• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

معونة الصديق.. تُعوّض الحريق

معونة الصديق.. تُعوّض الحريق

قيل إنّ تاجراً  كبيراً نُكِبَ بحريقٍ هائلٍ شبّ في مخازنه التجارية، فأتى عليها وخلّفها رماداً، فأكلت النِّيران بذلك ثروته كلّها.

تألّم التّجّار من أصدقاء التاجر المنكوب لما حَلَّ بصاحبهم من كارثةٍ وخسائر جسيمة، وراحوا يُظهرون له الأسى والحزن والأسف لما أصابه.

وتناوبوا على إيقاع خطب (التّعزية) بالثروة المحترقة، فكان كلُّ تاجرٍ يأتيهِ الدّورُ يختم بقوله: وإنّي لأشاركُ أخي العزيز بمصابه الأليم!

وقد فطنَ أحدُ التّجّار الذين لم يأتِ دوره للتعزية بعدُ، إلى أنّ مواساة التاجر المنكوب باحتراق مخازنه وذهاب ثروته. لا تُعوِّضهُ عن خسارته شيئاً، كما قال ذلك الشاعر:

وكلُّ ما في الأرضِ من فلسفةٍ *** لا تُعزِّي فاقِداً عمّن فقدْ

فقامَ وبيدهِ كيسٌ من النقود، وقال: وإنِّي لأشاركُ أخي العزيز في مُصابه الأليم بعشرة دنانير!!

ثمّ التفتَ إلى الذي جواره، قائلاً: وأنتَ بِكَمْ تُشارِك؟

فقال: بعشرة، وهكذا فتحَ باب الإكتتاب ليجتمع مبلغٌ من المال يُمكِّن التاجر المُتضرِّر من الحريق أن يعيد بناء ثروته المحترقة من جديد!

 

الدّروس المُستخلَصة:

1-  كلمات المُواساة (تُطيِّب) الخاطر، ولكنّها (لا تُطيِّب) الجروح، وهي مطلوبةٌ في حال تعذّرت أو انعدمت المُواساة الفعلية.

قال الشّاعر:

لا خيل عندكَ تُهديها ولا مالُ *** فليُسعفُ النُّطق إن لم يُسعِف الحالُ!

2-  المُبادرة بالدّعم المُباشر العلنيّ قد تكون سبباً من أسباب حثّ وتحريض الآخرين على الإحتذاء حذو المُبادِر المُباشِر، فكما أنّ الشرّ (عدوى) فكذلك الخير (عدوى).

3-  "لا تستح من إعطاء القليل، فالحرمان أقلّ منه".. قد يقول قائل: وما يصنع التاجر بالعشرة دنانير، وينسى أنّ البحر مِدادُهُ من نُقَط، وأنّ القليل إذا أُضيفَ إلى القليل أصبحَ كثيراً.

ارسال التعليق

Top