• ٣٠ تشرين أول/أكتوبر ٢٠٢٤ | ٢٦ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دوّار الشمس الذي لا ينظر إلى الشمس!

دوّار الشمس الذي لا ينظر إلى الشمس!

كان أمرها غريباً للغاية، رأيتها وأنا سائرة في الطريق المشمس، خمس زهرات دوّار الشمس لا تنظر إلى الشمس! وتوارثت التواري عن الشمس من الأجداد إلى الأحفاد، فأصغر الزهرات حجماً لا تنظر، وجدتها لا تنظر، وأبواها لا ينظران وأخوها الصغير لا ينظر.

كنت أرى زهور عباد الشمس منذ سنوات تنظر ناحية الشمس في لهفة كأنها معشوقة ينظر نحوها الجميع، والآن تنظر بعيداً عن الشمس، تتنحي عنها، وتغرب عن النظر نحوها، تنظر نحو الأرض فقط معربة عن غضبها من تلك الشمس الجالسة فوق رؤوس المخلوقات جميعاً رغماً عنهم.

ويختلف تعامل المخلوقات معها، فالبشر يختبئون منها خلف الجدران والأسقف أو يستخدم المضطر للسير تحتها بعض الأوراق لتغطية رأسه من لفحة الشمس الحارقة.

والحيوانات هي الأخرى تتحرك يمنة ويسرة لتختبئ من لهيب الشمس الذي لا يرحم.

أمّا مخلوقات البحار والأنهار والمحيطات، فتنغمر في الأعماق هرباً من شعاعها الملتهب، بقيت النباتات الراسخة في الأرض بالجذور، تظل تتأوه وتبكي إحتراقاً ويصبح عزاؤها الوحيد الجلوس تحت القمر ليلاً لتشكو له مما تفعله بها الشمس صباحاً فيرسل جنوده في ثياب بيضاء تلقي بالندى عليهم عند الفجر.

إنها تغيرات المناخ، وارتفاع درجة حرارة الكوكب، أصبحت المخلوقات تشتكي وتعبر عن شكواها في صورة مثل زهور دوّار الشمس التي لا تنظر نحو الشمس!

هكذا صنع الإنسان لنفسه ولغيره الهلاك، امتهن الصناعة واحترف تصعيد الأبخرة منها في الهواء، سارت السيارات بعودامها في كل طريق تنشر التلوث في كل جانب وعلى كل نبات وحيوان وانسان.

وانتشر التلوث في كل مكان، فهاج الكوكب وماج واشتكت الأرض مما يفعله الانسان فقامت بتحذيره برفع درجة حرارتها، وحذرته مرّة أخرى بالتقلبات الجوية، ولا يدري أحد ما هو التحذير القادم ذلك الذي يمكنه أن يجعل زهور دوّار الشمس لا تنبت من تربتها بدلاً من ألّا تنظر نحو الشمس.

 

* كاتبة من مصر

ارسال التعليق

Top