• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

لندن تضع العالم بين يديك

لندن تضع العالم بين يديك

 

السفر هو وقت التقرب بين أفراد العائلة، ووقت الاكتشاف، والمغامرة، والتحرر من الروتين اليومي، وقيود العمل، ولكن يبدو أن هذا التعريف لم يعد كافياً في يومنا هذا بعد أن صارت السياحة صناعة، وتجارة، وفناً، وسياسة، وتصاعدت مستويات التوقعات والطلبات لدى الناس، وصارت تتزايد وتتنوع يوماً بعد آخر. ومن أجل لم شمل قادة السياحة في العالم، وجمعهم تحت سقف واحد أقامت العاصمة البريطانية مؤخراً أكبر سوق عالمي للسياحة والسفر احتضنته قاعة إكسل لندن Excel London التي تقع على مشارف الأطراف الشرقية من العاصمة، وشارك فيه عدد كبير من الوزراء، والخبراء، والعاملين في حقول السياحة من الباحثين عن فرصة للالتقاء ببعضهم بعضاً، وحضور المؤتمرات، وعقد الاتفاقيات، والتعريف ببضاعتهم، وإيجاد موطئ قدم في هذا العالم الزاخر بالتنوع والغرابة والدهشة، أما الجمهور فقد حضر بالآلاف بحثاً عن وجهات جديدة للسفر، وعن فرصة للهروب من روتين الحياة اليومية، والتعرف على الثقافات، وشحن الجسم والعقل بجرعات من النشاط والتجدد.   - مدن تعود إلى الخارطة من جديد: جرى على مدى أيام السوق الأربعة مناقشة كل ما يتعلق بالسياحة ابتداء من فيضانات تايلاند مروراً بانقراض الحيوانات والغابات في أفريقيا والهند وصولاً إلى بقعة الزيت في خليج المكسيك، فالسياحة لم تعد حقيبة ملابس، وتذكرة سفر، وفندقاً فحسب بل هي تسابق محموم لجذب السائح، وتلبية متطلباته، وقد كانت دورة السوق لهذا العام حاضرة لوضع المسافر أمام خارطة السياحة العالمية، وكانت الدورة الأنجح مقارنة بالأعوام الماضية بعد أن شهدت تواجداً كثيفاً لكثير من البلدان التي منعتها أوضاعها الداخلية من المشاركة في السابق، ومنها جناح العراق الذي استقطب اهتمام الزوار، وكان بالنسبة لهم وجهة سفر محتملة في المستقبل القريب خاصة مع ثقل المشاركة التي ضمت وزراء، وخبراء عرضوا أوجه السياحة التاريخية والدينية في هذا البلد، وشارك أيضاً لبنان بجناح جميل كان مكتظاً بالصحافيين الذين جاءوا للتعرف إلى هذا البلد الذي أدرج على لائحة أفضل عشر وجهات سياحية في العالم، أما جناح فلسطين فقد عاد ليفتح أبوابه بعد الاستقرار النسبي الذي يشهده، والذي يجعله رقماً جديداً في خارطة السياحة خاصة مع وجود الأمان، ورخص الأسعار مقارنة بالدول التي تحيطه، وكانت ثمة مشاركات عربية مميزة أيضاً من هيئة أبوظبي للسياحة التي كانت قد فازت بجائزة (أفضل مجلس سياحة في العالم) ضمن جوائز السفر العالمية، ومن جانبها عرضت إمارة دبي، والشارقة، ومدينة أغادير، وسلطنة عمان، وقطر كثيراً من عوامل الجذب السياحي التي تتعلق بالتنوع الثقافي، وغنى التراث، ومعقولية الأسعار.   - خريف السياحة: ولكن ماذا عما تعيشه المنطقة العربية، والذي تتردد أخباره في أرجاء العالم الأربعة؟ وما تأثيره على السياحة والسفر؟ فمن جهة صارت بعض المدن محط أنظار العالم، وأضحت أسماؤها تتداول على ألسنة الناس، ويتوق كثيرون إلى زيارتها. ومن جهة أخرى فإنّها قد ألقت بالخوف في نفوس السياح بسبب أعمال العنف التي شهدتها المنطقة، وجعلتهم يعيدون النظر في قرار زيارتها، وقد كان سوق السياحة فرصة لهذه الدول لتضع كل ثقلها، وتكون حاضرة بقوة؛ كي ترسل رسائل تطمين لزوارها القدامى، وتعدهم بسياحة آمنة وهادئة وطبيعية كما كانت دائماً، فقد كانت تونس حاضرة؛ كي تقوم بالمهمة خاصة وأنّ السياحة هي عصب اقتصاد هذا البلد، وقد مرت بسنة صعبة تضرر فيها أكثر من 400 ألف عامل يعيشون على السياحة التي تسهم في الدخل القومي بما يتجاوز المليارين ونصف المليار دولار سنوياً. وبعد الهدوء النسبي الذي شهدته هذه الدول بدأت أعداد السياح في التزايد شيئاً فشيئاً، ولكن تبقى مهمة العودة إلى المعدلات القديمة لأعداد السياح أمراً ليس هيناً.

ارسال التعليق

Top