الأمل يدفع الإنسان دائماً إلى العمل، ولولا الأمل لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومجابهة مصائبها وشدائدها، ولولاه لسيطر اليأس على قلبه، وأصبح يحرص على الموت، ولذلك قيل: اليأس سُلّم القبر، والأمل نورُ الحياة.
وقيل: لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس.
وقال الشاعر:
لا خيرَ في اليأس، كُلُّ الخير في الأمل *** أصْلُ الشّجاعة والإقدامِ في الرَّجُلِ
والإنسان لا ييأس من رحمة الله؛ لأنّ الأمل في عفو الله هو الذي يدفع إلى التوبة واتِّباع صراط الله المستقيم، وقد حثّ الله (جلّ جلاله) على ذلك، ونهى عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، فقال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزُّمر/ 53).
فإذا فعل الإنسان ذنباً فهو يسارع بالتوبة الصادقة إلى ربّه، وكُلّه أملٌ في عفو الله عنه وقَبُول توبته.
والأملُ طاقةٌ يودعها الله في قلوب البشر؛ لتحثّهم على تعمير الكون، وقد قال النبيّ (ص): "إنْ قامَت السَّاعَةُ وفي يَدِ أحدِكُمْ فَسِيْلَة، فإنِ استَطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فَلْيَغْرسها".
وقال حكيمٌ: لولا الأمل ما بنى بانٍ بُنياناً، ولا غَرَسَ غارِسٌ شَجَراً.
ولولا الأمل لما تحقّقت كلُّ الإنجازات التي وصلت إليها البشرية، وذلك لأنّ المخترع لم يتمكّن من تحقيق إنجازه من أوّل مرّة في أغلب الأحيان، وإنّما حاول تحقيقه مرّةً بعد مرّة دون يأسٍ أو مللٍ، ولذلك قيل:
الأمل يُنمِّي الطموح والإرادة، واليأس يقتلهما.
فليحرص الإنسانُ دوماً على الأمل في كلّ جوانب حياته، وليتمسّك به تمسُّكُه بالحياة، ولا يستسلم لليأس والقنوط أبداً.
فالإنسان يَصبِرُ على ضيق العيش في الدنيا على أمل أن يفرِّج الله همومه، ويوسع عليه، ولولا ذلك لضاق الإنسان بمعيشته، يقول الله تعالى: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف/ 87).►
المصدر: كتاب صناعة الأمل
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق