ترجمة: عبدالإله الملاح
مثل من يبين لنا مثالبنا كمثل من يكشف لنا عن كنز نجهله مخفي في أعماقنا. (الموقر هنيبولا غوناراتنا).
إنني عضو في نادي العرفاء (Toastmasters Club) لمحترفي الخطابة. وكان أحد أفضل المزايا التي حصلت عليها من هذه الجماعة هو النقد. ومن حسن حظي، أن رفاقي في النادي يجيدون النقد. وقد جرت العادة على أن يبدؤوا الحديث بعرض ما أعجبهم في هذه الخطبة أو تلك – وإن كانت سيئة! والحق أنهم يجهدون أحياناً حتى يخرجوا بقول من هذا القبيل: "قد أعجبني أنك لم تسقطي حينما تعثرت للمرة الثانية بشريط مكبر الصوت"، أو "لقد أخرجتني من سباتي طوال خمس عشرة دقيقة بالقصة التي رويتها عن كلبك". وإذا انتهى هذا التعليق، بدأ الحديث الجاد: "ما أود أن أجده في المرة القادمة هو.. "تلك هي الجائزة الذهبية.
ولكن ماذا لو أن ناقدك لم يسلك هذا الطريق؟ الحق أن معظم النقاد، للأسف، لا يسلكون هذا المسلك. أم لعلهم يفعلون؟ فالواقع هو أننا لولا انشغالنا برد النقد واتخاذ الأوضاع الدفاعية، كنا سنسمع الجزء الذي لم يذكر من رسالتهم، وهو الجزء الذي يقول: "ما أود أن أسمعه في المرة القادمة هو..." ذلك قول يطالب بالتغيير.
إن ما حصل أمر قد انتهى ولا سبيل إلى تغييره، ولكن مطلب التغيير هو توجه نحو المستقبل، ويقصد به – ليكن الأمر مختلفاً في المرة القادمة.
لقد واجه كلانا، المشاكل حين عمدنا إلى الإسقاط. فكر في أمر الحلوى التي ذكرتها. إن كنت قد أمضيت سنوات شبابك وأنت تأكل الخبر المحلى التقليدي وتنتقد ما يقدم لك اليوم فإنك بذلك تسقط مشاعر الوحدة والنفور من البخل على تلك الحلوى البريئة، بل على من تحضرها، وهذا هو الأسوأ. وإذا كنت أنا قد نشأت في ظل أب نقاد كان يثير في الفزع حين يوجه سهام نقده، فلعل استجابتي نحوك ستأتي من خلال غلالة تلك التجربة القديمة وأكون عندئذ قد عملت بطريقة الإسقاط. وإذن ها نحن أولياء أسرى تجاربنا الماضية ونسميها الخبز المحلى. وما نحتاج إليه، ليخرج أحدنا على الأقل من إسار نمط حملناه من تجارب الماضي، هو الولوج إلى الحاضر وسماع نداء للتغير مستقبلاً.
وتتساءل كيف يكون النقد هدية؟ لقد غدونا جميعاً في الجمعية الخطابية أفضل مما كنا يوم انضممنا إليها وهذه الهدايا التي حصلنا عليها من بعضنا بعضاً ونحن نصغي للنقد قد زودتنا بالتغذية الراجعة التي ساعدتنا على تطوير أساليبنا وقدراتنا، وإلا كنا ظللنا نكرر الحكايات المملة ذاتها أو نقوم ببعض الحركات المنفرة.
والتوجيه المرشد في هذ الحالة هو أن تطور زراً للتوقف. أي أن تتوقف لحظة قبل أن تظهر استجابة دفاعية حيال النقد، وذلك لتسمح لنفسك بأن تدرسه بإمعان: هل في ما يقوله منتقدك اسقاط من جانبه ينبئك بشيء عن شخصه؟ أم أن نقده هدية في شكل وخزة؟
- المرشد:
توقف لحظة عند توجيه نقد إليك وقل لنفسك: "آه، لأمعن النظر في هذا القول". خذ بالنقد إن كان التغيير المقصود يعني اتساع حياتك و/ أو تحسين علاقتك بالآخرين. واشكر منتقدك على تلك الهدية المحببة التي قدمها لك. فإنّ التحسن يزيد من ذكائك العاطفي.
المصدر: كتاب ليس المهم مقدار ذكائك بل كيف تستخدم ذكاءك
ارسال التعليق