• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

في ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك

عمار كاظم

في ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك

بين سجون صغيرة، ومعتقلات كبيرة، وربّما لم يشهد التاريخ يوماً أنّ شعباً بأكمله كالشعب الفلسطيني ناضل دوماً من أجل الانتصار لقيم المساواة، والكرامة الإنسانية، والعدالة، وتكريس حقّهم في تقرير المصير، وإنهاء آخر نموذج عالمي لاحتلال استمر لعدة عقود وسبّب المزيد من المعاناة لملايين الفلسطينيين. بين ملفات الشعب الفلسطيني لابدّ من أن نتوقف عند ذكرى إحراق المسجد الأقصى، التي أظهرت حقد العدوّ على هذا المسجد، ونيَّته العمل على إزالة معالمه، المسجد الأقصى الذي بارك الله تعالى ما حوله ببركته، حين قال عزّوجلّ: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء/ 1). فالصلاة فيه محلٌ لنزول بركات الله تعالى فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «ائتوه فصلوا فيه فإنّ الصلاة فيه كألف صلاة فيما سواه». وأكّد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على بركة هذا المسجد المقدس حينما سُئِل عمّن لا يستطيع إتيانه للصلاة فيه فأجاب: «فليهده زيتاً يُسرَج فيه، فمن أهدى إليه شيئاً كان كمن صلى فيه».

ما المطلوب؟

- مطلوب أوّلاً وأخيراً من الشعب الفلسطيني أن يوحّد صفوفه ويتمسّك بثوابته الشرعية ويدافع عنها، وينبذ الخلاف ويقف صفاً واحداً في مواجهة الاحتلال والمتغيّرات العالمية والثبات على نهجِ الوحدة القائم على الشريعة الإسلامية؛ الوحدة التي لا يذّل فيها مظلوم، ولا يشقى معها مَحروم، ولا يعبَث في أرضِها باغ، ولا يتلاعب بحقوقِها ظالم .

- مطلوب من المجتمع الدولي الخروج عن صمته، والقيام بواجباته الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني وتوفير احتياجاتهم الأساسية، وتوفير الحماية الدولية لهم ولممتلكاتهم.

- مطلوب منّا معرفة أسباب النصر على أعدائنا: (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمّد/ 7)، يعني إن تنصروا دينه ورسالته وأولياءه وكلّ القضايا التي يحبّها الله ويرضاها، ومن هذه القضايا أن يكون الإنسان عزيزاً في نفسه وأرضه، وأن تكون العزّة للمؤمنين جميعاً، أن يكون الإنسان حرّاً لا يستعبده أحد، فهو ليس عبداً إلّا لله، ومن الطبيعي أنّ الله الذي أراد للإنسان أن يكون حرّاً في إرادته وقراره، أراد له أن يكون حرّاً في بلده وأرضه، بحيث لا يسمح لأحد أن يسيطر عليها ليحكمه بالباطل من خلال ذلك، ليفرض عليه قراراته ووسائل الذل، وقد قال الإمام عليّ (عليه السلام) وهو يخاطب كلّ واحد منّا: «لا تكن عبدَ غيرك وقد خلقك اللهُ حرّاً».

- مطلوب من الشعوب الإسلامية في العالم أن تقدّم المزيد من الدعم والمآزرة لإخوانهم، فنصرة الشعب الفلسطيني نصرة للمسلمين وأرضهم وعزتهم وكرامتهم.

إنّ مواجهة ذلك الواقع الأليم يتطلب من الفلسطينيين، ومن كافّة المؤمنين، أن يستمروا في نضالهم من أجل الانتصار للضحايا والدفاع المستمر عن حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية المتأصلة في بني البشر جميعاً. إنّ المطلوب من الدول والجهات العربية والإسلامية وفي ظل الصراعات المدمرة التي تعيشها المنطقة، أن تتّعظ بعبرة السنوات الماضية التي اثبتت عقم الرهان على انتصار لهذا الفريق أو هزيمة لذلك الفريق، وأكّدت أنّ اللعبة الدولية تريد استنزاف الأُمّة ببشرها وعمرانها ومواردها حتى يسهل إخضاعها لكلّ القوى العدائية. إنّ هذا الواقع الدامي يفرض على جميع القوى العربية والإسلامية المخلصة أن تعمل على إصلاح ذات البين، ليعود السلام والأمن إلى ربوع العالم الإسلامي، ولحماية هذه الأُمّة من الأنهيار. الله تعالى تحدّث عن آجال الأُمم كما تحدّث عن آجال الأفراد: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف/ 34).

ارسال التعليق

Top