• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الشباب والاستغلال الأمثل للإجازة الصيفية

الشباب والاستغلال الأمثل للإجازة الصيفية

◄الإجازة الصيفية تمتد لأكثر من شهرين، ومع بداياتها تطفو على السطح مشكلات من الطلاب، حيث يسيء البعض استغلالها بشكل صحيح فيقضيها مع رفاق السوء وربّما القيام بتصرّفات تؤذي الآخرين، إذن كيف يمكن استغلال هذه الإجازة في أعمال مفيدة لهم ولأُسرهم؟

خطورة وسلبيات

الإجازة الصيفية باتت مشكلة عند الطلاب، وتشكّل العبء الأكبر والأخطر على غالبية الأُسر، لما يكتنفها من فراغ لدى هذه الفئة العمرية، فالشباب الذين يمتلئون طاقة وحيوية يحتاجون لقنوات يصرّفون عبرها هذه الطاقة، ومن هنا تبرز معاناة العديد من الأُسر، في البحث عن وسائل ملء الفراغ الذي تخلّفه الإجازة الصيفية لدى الأبناء، وتختلف خطورة وسلبيات هذا الفراغ تبعاً للفئة العمرية التي ينتمي إليها الفرد، فمساحة الفراغ واسعة في الإجازة الصيفية، وإذا كان البعض قادراً على جعل هذا الفراغ فرصة لاستثمار الوقت، بما يعود على الفرد ذاته والأُسرة والمجتمع، بالفائدة والنفع.

إلّا أنّ غالبية الشباب من الجنسين لا تشكّل الإجازة والفراغ لديهم أي ارتقاء في نمو وتطوير قدراتهم ووعيهم، بل على العكس تماماً، فإنّهم يصبحون معول هدم وتدمير لأنفُسهم ولمنظومة قيمهم الأُسرية والمجتمعية، بسبب عدم استثمارهم لوقت الفراغ الاستثمار الأمثل، وبالتالي ينتجون مشكلة أكبر بكثير من مشكلة الفراغ ذاتها، إنّ أهم سلبيات وقت الفراغ تتمثّل في عدم قدرة الفرد على استثمار وقته، ممّا يؤدي إلى قتل روح التجدد والإبداع لدى الفرد وبالتالي عدم القدرة على تنمية الشخصية وتطويرها.

وهذا الأمر يؤثر سلباً في التكوين النفسي والسلوك الاجتماعي للفرد خاصّة لهذه الفئة العمرية، فئة الشباب، بل ويشكّل الفراغ تربة خصبة لنمو التجاوزات السلوكية والاجتماعية، والانجرار نحو الجريمة، فالقلق والإحباط هما الصديقان للفراغ غير المستثمر.

وهما الطريق المعبّد المؤدّي للعزلة والارتباك السلوكي والنفسي، وهذا كلّه ينعكس على علاقة الفرد من الشباب بالأُسرة والمجتمع ويصبح الشاب عنصراً منفراً وغير مرغوب فيه بسبب ما يطرأ على سلوكه من تغيرات وانحرافه عن طريق الصواب وخرقه لقيم المجتمع، الأمر الذي يؤدّي به (بفعل الفراغ والعزلة الاجتماعية التي أوقع نفسه فيها) إلى البحث عن بدائل فيتدحرج سريعاً في هوّة رفقاء السوء الذين يجمّلون له طريق ملء الفراغ بالمفسدات، إنّ الاغتراب الذهني والنفسي والتذبذب الفكري وحالة الضياع التي يعيشها نسبة من الشباب جرّاء الإحساس بالفشل والإحباط في استثمار الوقت وإشباع الحاجات الإنسانية والاجتماعية لديهم، وعدم القدرة على تنظيم وقت فراغهم، سيجعلهم يفشلون في تحديد ملامح المستقبل لحياتهم الشخصية، ويجعلهم فريسة سهلة لاستغلال جماعات الانحراف وقوى التطرف.

لذلك لابدّ من ملء أوقات الفراغ لدى الشباب والطلاب خاصّة في الأجازة الصيفية ببرامج هادفة تملأ وقت فراغهم بما هو نافع ومفيد، فتحصّن الشباب وتحول دون وقوعهم في براثن التطرّف والعنف والجريمة، لقد تنبه المجتمع لهذه المشكلة وأولتها المؤسسات المعنية أهميّة كبيرة ووضعت الخطّط والوسائل لاستثمار وقت الفراغ ومعالجة آثاره.

فالمسؤولية في استثمار الوقت خلال الإجازة الصيفية لا يقع على عاتق الشباب وحدهم، بل تمتد المسؤولية من الفرد نفسه إلى الأُسرة والمؤسسة التعليمية ومؤسسات المجتمع المحلي على اختلافها من وزارات ومؤسسات مسؤولة عن التنشئة الاجتماعية والتربوية وحتى المؤسسات الخاصّة التي يقع على عاتقها توفير الأماكن ووسائل التنشئة ودعمها، ليتسنى لجميع شرائح المجتمع القدرة على استخدامها وتشكل عامل جذب للشباب عبر معرفة احتياجاتهم.

ويتحدّث أحد الشباب عن تجربته الشخصية فيقول: استثمار الفراغ في نشاط مفيد يبتعد بالشباب عن الأفكار غير السوية، والأمر يرتبط أكثر بمدى الاستثمار المفيد للعطلة دون تكلف المزيد من التكاليف المادّية، وقد استفدت من عرض مجاني من إحدى الشركات التي تعلن عن برامجها الصيفية وكانت في تعليم الكمبيوتر والدورة الأولى مجاناً على أن يعفى المتفوقون في اجتيازها من الرسوم للدورات المقبلة، وفعلاً كانت فكرة ناجحة ضربت من خلالها عصفورين بحجر واحد، قضيت على ملل الفراغ من ناحية وتعلّمت خبرات جديدة من ناحية أُخرى.

والعديد من زملائي يفضل السفر خلال العطلة الصيفية لقضاء وقت ممتع في التعرّف على ثقافات وحضارات مغايرة، إلّا أنّ ذلك الاختيار ليس متاحاً للجميع اليوم بسبب التكلفة المادّية التي تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق أحلام البعض في السفر.

الإجازة الدراسية

الدكتور على الحرجان اختصاصي الطب النفسي يقول: برامج التدريب الصيفي للطلبة، ينبغي أن تشمل كلّ المجالات الوظيفية المهنية في المجتمع، وألا تقتصر على مجال مهني أو وظيفي محدّد، وينبغي أن يتضمن البرنامج التدريبي الصيفي رحلات وزيارات تثقيفية وترفيهية، وعلى المشاركين في الخطّة التدريبية الصيفية، أن يطلب منهم حضور أنشطة نظرية وأُخرى عملية، مع التقيد بالنظم ذاتها المطبقة على الموظفين الرسميين.

أمّا بالنسبة للطلبة المشاركين في برنامج التدريب الصيفي، فإنّ وجودهم في مواقع العمل أيّاً كان نوعها، يملأ أنفُسهم ثقة بقدراتهم ويزيد من شهيتهم للتأهيل والتدريب، ومن خلال وجود الطالب في ساحة العمل، تُتاح له فرصة التدريب العملي بهدف الربط بين الدراسة والحياة العملية، وكذلك توسيع علاقاته ومعارفه مع أشخاص آخرين، والإجازة الصيفية ينبغي أن تكون فترة من الراحة والهدوء بعيداً عن الدراسة.

غير أنّ وقت الفراغ طويل، ومن الصعب شغله بالكامل في الترفيه، والسفر إحدى الوسائل الممتعة في شغل هذا الفراغ على أن تستغل في استكشاف بعض الدول التي تغني الطالب بالمعرفة والثقافة الجيِّدة، البعض من الطلاب أو الأهل يرفض الراحة في الإجازات ويعتبرها هدر للوقت، وهنا ننصح بأن لا يرهق الطالب نفسه في هذه «الإجازة الدراسية» وممكن استغلالها بشكل هادئ وممتع ومفيد وبدون توتر.

لذا يمكن استغلالها في تعليم اللغات، أو الانتساب في بعض الدورات العلمية لزيادة المعرفة والثقة بالنفس والتزود بالمعارف الجديدة، أو القراءة في التاريخ والأدب والتعرّف إلى مجالات عديدة لم يعرفها من قبل، هنالك الكثير من الطلبة لا يجدون ما يفعلونه خلال إجازة الصيف خاصّة أنّها طويلة وتمتد لشهور ممّا يولّد شعوراً بالملل والتوتر.

اكتساب مهارات

واهتمامات وميول ومواهب الشباب تختلف، وتختلف معها طريقة شغل أوقات الفراغ، ونشير هنا إلى الدور الهام للأُسرة والمجتمع في مساعدة الطلاب لاستغلال واستثمار العطلة الصيفية بالشكل الجيِّد للراحة والاستفادة الكاملة من طاقاته إذا صحّت المساعدة والنُّصح، ويمكن أن تقوم الأُسرة بدفع الشباب لاكتساب مهارات جديدة خلال الصيف مثل: دورات الكمبيوتر، وتنمية مواهب الرسم والموسيقى وجلب القصص والكُتُب إلى المنزل.

علماً أنّ النواحي المادّية للأُسرة عنصر مساعد في ذلك، فكلّما زادت الإمكانات توفر الكثير من الأشياء التي تشغل أوقات الفراغ، إنّ الأنشطة الطلابية في الصيف من الأُمور المهمّة جدّاً للطلبة، لأنّها تساعد على قضاء وقت الإجازة في أشياء مفيدة ونافعة وممتعة، ونؤكّد على أهميّة مرحلة الشباب والتي تعتبر من المراحل المهمّة في عمر الإنسان ويكتسب فيها الشباب العديد من السلوكيات من الجماعة.

فإذا كان في هذه الجماعة الكثير من رفاق السوء يكون من أوائل المقلدين لسلوكياتهم، وهنا يأتي الدور المهم الذي تلعبه مؤسسات المجتمع في استقطاب الشباب من الجنسين وشغل أوقات فراغهم بالعديد من البرامج الرياضية والتقنية واللغات والرحلات.

إضاءة

البرامج الصيفية تعطي مزيجاً من المتعة والتعلم المفيد والنافع الذي يجذبهم للمشاركة الفاعلة ويجعلهم يستمتعون بإجازاتهم في المراكز الصيفية، وذلك بالتنسيق مع المناطق التعليمية لتمنحهم الاستمتاع والتعلّم في قالب من التشويق والنشاط الذي يفرغ طاقاتهم ويكسبهم المهارة والخبرة، ولدى الطالب العديد من الخيارات لهذه الرحلات، أنشطة تراثية وثقافية، وأنشطة فنية وموسيقى وألعاب ومشاريع ودورات في الطهي، كما ستتوفر الأنشطة العلمية والرياضية، واللغة الإنجليزية، وبرامج لإكساب الطالب فنون حل المشكلات واتّخاذ القرارات، فضلاً عن الأنشطة البدنية كالسباحة والفروسية وغيرها الكثير.►

ارسال التعليق

Top