• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإخلاص.. ثمرة العبادة

الإخلاص.. ثمرة العبادة
◄قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الحجر/ 36-42).

الإخلاصُ لبُّ العبادة، ويُوحِّدُ مرجعيةَ العقلِ والقَلب، وهو يَنتُجُ عن العبوديةِ لله تعالى وتطبيقِ الشريعة المقدَّسة، توخياً للأجر ومرضاةِ الله عزّ وجلّ، وهو عظيم.

(قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، القول لإبليس (لعنه الله)، بعد أن طرده الله تعالى من رحمته، لأنّه تكبَّر وتجبَّر ورفض السجود لآدم (ع)، ولأنّه لم ينفِّذ أمر الله تعالى، رغم العبادة السابقة التي كان عليها، فلا أمل منه، والله تعالى يعلم ذلك علمه للغيب. طلب إبليس من ربه أن يتركه على قيد الحياة إلى يوم القيامة، أي أن يُطيل عمره خلال وجود الحياة على الأرض، فوافق تعالى: (قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)، لن تموت في هذه الحياة الدنيا وستبقى حياً إلى يوم القيامة.

عندها كشف إبليس عن سريرته السيئة والسلبية: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)، أي سأُريهم الباطل حقّاً، والقبيح جميلاً، والسوء حسناً، وأدعوهم بجاذبيةٍ إلى المحرمات حتى يُبلوا عليها، وقد حذَّرنا الله تعالى من الزينة المضلِّلة: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران/ 14). فالزينة مقدمة للغواية، والغواية تجذب إلى الحرام، وليس معنى الغواية أن يسيطر أحدٌ على أحد، فالشيطان يعرض ما عنده ولا يسيطر على أحد، ولا يفرض شيئاً على أحد، ولا يملك عقل أحد، ولا يملك قلب أحد، ولا يستطيع أن يُمسك بيد أحد ولا أن يقود أحداً إلى أي مكان، إنما يقوم بحركاتٍ وأقوالٍ وأفعال، ويعرضها على الناس، فمن يميل إليه يكون قد غُوي بغواية إبليس، وهو الذي يتحمَّل مسؤولية الوقوع في الغواية.

لكنّ إبليس لا يستطيع إغواء عباد الله المخلصين، ليس مِنَّة منه عليهم، بل لأنّهم محصَّنون بالإيمان، فلا تؤثِّر فيهم غوايته، ولا يلتفتون إلى الزينة التي يعرضها عليهم، ولا يبالغون بوسوساته الشيطانية، فهم صامدون بسبب إيمانهم وإخلاصهم لله تعالى..

لماذا تحدث رب العالمين عن (المُخْلَصِينَ) ولم يقل "المُخْلِصِينَ"؟ تحدث أهل اللغة والمفسرون عن لفتة كريم، بالتمييز بين "المُخْلِص" و"المُخْلَص".

المُخْلِص: هو الذي أخلَصَ نفسه لله تعالى، ونفذ أوامر الله تعالى، وكانت أعماله كلها طاعة له عزّ وجلّ وفي سبيله، خالصةً لوجهه. فأقام الصلاة قربةً إلى الله تعالى، وبذل الصدقة قربةً إلى الله تعالى، وقام بواجبه تجاه عياله بالإنفاق عليهم فلم يحرمهم ولم يظلمهم ولم يؤذهم، والتزم بالضوابط الشرعية في مسائل الحلال والحرام. فالمخلِص من يقوم بالعبادة والعمل قربةً إلى الله تعالى، من دون شائبةِ رياءٍ أو شركٍ أو انحرافٍ أو معصية.

المُخْلَص: من يستخلصه الله تعالى ويختاره لأنّه أحسن في إخلاصه لله تعالى، فهي حالة ينتقل فيها المؤمن من "المُخْلِص" إلى "المُخْلَص"، فأنت مُخلِصٌ بعملك، وأنت مُخلَصٌ باختيار الله تعالى لك. يختارك الله من بين الناس فيستخلصُك لنفسه: (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف/ 24). فالمُخْلِص: هو الذي يؤدي عمله بإخلاص لمن أخلَصَ له، والمُخْلَص: هو الذي استخلصه الله تعالى لنفسه بناءً لإخلاصه، ولا يكون مُخلَصاً باختيار الله تعالى له، إلّا بعد أن يكون مُخلِصاً.

(قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)، إنّ عباد الله تعالى (مؤمنهم وكافرهم) على مستوى جميع البشر، لا يتحكم بهم إبليس، ولا يستطيع أن يحرفهم عن الطريق إلّا بإرادتهم، ولا يستطيع أن يمنع عنهم الهداية، إلّا الذين اتبعوه، فقد اختاروا الضلال والانحراف.

 

1-    طريقُ الإخلاص:

توحيدُ الله تعالى أساس طريق الإخلاص، عبَّرتْ عنه سورة الإخلاص، أو سورة التوحيد، والبعض يسمونها: سورة (قل هو الله أحد): (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (سورة الإخلاص). اسمها سورة الإخلاص لأنّها تُعبِّر عن توحيد الله تعالى، الذي لا شريك له، الذي لا يُعادله ولا يُساويه أحد، وليس محدوداً بحدٍّ، فهو مطلقُ الصفات كلها، وهو الله الخالق الواحد الأحد، أصل الوجود بذاته من دون أن يولد، الذي خلق كلَّ المخلوقات وكلَّ الحياة وما في الدنيا والآخرة بالإيجاد من العدم من دون أن يلِد، فالتوحيد هو التزامٌ بأنّ الله تعالى هو المعبود ولا معبود سواه، فتخضع أعمالك لهذا الإيمان، وتكون عبادتك خالصة له جلّ وعلا، عندها تصبح مخلِصاً، لأنك عبدت الله ولم تعبد أحداً، وأطعته ولم تطع إلّا الله جلّ وعلا.

يقول أمير المؤمنين عليّ (ع) في أوّل خطبة من نهج البلاغة: "أوّلُ الدِّينِ معرفتُه، وكمالُ معرفتِه التَّصديقُ بِه، وكمال التصديقِ بِه تَوْحيدُه، وكمالُ توحيدِه الإخلاصُ لَه، وكمالُ الإخلاصِ له نَفْيُ الصِّفاتِ عَنْه". أوّل خطوةٍ معرفةُ الله تعالى، التي تكون كاملة بالتصديق به، فلا تكفي المعرفة الناقصة أو المشككة، وأن يصدِّق بأنّ الله تعالى هو الخالص الواحد الأحد، لا شريك له. ثم يكون كمالُ التوحيد بالإخلاص لله تعالى، فما يقوله جلّ وعلا تلتزم به وتنفِّذه، وما ينهى عنه تنتهي عنه، ولا تستمع لأحدٍ إلّا أن يكون كلامه منسجماً مع ما أمر الله تعالى، عندها تكون موحِّداً حقيقياً للخالق، فإذا كنت موحِّداً  كنت مخلِصاً، وإذا كنت مخلِصاً تصبح مخلَصاً، عندها لا يمكن للشيطان أن يؤثّر فيك في هذه الحياة الدنيا.

يترجم المؤمن الإخلاص بعبادة الله تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) (الزّمر/ 11). وقد أرسل الله تعالى النبيّ محمّداً (ص)، وتابع من بعده الأئمة الأطهار (ع) يفصِّلون ويفسّرون، وبين أيدينا القرآن الكريم والسنة الشريفة، لنعرف الحلال والحرام، والواجب والمحرم، فإذا التزمت في بيتك بالواجبات وامتنعت عن الحرام، وفي الشارع كذلك، وفي المدرسة، ومكان العمل أيضاً، وفي العلاقة مع الآخرين، وفي التجارة أيضاً، عندها تكون أعمالك وفق أوامر الله تعالى، وإعراضك عما نهى الله تعالى عنه، وهذا هو طريق الإخلاص، فالإخلاص هو باتِّباع الدين.

وتجنب المعاصي هو طريق الإخلاص، فعن أمير المؤمنين عليّ (ع): "تمام الإخلاص تجنب المعاصي"، فعندما تمتنع عن المحرمات تجد نفسك على طريق الإخلاص، بل تصل إلى أرقى مستويات الإخلاص، فكلُّ الأمور تدور حول الطاعة لله تعالى، ومحورها الالتزام بالأوامر، والابتعاد عن المعاصي، للقيام بالتكليف الشرعي، بل قال بعض العرفاء بأن فعل الواجبات يعود إلى تجنُّب المعاصي، وهذا ما يساعد على سموِّ القلب بإخلاصه لله تعالى.

 

2-    الإخلاصُ ثمرةُ العبادة:

يقول أمير المؤمنين عليّ (ع): "الإخلاص ثمرة العبادة"، فعندما تتعَّبد لله عزّ وجلّ تصل إلى الإخلاص، الصلاة توصل إلى الإخلاص، والصوم يوصل إلى الإخلاص، والحج يوصل إلى الإخلاص، والخُمس يوصل إلى الإخلاص، وكلُّ العبادات المقرّرة في الإسلام توصل إلى الإخلاص، فإذا أدَّيتها بحسب الضوابط الصحيحة وصلت إلى التقوى، وهي طريق الإخلاص.

لنتعرف على المخلص، من قول الرسول (ص): "وأمّا علامة المخلص فأربعة:

1-    يُسلِمُ قلبه: تسليم القلب لله عزّ وجلّ، فليس فيه حب وطاعة لغير الله تعالى ومن يسير على دربه، وليس فيه كرهٌ إلّا للفساد والظلم والانحراف، فالحبُّ في الله والكرهُ في الله، وصِلَتُنا بالله تعالى هي الأساس لكلِّ علاقاتنا ومحبتنا وتقييمنا، فالخير والصلاح من الله تعالى ومعه جلّ وعلا، قال رسول الله (ص): "لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبُّ إليه مما سواهما، وأن يحبّ لا يحبّ إلّا في الله، وأن يبغض لا يبغض إلّا في الله".

2-    وتُسْلِمُ جوارحه: الجوارح جمع جارحة، وهي الحواس الخمس، يضاف إليها البطن والفرج فتصبح سبعاً. الجارحة هي التي تجترح العمل كاليد والعين والأذن، وعندما تُسلم الجوارح لله تعالى، تتصرف بما أمر الله تعالى، فتتحرك يدك في سبيل الله، فتقبض المال الحلال ولا تسرق، ولا تنظر بعينيك إلّا إلى ما أحلَّ الله تعالى، فإذا لمحت حراماً غضضت بصرك، ولا تسمع أذناك إلّا الحلال فإذا ذُكرت غيبة ابتعدت عنها ورفضت أن تسمعها وطلبت التوقف عن التكلم عنها، وهكذا..

3-    وبَذَلَ خيرَه: فهو يعطي دائماً الخير ويبذله، ويتكلم الكلام الطيب، ويُساعد الناس، ويُصلح بينهم...، فالخير صادرٌ عنه في كلِّ المجالات وبشكل دائم.

4-    وكَفَّ شرَّه: أي امتنع عن الإضرار بالناس بكل أنواع الشرور، صغيرها وكبيرها، بحيث لا يؤذي أحداً بقول أو فعل، ولا يتسبب بمشكلةٍ لأحد.

"وأمّا علامة المخلص فأربعة: يُسلِمُ قلبه، وتُسْلِمُ جوارحه، وبَذَلَ خيره، وكَفَّ شرَّه".

ومما يوصل إلى الإخلاص، ما قاله رسول الله (ص): "إنّ لكلِّ حقٍّ حققة، وما بلغَ عبدٌ حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يُحمدَ على شيءٍ من عمل لله تعالى. فإذا قمتَ بأعمالٍ حسنة، فأنت لا تنتظر أن يقول لك أحد: أحسنت، ولا ترجو من الناس الشكر. فالمخلِص يُعطي باليد اليمنى فلا تعرف اليسرى، ويؤدي قربةً إلى الله تعالى عرف الناس أو لم يعرفوا، ويقوم بواجبه تجاه الآخرين أشادوا به أم لم يشيدوا، فهو يبتغي الأجر عند الله تعالى، والملائكة يسجلون أعماله الصالحة، ولا جائزة تعادل رضوان الله تعالى والجنة في يوم القيامة.

 

3-    نتائجُ الإخلاص:

نصرُ الأُمّة من نتائج الإخلاص، فعن النبيّ محمّد (ص): "إنما نصرَ الله هذه الأُمّة بضعفائها ودعوتهم وإخلاصهم وصلاتهم". النطق بالحكمة والتصرف على أساسها من نتائج الإخلاص لله تعالى، قال النبي (ص): "ما أخلصَ عبدٌ لله عزّ وجلّ أربعين صباحاً إلّا جَرَتْ ينابيعُ الحكمة من قلبه على لسانه"، وأدعوكم للتجربة في هذا الأمر، والابتعاد عن الذنوب الصغيرة والكبيرة، والقيام بكلِّ العبادات، والاستمرار بذكر الله تعالى، فسيكتشف الواحد منكم بعد أربعين صباحاً ما وعد به رسول الله (ص)، بأنّه ينطق بكلمات، ويتحدث عن أفكارٍ ومفاهيم، ويعطي آراءً، ويعالج بعض القضايا، بخطوات مليئة بالحكمة، لأنّ ينابيع الحكمة تفجَّرت من قلبه على لسانه بسبب إخلاصه لله تعالى.

الإخلاصُ طريق كفاية الله لعبده في الدنيا والآخرة، فعن الإمام زين العابدين (ع) يتحدث عن حق الله على العباد: "فأمّا حقُّ الله الأكبر، فأن تعبده لا تشرك به شيئاً، فإذا فعلتَ ذلك بإخلاص، جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة، وأن يحفظ لك ما تحب منها". فالله عزّ وجلّ مصدر كلّ نعمة وعطاء، يرزق من يشاء ويقدِّر ما يشاء، وهو لا يترك مخلوقاً إلّا أعطاه، (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) (هود/ 6)، والأولى أن يكون العطاء للمؤمن، ليرضى من رِزْقِ الله بما أعطاه، وقد أكدت الروايات على تخصيص الخالق لعبده المؤمن بعطاءات إضافية في الدنيا من المال والصحة والعمر والنِّعَم، وهو تكريمٌ له في الدنيا قبل الآخرة.

ليس الإخلاصُ عبئاً بل هو سبيل الراحة والاستقرار، ومعه يكفي القليل من العمل، قال النبيّ محمّد (ص): "أخلص يكفك القليل من العمل".

 

4-    عوائق الإخلاص:

العائق الأساس للإخلاص هو حبُّ الدنيا، يقول أمير المؤمنين (ع): "آفةُ النَّفْس الولَهُ بالدنيا"، والتمسك بها والتعلق بحرامها.

ومنه الاستخفاف بالأحكام الشرعية وعدم التدقيق والتمييز بين الحلال والحرام، فعن أمير المؤمنين (ع): "ولا تُرَخِّصُوا لأنفُسِكُمْ فَتَذهَبَ بِكُمُ الرُّخَصُ مذاهِبَ الظَّلَمَةِ، ولا تداهِنُوا فَيَهجُمَ بكم الإدْهَانُ على المعصِيَةِ". انتبه فلا تشرِّع لنفسك ما لم يشرِّعه الله تعالى، ولا تساير أو تداهن أهل المعاصي للذةٍ عابرة فتتراخى عن الحدِّ الشرعي أو تقع في المعصية والحرام.

ومنه القيام بالأعمال رياء للناس والمظاهر وليس قربة إلى الله تعالى أو تنفيذاً لأمره، فقد يتبرع متبرِّع لمسجد ولكنه يريد السمعة بين الناس، وقد يُطعم الفقراء ولكنه يريد التأمر عليهم، وقد يؤدي بعض الخدمات ولكنها من أجل المنصب والموقع، هذه الأعمال فيها رياءٌ يُسقط العمل، قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (الماعون/ 4-7).

يشمل امتحان الإخلاص جميع المؤمنين، كبيرهم وصغيرهم، عالمهم وجاهلهم، ولكنه يشتد مع العلم والعمل، فعن رسول الله (ص): "العلماء كلهم هلكى إلّا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلّا المخلصون، والمخلصون في خطرٍ عظيم". ويحتاج الإخلاص إلى بذل الجهد والتعب، لكنّ ثماره عظيمة، فهي تحمي من شياطين الإنس والجن، وترقى بالمؤمن إلى أعلى الدرجات مع النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين. ►

 

المصدر: كتاب مفاتيح السعادة

ارسال التعليق

Top