• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

طلب الرزق.. عبادة خالصة

عمار كاظم

طلب الرزق.. عبادة خالصة

جاء الدين الإسلامي كدين شامل ليوضح مجالات حياة الإنسان المختلفة دون إهمال أيّ جزء منها، ومن المجالات التي عني الإسلام في توضيحها هو مجال العمل، والواجبات التي يجب على المسلم تحقيقها من أجل القيام بعمله على أكمل وجه دون تقصير أو تكاسل، كما جعل الإسلام العمل عبادة من العبادات التي يقترّب فيها المسلم من ربّه طلباً لرضا الله تعالى وطمعاً في دخول الجنّة.

العمل في الإسلام: هو الذي لا يتنافى مع أحكام الإسلام وشريعته وسنته، ويكون الهدف الخالص منه رضا الله تعالى، مع التزام المسلم بالقيمة الإيمانية التي تحركه نحو الالتزام بالعمل بكفاءة وأمانة، كما يعرّف العمل في الإسلام بكونه تكليف من ربّ العالمين للمسلمين بهدف تحقيق عبادة الله على الأرض بالأعمال الحسنة، مع ضرورة القيام بها لما لها من قيمة كبيرة في استمرار حياة الإنسان وتوفير احتياجاته بشرف ونزاهة، الأمر الذي جعل من قيمة العمل الصالح والنزيه الذي تتحقق فيه الشروط السابقة كقيمة الجهاد إلى الله، أمّا الهدف الأساسي للعمل في الإسلام فيتمثّل في تحقيق التنمية الاقتصادية للمسلمين والأُمة الإسلامية.

والعمل الذي حث عليه الإسلام هو العمل الذي يبتعد عن كلّ مكروه وحرام ضمن شريعة الإسلام، مع الالتزام بالقيام بالأعمال الواجبة التي أمرت بها الشريعة الإسلامية، وهو العمل الذي فرض على كلّ فرد مسلم بالغ عاقل، وذلك لكون السعي بحثاً عن الرزق أمر مهم لبقاء الإنسان حياً، مع كونه قادراً على العمل، بحيث لا يتسبب العمل بهلاكه. مثل الأعمال التي تقع ضمن مجالات الحياة والتعليمية والإدارية.

يعتبر العمل وسيلة ليستفيد الانسان من قدراته ومهاراته وتنميتها. يعود العمل بالنفع المادّي على الإنسان، ويُعّد مصدراً رئيسياً للرزق. يساعد على تحقيق حياة كريمة. التشجيع على إقامة العلاقات الاجتماعية. يعتبرُ مصدراً من مصادر السعادة. يُلبّي العمل حاجات المجتمع من جميع النواحي (الإنتاج والاستهلاك). المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إشباع حاجات الأفراد النفسية والفكرية والاجتماعية وغيرها.

قال رسول الله (ص): "ما أكل أحدٌ طعاماً قطُّ خيراً من أن يأكل من عمل يده، وأنّ نبيّ الله داوود (ع) كان يأكلُ من عمل يده". برز اهتمام الإسلام بالعمل في عدّة مواضع، فورد ذكره في القرآن الكريم والسّنة النبوية، وجاء اهتمام الاسلام بالعمل والحثّ عليه انطلاقاً من أهميته البالغة ودوره في حياة الفرد والمجتمع معاً.

وفي الحديث النبوي الشريف السابق وضّحَ رسول الله (ص) مدى هذه الأهمية التي تحثُّ العبد على المِضيِ قُدُماً وضرورة الكسب الحلال لضمان حياة كريمة له، كما استدّل بخير مثال ضربه عن نبيّ الله داوود (اع) بالعمل. وفي الذكر الحكيم أمر الله سبحانه وتعالى صراحة عباَه بالسعي في مناكب الأرض بحثاً عن الرزق، وحذّر من التقاعس عن العمل والتكاسل، كما وحذّر الإسلام من الاتكالية على الغير في تأمين القوت والحياة الكريمة، فقد ذمّ الإسلام القعود عن العمل والتواكل واعتبره بمقام المهانة والمذلّة للإنسان في الحياة الدنيا، خاصّة إذا كان له لديه القُدرة على العمل وتقاعسَ عنه بإرادته. ومن صور اهتمام الاسلام بالعمل فقد وضع أُسساً لأخلاقيات العمل ومفهومه وأبعاده، ولم يغضّ الطَّرْف عن كل جوانب العمل في الإسلام، ومن أهم الأخلاقيات التي حددها الإسلام: الاهتمام بحقوق العُمّال، ومنها: مناسبة الأجر مع ما يبذلُه العامل من جهد. عدم المماطلة في دفع الأجر للأجير. أن يكون العمل مناسباً للعامل. الصدق في العمل. إتقان العمل. الأمانة. عدم تأجيل العمل. استشعار رقابة الله سبحانه وتعالى أثناء العمل.

ارسال التعليق

Top