• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

هل أنت متصل بارع؟

هل أنت متصل بارع؟

◄هل ستُفاجأ لو عرفت أنّ الأبحاث العلمية الحديثة تقول: إنّ نجاح الإنسان في عمله وفي حياته الشخصية مرهون بقدرته على الاتصال؟ وهل ستُفاجأ لو قيل لك بأنّ الأبحاث أثبتت أنّ 85% من النجاح يعزى إلى مهارات وفنون الاتصال، بينما 15% فقط من النجاح يعزى إلى معرفتنا لعملنا وتمكننا من تخصصنا. لقد فوجئت شخصياً عندما عرفت هذه المعلومات لأوّل مرة ولكنني مع الزمن أدركت هذه الحقيقة. فهل يمكن أن تستفيد منها قبل فوات الأوان؟

لا شكّ أنّك في حياتك تعرفت على بعض الأشخاص الذين لفتوا انتباهك لقدرتك على الاتصال والإقناع والتأثير في الآخرين. ما أسباب ذلك؟ وكيف يمكنك أن تكون متصلاً بارعاً؟ وهل القضية تتعلق بأمور ومفاهيم وخطوات يمكن تعلمها أم أنّها أمور فطرية وأشياء جبلت عليها بعض الشخصيات دون غيرها؟

لا يستطيع أحد منا أن يصل إلى درجة الكمال في مسألة الاتصال، إلّا أننا نتفاوت في قربنا أو بعدنا من تلك الدرجة. فأنت وإن كنت متصلاً بارعاً فإنك ستواجه مشاكل مع كثير من الناس من حولك نظراً لأنك مضطر للتعامل معهم وهم غير مثاليين.

وإليك بعض الاعتبارات والأمور الإرشادية التي تساعدك في أن تكون متصلاً بارعاً أكثر فاعلية وتأثيراً:

1- تحقق من جدوى الاتصال. اسأل نفسك قبل الدخول في أي عملية اتصال: ما الهدف منها؟ إذا كان هدفها واضحاً ويستحق المتابعة فالاتصال هنا أمر مطلوب وإلّا تركه أفضل. إنّ مجرد التسليم بحتمية الاتصال يجعلنا نضاعف فقط من فرص سوء الفهم. ويبدو لكثير منا أنّ الاتصال أمر في غاية البساطة لأنّه جزء من حياتنا ولأننا أمضينا في ممارسته فترة طويلة. إلّا أنّ ممارسة الاتصال لفترة طويلة تختلف عن ممارسته بشكل جيد؟ وهذه العملية هي عملية معقدة ورمزية ومجردة وتكون مصحوبة بعدد غير محدود من الأشياء التي يمكن أن تتخذ منحني خاطئاً.

وقد يبدو الاتصال في بعض الظروف غير ملائم، ولكن ما هو البديل؟ إنّ الاتصال، سواء كان نحو الأفضل أو نحو الأسوأ، هو الشيء الوحيد الذي بحوزتنا، وما علينا ببساطة إلّا أن نقتنع به آخذين في الاعتبار حقيقة أنّ فهم الآخرين لنا بشكل كامل مسألة نسبية.

2- وسع دائرة التفكير لديك. تذكر بأنّ الكلمات عبارة عن رموز فقط للحقيقة، وهذا يشبه إلى حد كبير الخرائط التي تمثل المناطق، حيث إنّ حقيقة الأشياء غالباً ما تكون مختلفة عن مظهرها. وكلما ازدادت معرفتنا ومعلوماتنا عن القضايا التي نتحدث عنها ازدادت قدرتنا على التأثير والإقناع.

3- استمع بدقة واستيعاب إلى الرسالة التي ينقلها الآخرون إليك. ابحث في كلّ ما تحمله من معاني، ولا تقصر تركيزك على بضع كلمات من الرسالة، فإنّ ما تعنيه هذه الكلمات بالنسبة لك قد تختلف عما تعنيه لشخص آخر، انظر إلى ملامح المتحدث وتعبيراته ووضعيته ونبرة صوته. وبطريقة مماثلة انتبه إلى هذه الأشياء عندما تكون أنت المتحدث. تذكر بأنّ المهم ليس ما تقول ولكن الطريقة التي تستخدمها وتنقل بها مشاعرك وأحاسيسك بشكل صحيح.

4- ضع مصدر الرسالة في اعتبارك على الدوام. فعندما تقيّم رسالة ما أعرف مَن قائلها لأنّ معرفة ذلك تكون على الأقل بنفس القدر من الأهمية بالنسبة لنا ما يقال في تلك الرسالة وكلما عرفت المتصل بشكل أفضل كنت قادراً على تقييم رسالته بشكل أحسن والدوافع الكامنة وراء إرسالها.

ويبدو هذا الأمر على أنّه بديهي وواضح، ولكن في أغلب الأحيان يتم تجاهل هذا الأمر. فعلى سبيل المثال، قد ينتقص أحد الزملاء عملك علناً حينما تكون المشكلة الحقيقية شعوره بأنّ نجاحك المحتمل سوف يجعله يظهر بالمظهر السيِّئ. وقد يخبرك مندوب مبيعات الكمبيوتر والطابعات والمحللون بأنك تحتاج إلى أحدث ما لديهم من أجهزة بينما تتكدس لديك الأجهزة في المكتب. وقد يقدم لك سمسار الأسهم الذي تتعامل معه مجموعة من النصائح الهامة لأنّ عمولته مبنية على العمليات التي يتم تنفيذها. ومن المفيد أن تتذكر كقاعدة عامة أنّ الناس يميلون إلى إخبارك بما يريدون أن يسمعوه منك، وهذا بالضرورة ليس دائماً في صالحك.

5- صمم رسالتك بما يتناسب مع المستمعين: اختر الكلمات والمفاهيم والأفكار التي تجعلهم يتفاعلون معك بناء على ما يحملون من خلفية ومعرفة. إذ يعتبر مستوى الأداء الجيد الذي تقوم به أساسياً في إيصال تلك الرسالة على الوجه الأفضل. وتجنب الإفراط في عملية الاتصال، فمن المحتمل أن تقول أشياء كثيرة في وقت قصير وبالتالي تربك السامع. وكما قيل في المثل: كثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً.

6- طرح الأسئلة. فالعديد منا يتردد في طرح الأسئلة على شخص ما خاصة عندما نكون غير متأكدين مما يعنيه ذلك الشخص. وهذا يتولد عادة من خوفنا من الظهور بمظهر الجاهل. إلّا أنّ كثيراً من الغموض يمكن أن يتبدد عند الطلب من شخص ما ببساطة أن يعيد عباراته أو يضعها في قالب آخر. فإذا اعتقدت بأنك تفهم ما يقوله وتريد أن تتأكد من ذلك، فأعد صياغة العبارة كما فهمتها ثم دع المتحدث يؤكد لك أنّ ما فهمته في الواقع صحيحاً. أما إذا رفضت السماح بطرح الأسئلة الذكية، فإنك قد تكون غير متأكد مما تقول، وهذا يقودنا إلى نصيحتنا التالية...

7- أعرف ما ستتحدث عنه. فمقدرة الناس على إيصال المعلومات والأفكار والحكم على الأشياء التي يجهلونها أو لا يعرفون عنها إلّا النذر اليسير تزداد يوماً بعد يوم. وليس عيباً ألا يعرف الإنسان الكثير من الأمور، ولكن التأثير في الآخرين وإقناعهم بما تريد لابدّ أن يعتمد على معرفة جيدة وتمكن شديد في الموضوع. إنك تستطيع إنقاذ نفسك والآخرين من الكثير من المشاكل التي قد تطرأ لك في المستقبل عن طريق تخصيص وقت كافٍ للتحقق من أفكارك ومعرفة الكثير عن الأمور التي سوف تتحدث عنها.

8- كن واضحاً ومحدداً. لا تدور حول الموضوع بالتحدث في العموميات الغامضة. فإن تحدثت بحديث عام فليكن لديك شيء محدد يوضح قصدك. لا تقل على سبيل المثال: "إنّ سعيداً فاشل في عمله كمدير لقسم المبيعات" بل قل عوضاً عن ذلك: "لقد شهد قسم المبيعات انخفاضاً في المبيعات قدره 30%، وغياباً ملموساً، وسجلاً ضعيفاً لمتابعة المبيعات لم يشهده من قبل، وذلك منذ أن استلم سعيد عمله في السنة الماضية" ثم دع الحقائق تدعم ما تقول.

9- لا تخف من قول: "أنا لا أعرف". فالكثير منا لا يعرف إلّا القليل عن العالم الذي نعيش فيه. كما أنّ حجم المعلومات الذي لا نعرفه هو أكبر بكثير من قدرة أي شخص على المتابعة. ماذا لو أنّ شخصاً ما طرح عليك سؤالاً ليس لديك أي فكرة عن كيفية إجابته؟ إنّ التظاهر بالإجابة أو تلفيقها يضاعف فقط من مشاكل الجهل.

10- تذكر بأنّ أي شيء يصل للآخرين هو وسيلة اتصال. فرسالة مجعدة وملطخة ومليئة بالأخطاء الإملائية أو الأسلوبية تخبرك بأنّ الطرف المرسل غير مهتم كثيراً بالتفاصيل، كما أنّ إخفاق شخص ما في الاعتناء بمظهره وصحّته ينبئنا عن ذاته. إنّ الحرص على الشكليات المقبولة وبدون مبالغة، ونبرة الصوت، وارتفاعه، وحدته، والسكوت؛ كلّها وسائل اتصال يتوجب عليك أن تضعها في الحساب لئلا تقع في مأزق مخاطبة من حولك برسائل خاطئة من غير قصد.

11- ابتعد عن الوقوع في مصيدة عبارة أما/ أو. وذلك لأنّ كثيراً من الأشياء في الحياة لا تقع تحت تصنيف الأسود والأبيض ببساطة. بل إنّ هناك عدداً لا محدود من الظلال الرمادية بينهما. إضافة إلى أنّه توجد مساحة كبيرة تتوسط بين الخير والشر والحلال والحرام والنجاح والفشل. لذا فإنّه يتوجب عليك إدراك هذه المساحة والتفكير في درجات المصلحة والصلاح والنجاح وما إلى ذلك؟

12- توجه إلى أولئك الذين تتحدث إليهم بكلّ انتباهك. فالكثير منا يستطيع أن يؤدي عملاً واحداً في وقت واحد بشكل جيِّد. إنّ العبث بالأوراق والرد على المكالمات الهاتفية والتحديق من خلال النافذة والنقر بالقلم كلّها تدل على حالة عدم المبالاة. فإذا لم ترد أن تتحدث إلى الشخص فلا تراه. أما إذا خصصت وقتاً للتواصل مع شخص فامنحه الاهتمام والانتباه بحيث تجعله يتحدث بما عنده. انظر مباشرة في عينيه فإن لم تستطع ذلك فانظر إلى الجزء الأعلى من أنفه "النظر في منطقة العينين والأنف له نفس التأثير". استمع إلى حديثه وشارك فيه عندما ترى في ذلك مصلحة لعملية الاتصال.

13- لا تقاطع الشخص الآخر. فالمقاطعة طريقة سريعة جدّاً لوضع نهاية لحديث لم يستكمل بعد. والمقاطعة أيضاً بمثابة إبلاغ الطرف الآخر بالعبارة التالية:

"من فضلك اسكت – فما أقوله أنا هو أكثر أهمية".

14- حاول طرح أفكارك في المكان والوقت المناسب. وذلك بهدف تحقيق الحد الأعلى من التأثير النافع. فحفلة لزملائك في العمل مثلاً ليست المناسبة الملائمة لأن تطلب من مديرك زيادة في المرتب أو تقيم أداء سكرتيرك. كما أنّ الموقع والإطار الذهني الذي تكون فيه أنت مع الطرف الآخر يؤثر بشكل كبير على مدى حسن استقبال آرائك وقبولها.►

 

المصدر: كتاب دروس ثمينة في تحقيق التميز والنجاح في الحياة

ارسال التعليق

Top