• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

من خلف الجدران

من خلف الجدران

العاجز المتفائل خير من المقتدر المتشائم، فالتفاؤل قد يحول عجز الأوّل إلى اقتدار.

في أحد المستشفيات كان هناك مريضان هرمان في غرفة واحدة، كلاهما معه مرض عضال، كان أحدهما مسموحاً له بالجلوس في سريره لمدة ساعة يوميّاً بعد العصر، ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة، أما الآخر، فكان عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت، كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام دون أن يرى أحدهما الآخر، ولأن كلاً منهما  كان مستلقياً على ظهره ناظراً إلى السقف تحدثا عن أهليهما وعن بيتيهما وعن حياتهما وعن كلّ شيء...

وفي كلّ يوم بعد العصر كان الأوّل يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب وينظر في النافذة ويصف لصاحبه العالم الخارجي، وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأوّل لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية، وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج، ففي الحديقة  كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط والأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء، وهناك رجل يؤجر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة والجميع يتمشى حول حافة البحيرة، وهناك آخرون جلسوا في ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة ومنظر السماء كان بديعاً يسر الناظرين.. وفيما يقوم الأوّل بعملية الوصف هذه ينصت الآخر في ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع، ثمّ يغمض عينيه ويبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى.

وفي أحد الأيّام وصف له عرضاً عسكريّاً، ورغم أنّه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنّه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه له.

ومرّت الأيام والأسابيع وكلّ منهما سعيد بصاحبه، وفي أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل، ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة فحزن على صاحبه أشد الحزن.

وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة، ولما لم يكن هناك مانع فقط أجابت طلبه، ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده ولكنه قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة وتحامل على نفسه وهو يتألم، ورفع رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعه ثمّ اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر إلى العالم الخارجي، وهنا كانت المفاجاة!! لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية.. نادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها؟ فأجابت: إنها هي!! فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة فتعجب الرجل كثيراً، ثمّ سألته عن سبب تعجبه فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له كانت تعجب الممرضة أكبر إذ قالت له: ولكن المتوفى كان أعمى ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم، ولكن لعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تصاب باليأس فتتمنى الموت.

·      من التفاؤل يولد الأمل

·      ومن الأمل يولد العمل

·      ومن العمل يولد النجاح

·      ومن يملك الأمل يملك دائماً سفينة يمخر بها عباب البحر.

·      والناس نوعان: واحد يُسعد الناس أينما ذهب وواحد يسعد الناس إذا ذهب.

ارسال التعليق

Top