• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصداقة بعيداً عن العزلة والقلق

الصداقة بعيداً عن العزلة والقلق
تظهر الدلائل الأولى للعلاقات والصداقة عند الإنسان منذ المراحل المبكرة للعمر، فالطفل الدارج البالغ عامين يقتبس روح الصداقة من طفل أخر يماثله بالعمر قبل أن يعي معنى هذه الكلمة، فلكل إنسان منا ولا ريب ذكريات دافئة عن أصدقاء في فترة معينة من عمره وبمقدار قوة العلاقة التي جمعتهم وقربتهم من بعض آنذاك، وهذا يعني إن على الآباء عدم القلق من صداقات صغارهم، وعليهم الأخذ بنظر الاعتبار مراحل تطور ونمو الأطفال والمراهقين والشباب، ولابدّ من تدخلهم عندما يلمسون إن أبناءهم بدأوا يختلطون بالسيئين، فالمرجع غالباً أن يسير الأبناء على خطى الآباء في القيم والمبادئ والتقاليد الموروثة، وعلينا أن ندرك بأنّ الصداقة لا تحصل من تلقاء نفسها، ولا تأتي مع مجريات الحياة، بل يجب صناعتها والعمل بكل ما من شأنه المساعدة على الاحتفاظ بالجيد النزيه منها، وقهر قاعدة كل ممنوع مرغوب. إذن علينا إن نسمح لأنفسنا ولأبنائنا وبناتنا بالبحث عن الأصدقاء والصديقات كل من نوعه، من خلال المشاركة في الفعاليات الاجتماعية المختلفة، وحضور النشاطات البناءة التي يتم فيها اللقاء بالآخرين، وتبادل الأحاديث والحوار، مع مراعاة أن تكون الفعاليات والنشاطات موجهة وهادفة، تدعم تطوير قابليات المشارك والحاضر فيها من خلال مناقشة مواضيع في القيم، والثقافة العامة، والاخلاص بالعمل، ومشكلات الواقع، والسبل المثلى للحل، والتعايش الإنساني، وغيرها، ومن الثابت والواضح انّ هذه الممارسات تعمل على تقوية الشخصية في مواجهة الخجل الذي يعتبره من أهم وأخطر الحالات النفسية التي تدفع الإنسان للانعزال والانطوائية منذ الطفولة والمراهقة. علينا استثمار الفرص في مساعدة الآخرين، والتحرك لتحقيق تنمية روح الصداقة السليمة، وتوسيع آفاقها الإيجابية، والابتعاد عن استخدام التهجم كوسيل للحماية لأنها تبعدنا عن محيطنا، ويمكننا تشبيه اتجاهاتنا ازاء الناس بطريقة فتح الباب لشخص دق الجرس، فالبعض يفتح الباب بحذر ويتردد تقريباً، وكأنه يقول ليس اليوم شكراً، والبعض يفتح بطريقه هي نفسها ترحيب، وكأنّه غير قادر على الانتظار لمعرفة نوع المفاجأة التي تنتظره في الجانب الآخر... من الضروري عدم تجاهل الغير، وعدم الغفلة عن الإشارة بالتقدير للأشياء التي نجدها تستحق التقدير عندهم... ان أغلبنا منهمك بأعمال كثيرة، وبنفس الوقت نحتاج للمساعدة والتحفيز والتشجيع، لكن الموهبة لأولئك الذين نطلب منهم المساعدة كونهم قادرين على التفاعل والإيحاء لنا بأنهم في تلك اللحظة لا يوجد لديهم شيء أهم من مساعدتنا وعلاج مشكلتنا... من الضروري عدم حرمان البنات والمراهقات والشابات والنساء مما ورد دون تعقيد، مع عدم التسامح في قضية التقويم والتسديد، لضمان رفد المجتمع بأُمّهات صالحات منتجات يتمتعن بصحة وسلامة نفسية جيِّدة، وقدرة وافية على الإبداع والعطاء. ولا ننسى السمو بالعلاقات، والاستفادة منها في كل ما هو مفيد ونافع لكافة أطراف العلاقة، ولا نتجاهل المبدئية بالتعامل، وعدم الكيل بمكيالين، وضرورة التوسع بما تطرقنا له، وتطبيقه بالحد الذي يضمن النجاح التام في اطار المُثُل العليا والمعايير النبيلة.

ارسال التعليق

Top