• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الأسرة الصالحة.. نواة لمجتمع سليم

عمار كاظم

الأسرة الصالحة.. نواة لمجتمع سليم

الإسلام يريد من الأسرة المسلمة أن تكون قدوة حسنة طيِّبة تتوافر فيها عناصر القيادة الرشيدة وملامح حياة المتقين الصالحين، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَب لَنَا مِن أَزوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان/ 74). فالأسرة أحد العوامل الأساسية في بناء الكيان النفسي والتربوي للفرد، وفي مناخها تتم عملية تكيف الأطفال للمجتمع وأهدافه، وتشكل شخصيتهم، وفي أجوائها تكتسب العادات السلوكية التي تبقى ملازمة لهم على طول الحياة، فهي البذرة الأولى في تكوين النمو الفردي وبناء الشخصية.

إنّ نظام الأسرة الذي شرّعه الإسلام مبني على أساس الحرص الشديد على تأمين السعادة للأسرة، وعلى تمتين أُسس تماسكها وترابطها من الناحية النفسية والاجتماعية والجسدية حتى ينعم كلّ فرد من أفرادها بالحبّ والحنان والدعة والاستقرار والتفاهم والتكافل. فالرحمة والمحبة والعطف والإحسان إلى الآخرين والتواضع وحُسن الخلق لا توجد في كتاب علمي أو قاموس، إنّما يتلقها الفرد من التربية الصالحة ويكتسبها من أبويه وسائر أفراد أسرته.

الإسلام يدعو الأبوين أن يكونا قدوة لأبنائهما، فإذا كانا متحابين ودودين عطوفين، انتقلت هذه الصفات إلى أبنائهما. وإذا كان الأب باراً بوالديه، فإنّ أبناءه يبرونه أيضاً، يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «اكرموا أولادكم واحسنوا آدابهم».

كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلّم الإنسان كيف يعامل طفله؟ كيف يكون ودوداً مع أطفاله ليزرع الثقة في نفوسهم ويزرع الحبّ والحنان والعطف في قلوب الأطفال، ليسهل على الأبناء تقبل توجيهات آبائهم وتعليماتهم لما يلقون من بذور المحبة ومن المعاملة الحسنة. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «رحم الله والدين أعانا ابنهما على برهما».

جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إنّي أجد قساوة في قلبي وجموداً في عيني. فماذا عساني أفعل؟ قال له رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم): «أبحث عن طفل يتيم وأمسح على رأسه وأعطف عليه وأدخل السرور في قلبه ترى من أنّك شفيت من قساوة القلب وجمود العين».

الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)  يدعو إلى الرحمة بالأطفال والإحسان إليهم، وترك القسوة والشدة والعقاب في التربية والتعليم كما ينهى عن ترك الحبل على الغارب وإهمال الطفل وعدم العناية بتربيته.

وهكذا، فالأسرة التي تقوم على الاحترام والخلق القويم تكون نواة صالحة لمجتمع سليم يدعمه الإيمان وتزينه التقوى وتحفه الرحمة وتحيط به البركة والسعادة لأنّه يسير على هدي القرآن الكريم ويترسم خطى السنة الشريفة فلا يضل بعدهما أبدا.. وتلك هي الأسرة التي يريدها الإسلام تماسكاً وتكاملاً وترابطاً ومحبة وسيراً على نهج المعلم الأكرم، والمربي الأعظم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال: «إنّما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم...». وذلك هو الكلم الطيب والحكمة والموعظة الحسنة، والرفق الذي ما كان في شيء إلّا زانه ولا نزع من شيء إلّا شانه.. فرفق الأب بأبنائه ورحمة الأبناء بالآباء ومحبة الرجل لزوجه وصلة الأرحام لذويهم وترابط الناس ببعضهم، تلك هي أواصر المجتمع الثابت والجذور الضاربة في أعماق الإيمان، حتى الكلمة البسيطة تخرج من لسان المسلم طيِّبة فهي صدقة يجزى عليها الخير الوفير، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (إبراهيم/ 24-25).

ارسال التعليق

Top