند تحديد بوصلة التأثير ينبغي لصناع التأثير ومهندسي الحياة مراعاة الأمور العشرة التالية:
1- اعلم أنّ الرؤية ما هي إلّا صورتك في المستقبل أو ما تود أن تكون عليه في المستقبل، لذا لابدّ من تحديدها بوضوح، إذ إنّ الكلام العام أو المائع أو المتشابه غير المحكم أو الزئبقي الذي يصعب ضبطه وتحديده وقياسه، كلّ ذلك لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يوصل صاحبه إلى مبتغاه.
نحن بحاجة إلى رؤية دقيقة محددة محكمة، لا ندع فيها مجالاً كبيراً للتحايل أو لسوء الفهم من قبلنا أو من قبل الآخرين، إذ إن كلمة واحدة قد تختلف الأفهام في فهمها.
إنّ بعض الناس إذا أرادوا تحديد رؤيتهم لأنفسهم جاءوا بكلمات عامة غير واضحة ولا محددة، كأن تكون رؤيتهم لأنفسهم: أريد أن أكون عالماً أو مثقفاً كبيراً، أود أن أكون إعلامياً بارزاً، أو أرغب في أن أكون سياسياً محنكاً، أو غير ذلك.
والصحيح أنّه ينبغي أن تكون الرؤية أكثر تحديداً، فبدلاً من: أريد أن أكون عالماً كبيراً، تكون الرؤية: أريد أن أكون عالماً إسلامياً، متخصصاً في الفقه الإسلامي، وبالأخص فقه المعاملات، وأن تكون لدي عشرات المؤلفات والمقالات في هذا المجال، وأن أكون محاضراً متمكناً، وخطيباً مؤثراً، ومستشاراً معتمداً لدى العديد من المؤسسات العلمية والمجامع الفقهية، وأن يمتد تأثيري ليشمل الجزيرة العربية.
2- حدد الأهداف التي توصلك إلى رؤيتك، واحرص على أن تكون لديك مؤشرات للنجاح تتوافر فيها مواصفات خمس رئيسة يمكن جمعها في كلمة ذكي وهي كما يلي:
1- محددة وواضحة .
2- مقاسة .
3- متفق عليها .
4- واقعية .
5- محددة بوقت .
3- حدد أولوياتك بدقة، وتجنب أن تجعل كلّ أعمالك واهتماماتك أولويات، فتميع أولوياتك وتذهب ريحها.
4- ركِّز على مجال واحد (أو مجالين) تتخصص فيه، واحذر أن تشعب نفسك في مجالات كثيرة، ولا تجعل من نفسك سوبرمان وأنت لست كذلك.
5- ينبغي أن تتوافر في الرؤية التي ترسمها لنفسك الواقعية والطموح في آن واحد، فهي رؤية واقعية يمكن تحقيقها وليست خيالية، كما أن فيها قدراً من الطموح الذي يولد لديك التحدي ليدفعك إلى مزيد من الجد والاجتهاد.
6- ضع الوسائل والبرامج التي توصلك إلى الأهداف التي رسمتها لنفسك، مع ضرورة برمجتها زمنياً حتى لا يتمطط الوقت ويضيع سدى.
7- لا يكفي أن تكون لديك رؤية واضحة وأهداف ذكية بل ينبغي أن يتبع ذلك برامج عملية واضحة يمكن بها تحقيق أهدافك التي بها يمكنك تحقيق رؤيتك، وهذا يتطلب توفير بعض المستلزمات الرئيسة لتحقيق الأهداف كتغيير الوظيفة أو الاستعانة بسكرتير أو سائق أو تقليل عدد ساعات النوم (من تسع ساعات إلى ست ساعات مثلاً) أو عدم النوم بعد صلاة الفجر أو إنشاء مؤسسة أو تعلم مهارة أو غيرها. كما يتطلب ذلك تغيير كثير من الأعمال النمطية والبرامج الروتينية وفي هذا يقول أنشتاين: "من السذاجة أن نعمل نفس الشيء بنفس الطريقة ثمّ نتوقع نتائج مختلفة".
8- بعد تحديد رؤيتك وأهدافك بوضوح لابدّ لك من كتابتها، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن (80%) من الذين يحددون أهدافهم ويكتبونها يتمكنون من تحقيقها، في حين أن (20%) فقط من الذين يحددون أهدافهم لكنهم لا يكتبونها يتمكنون من تحقيقها.
9- احفظ رؤيتك وأهدافك، واجعلها في جيبك وأمامك وفي كلّ مكان، واقرأها باستمرار لتكون ماثلة في ذهنك غير غائبة.
10- استعن بالله دائماً وأبداً وتوكل عليه، واسأله أن يحقق مرادك ويسهل أمرك وييسر سبيلك لتحقق رؤيتك ولتصل إلى أهدافك، واحذر أن تتوكل على جهدك وعلمك وقوتك، فالمخذول من وكل إلى نفسه. ومن دعاء النبيّ (ص): "اللّهمّ رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلّا أنت".
ويقول الإمام حسن البنا – يرحمه الله –: "والله إني لا أخشى عليكم الدنيا مجتمعة ولكن أخشى عليكم أمرين اثنين: أن تنسوا الله فيكلكم إلى أنفسكم، أو تنسوا أخوتكم فيصبح بأسكم بينكم شديداً".►
*رئيس مركز التفكير الإبداعي
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق