• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

علاجات طبيعية تقليدية فاعلة

علاجات طبيعية تقليدية فاعلة

معظم الوسائل التي كان يلجأ إليها أجدادنا لمداواة أنفسهم كانت ولا تزال فاعلة ومفيدة. وإذا كان توارث هذه الوصفات الشعبية يعتمد في الماضي على التجربة والخبرة، فإنّ لجوءنا إلى الكثير منها اليوم أصبح مدعوماً بالأبحاث العلمية.

    العلاجات الطبيعية التقليدية كثيرة ومتنوعة، والعديد منها لا يزال يُستخدم بنجاح في أيامنا هذه. وقد تمكن البحاثة من الكشف عن الأسباب العلمية التي تفسر فاعلية هذه العلاجات في الوقاية من الأمراض، والمساعدة على شفائها. بل وقد تمكنوا في كثير من الأحيان، من إكتشاف فوائد أخرى لم تكن معروفة في الماضي. نستعرض في ما يلي عدداً من هذه العلاجات وفوائدها المؤكدة علمياً.

    

    1- حساء الدجاج:

    كان المصريون القدامى أوّل مَن لجأ إلى تناول حساء الدجاج لعلاج الرشح، ومثلهم فعل اليونان والرومان وغيرهم. وقد جاءت الدراسات العلمية الحديثة لتؤكد فاعلية هذا الحساء. ويقول المتخصص الأسترالي جين ستون، مؤلف كتاب "أسرار الشعوب التي لا تمرض": إنّ خليط الفيتامينات والعناصر المغذية الموجودة في الدجاج يتمتع بخصائص مضادة للإلتهابات، ويخفف من نمو النيتروفيلات التي تحث على إنتاج الإفرازات المخاطية. وكانت دراسة أميركية قد أظهرت أنّ الأحماض الأمينية التي تنتج عند طبخ الدجاج تشبه في تركيبتها بعض أنواع العقاقير الكيميائية المستخدمة في علاج الإلتهاب الشعبي. وفي اليابان وجد البحاثة أن بروتينات الدجاج يمكن أن تساعد في التخفيف من إرتفاع ضغط الدم. والواقع أنّه إلى جانب الدجاج نفسه، فإن محتويات حساء الدجاج الأخرى تلعب هي أيضاً دوراً في المساعدة على مكافحة الرشح. فالبصل مثلاً يتمتع بخصائص مضادة للإلتهابات ويحتوي على فيتامين (A) الذي يكافح العدوى عن طريق دعم وتقوية خلايا الدم البيضاء. كذلك فإنّ الثوم يتمتع بخصائص مضادة للجراثيم والفيروسات، ومن المفيد إضافة بعض الخضار إلى هذا الحساء، مثل اللفت الذي يحتوي على بيتا – كاروتين، الذي يساعد على حماية الأغشية المخاطية، والكرافس الذي يساعد على التخفيف من التشنجات التي تشكل واحدة من عوارض الإلتهاب الشعبي، والربو. أمّا البقدونس فيحتوي على زيوت مفيدة وفلافونويدات. فضلاً عن ذلك فإن تناول الحساء ساخناً وتنشق البخار المتساعد منه يساعد على التخفيف من إحتقان الجيوب الأنفية، ويفتح مجاري التنفس المسدودة بفعل الرشح.

    

    2- عصير التوت البري:

    إحتساء عصير التوت البري لعلاج إلتهاب المسالك البولية ليس مجرد وصفة كان يعتمدها أجدادنا، فأبرز المؤسسات الصحية العالمية تجمع على القول إنّ عصير التوت البري يتمتع بخصائص مفيدة لعلاج إلتهابات المسالك البولية. ويقول الدكتور فيليب هاجين، من "مايو كلينيك"، ومؤلف كتاب "العلاجات الطبيعية المنزلية": إنّ التوت البري يحتوي على عناصر فاعلة هي: (proanthocyanidins) التي تمنع جراثيم أي – كولاي من الإلتصاق بالجدران الداخلية للمثانة والتسبب بالعدوى والإلتهابات. وهو ينصح كلّ المعرضين للإصابة بالتهابات المسالك البولية، باحتساء كوب أو كوبين من عصير التوت البري يومياً للوقاية منها. كذلك فإن احتساء هذا العصير يفيد في التخفيف من عوارض الإصابة بالإلتهابات، مثل الحاجة المتواصلة إلى التبول، أو الإحساس بالحرقة عندما نتبول، كما يفيد في تسريع عملية الشفاء. لكن يجب الإنتباه إلى نوعية العصير الذي نشربه، فهناك في الأسواق أنواع غنية بالسكر وضعيفة التركيز لا تفيد في الوقاية من الإلتهابات. لذلك، يجب إختيار العصير النقي الذي يحتوي على 20% على الأقل من التوت البري الصافي، أو يمكن تناول الأقراص المكملة التي تحتوي كل منها على 400 ملغ من خلاصة التوت البري، بمعدل 3 أقراص في اليوم قبل ساعة أو ساعتين من موعد الوجبة. وإذا لم تختفي العوارض في غضون 24 ساعة، فيجب إستشارة الطبيب، خاصة في حالة إرتفاع حرارة الجسم. فهذا يعني أنّ الأمر أكثر خطورة ولا يمكن علاجه بالعصير أو بالأقراص المكملة.

    

    3- زيت شجرة الشاي:

    منذ القرن السابع عشر وزيت شجرة الشاي الأسترالية يستخدم لعلاج الإضطرابات الجلدية. وفي الحرب العالمية الثانية كان يستخدم لتعقيم الجروح والإصابات الجلدية. ولا يزال هذا الزيت يستخدم اليوم في علاج الجروح، الحروق الخفيفة، حروق الشمس، آلام العضلات والمفاصل وحب الشباب. وأكدت دراسة حديثة، نشرتها مجلة "علوم الجلد وأمراضه" البريطانية، أو زيت شجرة الشاي يساعد على التخفيف من إلتهابات حب الشباب، والبثور الجلدية. وتقول المتخصصة الأميركية في الأمراض الجلدية الدكتورة ديبرا جاليمان إن زيت شجرة الشاي يتمتع بخصائص مضادة للفطريات وللجراثيم. وهو فاعل جدّاً لدرجة أنّ العديد من مرضاها يفضلونه على المراهم والمستحضرات الطبية الكيميائية. واستخدام زيت شجرة الشاي المخفف عوضاً عن هذه المستحضرات الكيميائية يقي التأثيرات الجانبية لهذه الأخيرة، مثل جفاف البشرة واحمرارها، والإحساس بالحرقة والحكة.

    

    4- اللبن:

    تناول اللبن للتخفيف من عوارض الإضطرابات الهضمية، مثل الإسهال، أمر شائع منذ زمن طويل. وقد أكدت الأبحاث التي أجريت في جامعة تافتس الأميركية أنّ اللبن، وخاصة أنواعه الغنية بالبروبايوتيكس (الجراثيم الحميدة) مفيد جدّاً في حالات الإسهال، الإمساك، الإلتهابات المعوية، وسرطان القولون. كذلك أظهرت دراسات أخرى أنّه مفيد في التخفيف من عوارض إلتهاب المسالك البولية وسرطان الأمعاء، كما أنّه يقي أيضاً أكزيما الأطفال. من ناحية ثانية، ونظراً إلى غنى اللبن بالكالسيوم فإن تناوله يساعد على التخفيف من عوارض ما قبل العادة الشهرية، مثل: أوجاع الرأس، التشنجات، انتفاخ البطن والجسم. وتسهم المواظبة على تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم، وعلى رأسها اللبن، في الوقاية من هذه العوارض على المدى الطويل. وفي دراسة أميركية أجراها البحاثة في جامعة ماساتشوستس، تبين أنّ النساء اللواتي يأكلن 4 حصص من مشتقات الحليب خفيفة أو منزوعة الدسم، في اليوم، ينجحن في التخفيف من حدة عوارض ما قبل العادة الشهرية بنسبة 46%، كذلك أظهرت الأبحاث أن تناول 600 ملغ من الكالسيوم على شكل أقراص مكملة، مرتين يومياً، يخفف أيضاً من حدة عوارض ما قبل العادة الشهرية.

    

    5- بخار الماء:

    مشهد الإنحناء فوق وعاء يحتوي على ماء مغلي، لإستنشاق البخار المتصاعد منه، مألوف جدّاً لدينا في حالات الإصابة بالرشح. فهو يريحنا ويساعدنا على التنفس بشكل أفضل. وبالفعل يقول المتخصص الأميركي الدكتور نيل كاوو، مدير مركز أبحاث أمراض الحساسية والربو في غرينفيل: إن تنشق البخار ينظف مجاري التنفس في الأنف والجهاز التنفسي، ويخفف الضغط والإحتقان في الجيوب الأنفية. ولتعزيز فاعلية البخار ينصح بإضافة بضع قطرات من زيت النعناع البستاني أو الأوكالبتوس إلى الماء الساخن وتنشق البخار المتصاعد. فرائحة النعناع تسبب إحساساً بالوخز الخفيف في الأغشية المخاطية، ما يساعد على تخفيف الإحتقان.

    

    6- الشاي مع قشور الحامض:

    إحتساء الشاي مع القليل من عصير الحامض يفيد في حالات المغص والبرد، لكن فوائده لا تتوقف عند ذلك. فقد تبين في دراسة إحصائية أجريت في جامعة دارتماوث الأميركية في عام 2007 أن إمكانية الإصابة بسرطان الجلد تنخفض بنسبة 50% لدى الأشخاص الذين يواظبون على إحتساء الشاي، خاصة إذا كانوا يحتسون فنجانين أو أكثر منه يومياً. ويعزو العلماء ذلك إلى البوليفينولات الموجودة في الشاي والتي تحمي الجلد من تأثير الأشعة ما فوق البنفسجية الضارة. ولمضاعفة فاعلية الشاي في الوقاية من السرطان ينصح الخبراء بتخمير الشاي مع قشور الحامض. فقد أظهرت الأبحاث التي أجريت في جامعة أريزونا الأميركية أنّ الجمع بين مضادات الأكسدة في الشاي الأسود ومادة الليمونين الموجودة في الحامض وقشوره يخفف من خطر الإصابة بأحد أنواع سرطان الجلد بنسبة 88%.

    

    7- القيلولة:

    الكثيرون لا يمكنهم الإستغناء عن القيلولة اليومية، فهي ضرورية لتجديد النشاط والقوة. وإذا كانت القيلولة ضرورية ومهمة في الماضي، فإن نمط الحياة الحديث يزيد من أهميتها. ويقول ستون: إن تفشي أجهزة التكنولوجيا الرقمية الحديثة التي تسرق منا النوم تجعل القيلولة اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى. فالأجسام المتعبة تزيد من إفراز الكورتيزول، الهرمون الذي يمدنا بالطاقة، لكنها تكبح إفراز هرمون النمو، ما يحد من قدرة الجسم على ترميم نفسه. ومثله مثل التوتر، يسفر الإفتقار إلى النوم عن نتائج سلبية على مستوى حالتنا الصحية العامة. وكانت دراسة أجريت في جامعة ستانفورد الأميركية في عام 2008، أظهرت أنّه خلال النوم يقوم جهازنا المناعي بمكافحة الجراثيم بشكل أكثر فاعلية. وفي دراسة أخرى أجراها البحاثة الأميركيون في كاليفورنيا تبين أنّ هناك علاقة وثيقة بين الإفتقار إلى النوم وتراجع عدد الخلايا المناعية في الجسم.

    من جهة ثانية يساعد النوم الجيِّد على تفادي زيادة الوزن، فقد أظهر البحاثة في جامعة ستانفورد في عام 2004 أنّه كلما تناقصت فترة النوم اليومية، ازدادت حدة الشهية إلى الأكل، وازداد معها خطر الإصابة بالسمنة والبدانة.

    

    8- خميرة الجعة:

    كانت خميرة الجعة تستخدم منذ آلاف السنين لتحسين الحالة الصحية العامة ومكافحة التعب. وخميرة الجعة لا تحتوي على أي دهون أو نشويات أو سكر. ويساعد البروتين الموجود فيها بوفرة على كبح الشهية إلى الأكل، وينشط عملية الأيض ويمدنا بالنشاط. وتحتوي ملعقة طعام واحدة من خميرة الجعة ذات النوعية الجيِّدة على كامل حاجة الجسم اليمية من مجموعة فيتامينات (B) التي لا يمكن من دونها أيض الكربوهيدرات، الدهون والبروتينات، الضرورية لنمو الإنسان. وتلعب هذه الفيتامينات أيضاً دوراً رئيسياً في الحفاظ على صحة الشعر، الجلد، الأعصاب، الخلايا الدموية، الغدد التي تفرز الهرمونات، والجهاز المناعي. وتساعد خميرة الجعة أيضاً على كبح إفراز الحامض الأميني الهوموسيستين الذي يربط العلماء بينه وبين أمراض القلب والأوعية الدموية.

    

    9- كربونات الصودا:

    مسحوق كربونات الصودا لا يفيد فقط في نقع الفول والحمص والبقوليات الأخرى قبل طبخها لتسهيل عملية سلقها، بل يتمتع بسلسلة من الفوائد الصحية الأخرى. فكربونات الصودا المعروفة بقدرتها على إزالة كل أنواع الروائح، تفيد في إزالة روائح القدمين الكريهة، فهي لا تمتص الرائحة فحسب، بل تبطل مفعول الأحماض على الجلد، وتساعد على التخلص من الإفرازات الدهنية والعرق. وإضافة كربونات الصودا إلى ماء الحمام تساعد أيضاً على التخفيف من الحكة، تهيج الجلد والألم الناتج عن حروق الشمس الخفيفة. وكانت كربونات الصودا تستخدم منذ سنوات طويلة في حالات لدغات النحل. فالحامض الموجود في سم النحلة يمكن أن يستمر في التسبب بالحريق في موضع اللدغة حتى بعد نزع الزعنفة. وبما أن كربونات الصودا قلوية، فإنّها تبطل مفعول هذا الحامض، وتخفف الإحساس بالحريق في موضع اللدغة. وينصح الخبراء بمزج القليل من كربونات الصودا مع الماء لتشكيل عجينة طرية توضع فوق موقع اللدغة وتترك لمدة ربع ساعة. ويمكن إستخدام العلاج نفسه للتخفيف من الحكة ومن الإزعاج الناتج عن لدغات الحشرات الأخرى.

ارسال التعليق

Top