◄إنّ الصلاة تمثّل أعظم الفرائض في الميدان الأبديّ للبحث عن الحقيقة، والذي فُرض على الإنسان بل جُبل عليه وأكثرها تأثيراً، ولعلّ البعض تعرَّف على هذه الخصوصية من خلال الجهد الفردي نحو الكمال فقط، ولو يسمع بدورها في ميدان الجهاد الجماعي لمواجهة القوى الدنيوية المناهضة، لذا يجب أن نعرف أنّ الرجولة والثبات في المواجهات المختلفة، مرتبطة بكون القلوب والإرادات مليئة بالصفاء والتوكّل والثقة بالنفس والأمل بحسن العاقبة.
إنّ الصلاة تمثّل النبع الفوّار الذي يفيض بكلّ هذه على قلب وروح المصلي، وتصنع منه إنساناً نقيّاً متفائلاً، ثابت الإرادة والعزم.
وما جاء في القرآن بأنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ووصفت على لسان النبي الخاتم (ص) بأنّها معراج المؤمن، وقربان كلّ تقي، وفي كلمة واحدة أنها عمود الدين، ووصفها الرسول (ص) بأنّها "قرّة عيني" يجب أن يحثّنا إلى التأمل والعمُق في فهم عظمة الصلاة.
طبعاً، يجدر بنا أن نعلم أنّ الصلاة لا تعني التفوّه ببعض الكلمات، وأداء بعض الحركات، فلا تترتّب كلّ هذه البركات على إيجاد أمواج صوتيّة، وأعمال بدنية، دون أن تبعث في هذا البدن روح الذكر والتوجّه. فروح الصلاة هي ذكر الله، والخشوع والحضور أمامه، وهذه الكلمات والأفعال التي فُرضت على المكلّف بالتعليم الإلهي، أفضل إطار لروحه، وأقرب الطرق لوصوله إلى المحلّ المقصود.
فصلاة بلا ذكر وحضور، كبدن بلا روح، وإطلاق لفظ الصلاة عليها وإن لم يكن على سبيل المجاز، لكن لا ينبغي أن يرتجى منها أثر وخاصيّة الصلاة أيضاً.
وقد ورد الحديث عن هذه الحقيقة في الآثار الدينية بعنوان "قبول الصلاة"، وهكذا ورد أنّه "ليس لك من صلاتك إلا ما أقبلت عليه".
إنّ هذه الصلاة موهبة ليس لها بديل، ومنبع فيض لا يزول، نستثمرها لإصلاح أنفسنا أوّلاً، ومن نحبّ ثانياً، وهي بوابة مفتوحة إلى جنّة واسعة يسودها الصفاء، وأنّه لِمَن المؤسف أن يقضي الإنسان عمره بجوار هذه الجنّة ولا يحاول أن يزورها، أو يدعوَ أحبّاءه إليها، فقد أبلغ الوحي النبي العظيم (ص): "وأمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها". واليوم اعتبروا هذا الخطاب موجّهاً إليكم وقدّروا أهمية الصلاة، هذه الحقيقة المقدّسة والدرّ الساطع الذي هو هبة إلهية لأُمة محمد (ص).
ولكلّ منكم سهمه الخاصّ إزاء هذه الوظيفة.
فعلى الآباء والأُمّهات هداية الأبناء بالقول والعمل نحو الصلاة. وعلى المعلّمين إرشاد طلاب المدارس والجامعات نحو هذه الحقيقة الساطعة.►
ارسال التعليق