• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

جدولة الوقت

جدولة الوقت

◄كثير من الناس يظنون أنّ تنظيم الوقت يجعل الوقت مملاً، ويصعب التعامل مع الأشياء بمرونة مما يعقد الحياة، ويفقد المتعة. وهذا وهم كبير وخطير، وهو خوف مبني على غير أساس تجريبي أو علمي ولكنّه مجرد تبرير نفسي للتفلت وعدم ضبط النفس، وللقضاء على هذه الإشكالية اجعل التعامل مع الوقت أقل حزماً وشدة فاستخدم عبارات الإمكان والاستحسان، فيجدول البرنامج مثلاً بعبارة: يفضل عمل كذا، ويستحسن القيام بكذا... وهكذا حتى لا تشعر بالضغط النفسي في التقيد بالجدولة الوقتية، ثم إذا رأى الشخص أنّ عزيمته قد قويت قليلاً فبوسعه أن يستخدم حينئذ العبارات الإلزامية في بعض الأحايين مثل: يجب القيام بكذا.

أما مقولة: إنّ الأشخاص المنظمين لأوقاتهم لا يجدون متعة في أوقاتهم، وأنّهم في حالة شد عصبي، وهم وقلق وخوف، فإنّ الحقيقة تكون على العكس من ذلك، فأكثر مَن يتمتع بالأوقات بدرجة عالية هم المنظمون لأوقاتهم، فهم أوّلاً ينجزون أهدافهم، ويحققون طموحاتهم، وهم في الغالب لا يبحثون عن شيء يؤدونه ليقضون فيه أوقاتهم، فلا تشكل لهم كيفية قضاء الوقت إشكالية، فماذا أعمل في العصر؟ وأين أقضي هذه الليلة؟ وهكذا.. لا توجد هذه الأسئلة الدالة على الضياع والتيه في قاموسهم، وهذه قمة المتعة. لن تقوم بعمل رحلة حتى تعرف إلى أين ستذهب، وما الطريق الذي سوف تسلكه، وإلّا تهت وضعت، ولن تصل إلى هدفك؛ وكذلك تحتاج إلى إيجاد خريطة زمنية مشابهة لتساعدك في إنجاز أهدافك. فإذا أنت لم تخطط ليومك، فسوف تصرف وقتك في أشياء غير مجدية، وتضيع أوقاتك في أمور غير مهمة، ولن تستطيع تحقيق أهدافك. ولتجنب هذه المشكلة قم بعمل سجل زمني مستمر، استقطع 10-15 دقيقة من آخر اليوم لتخطيط عمل اليوم التالي، وهنا يجب مراعاة عدة أمور:

أوّلاً: احرص أن يكون كتابة سجل العمل شاملاً لكلّ اليوم. سجِّل في هذا السجل بداية ونهاية أي نشاط تريد أن تعمله على أن تكون الفترة الزمنية المخصصة واقعية ومنطقية ومتلائمة مع طبيعة المشروع. سجِّل بهدوء واحرص أن تدوّن كلّ شيء؛ لأنّ نسيان شيء ما لن يعطيك إنجازاً جيداً؛ إذ قد يسبب خللاً في برنامجك اليومي. اعمل أولوية لقائمتك، واجعل الأكثر أهمية في برنامجك في أفضل الأوقات الإنتاجية لديك، وعند تزاحم الأوقات قدم عمل الأوليات. اجعل هناك تصنيف لكلّ مهمة: طويلة الأمد (ط)، قصيرة الأمد (ق) وقدّر الوقت الذي تستهلكه في قضاء هذه المهمة فلا تحاول إنجاز كلّ شيء لحظة واحدة.

ثانياً: في نهاية الأسبوع قم بتحليل ورقتك الزمنية. اكتشف ما الأعمال التي أدت إلى ضياع وقتك وأعاقتك عن إنجاز أهدافك خلال الأسبوع. اسأل نفسك هذه الأسئلة:

·      ما أطول مدة قضيتها في عمل ما؟

·      ما أغلب الأشياء التي تعمل على إعاقة عملك؟

·      ما الأشياء التي تساعدك على إنجاز أهدافك؟

·      هل كلّ ما دوّنته كان ضرورياً؟

·      وهل ينبغي عملها الآن أو أن أجدولها في وقت لاحق؟

·      هل يجب عليَّ القيام بهذه الأعمال أو أنّه يوجد شخص آخر يمكن أن يقوم بهذه الأعمال أفضل مني؟

إنّ وجود قائمة عمل أمامك منظمة ودقيقة وواضحة تستطيع أن تقيم من خلالها نفسك، هل أنجزت ما أردت أم لا؟ وكم أنجزت من العمل؟ وما الأسباب التي منعتك من تحقيق ما دوّنته؟ دون إجاباتك، ثم اعمل خطة لإزالة الأنشطة التي تضيع وقتك. حدد الأشخاص أو الأحداث التي تسرق وقتك حتى تستطيع التحكم والسيطرة على وقتك. ضع الحلول المناسبة للقضاء على هذه المثبطات القاتلة. وعند إنجازك شيئاً ما احرص على مكافأة نفسك، وأفضل مكافأة تقدمها لنفسك هي بناء ثقتك الذاتية بقدرتك على استثمار وقتك وتحقيق كثير من الأشياء.

 

ماهية تنظيم الوقت:

كثيراً ما تمرّ علينا كلمات مثل "نظِّم وقتك حتى تنجح" لابدّ من تنظيم وقتنا لننجز هذا العمل "إنّه يجيد فن إدارة الوقت" وكأنما الوقت شيء بين أيدينا نستطيع أن نتحكم به وفي الحقيقة هذا الاصطلاح "تنظيم الوقت" هو اصطلاح تعارف عليه الناس ولا يعني حقيقة أنّنا بمقدرتنا تنظيم أو إدارة الوقت. فلا يوجد إنسان يستطيع التحكم بالوقت كأن يوقف الدقائق عن الغد أو يرجع ثواني مضت من عمره. إنّ فن إدارة الوقت هو في الحقيقة فن إدارة الأعمال والأحداث المرتبطة بالوقت الذي لا يتوقف. فإذا كنت تحسن التحكم بأعمال وأحداث حياتك فأنت تدير وقتك بنجاح والعكس صحيح.

 

أين يذهب وقتنا:

يتساوى كلّ الناس على اختلاف أجناسهم وأقيامهم في المقدار الذي ينالونه من الوقت، وقد يتوهم البعض أنّ هنالك وقت كثير لقضائه بينما لو جمعت الوقت الذي تستغرقه في قضاء المهمات التي يتوجب عليك قضائها أو التي تود فعلها فإنّ هذا الرقم لا يكون كافياً.

وعليه، فإنّنا محددين بهذا الحد من الساعات والتي لن تتجاوز في مجموعها المائة وثمان وستين ساعة في الأسبوع. وحتى نستطيع أن نحدث تغييراً في عاداتنا الحالية لاستخدام الوقت لابدّ من أن يعرف كلّ منا (أين يذهب وقتنا)؟ فإذا كنت جاداً في إحداث تغيير مثل هذا أو تعلم لم تحسن استغلال وقتك بالصورة التي تطمح لها كان لابدّ أن تقوم بجرد تفصيلي لتعرف كيف تصرف وقتك حالياً حتى يتبيّن لك بوضوح ما إذا كنت مستغلاً لوقتك بشكل طيِّب أم لا.►

 

المصدر: كتاب مهارات إدارة وتنظيم الوقت

ارسال التعليق

Top