• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أهميّة اللّغة العربيّة وكيْف يُمكن تَعلُّمها؟/ج2

نظام الدين إبراهيم أوغلو

أهميّة اللّغة العربيّة وكيْف يُمكن تَعلُّمها؟/ج2

الفصل الأوّل
أَهمية اللّغة العربيّة
أهمية اللّغة العربيّة في المصَادر العربيّة1 ـ قال عمر: «تعلَّموا النَّحو كما تُعلَّمون السُّنن والفرائضَ». وفي قول آخر عن عمر أنه قال: «تعلموا العربيّة فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم» . 2ـ قول الثّعالبي في كتابه فقه اللّغة وسرُّ العربيّة: « إنّ مَن أحَبَّ اللهَ أحبَّ رسولهُ، ومن أحبَّ النّبي أحَبَّ العَربَ، ومَن أحبَّ العربَ أحبَّ اللّغة العربيّة التي بها نزلَ أفضلَ الكُتبِ على أفضلَ العجمِ والعربِ، ومَن أحبَّ العربيّة عُنيَ بها وثابرَ عليها، وصرفَ هِمَّتهُ إليها».3 ـ قول ابن تيميّة: «إنّ اللّغة العربيّة من الدِّين، ومعرفتُها فرضٌ وواجبٌ، فإنَّ فهم الكِتابِ والسُّنةِ فرضٌ، ولا يُفْهمُ إلاّ باللّغة العربيّة، وما لا يتُّمُ الواجبُ إلاّ بهِ فهو واجبٌ». وقوله أيضًا: «وليس أثر اعتياد اللّغة الفصحى مقصورًا على اللسان، بل يتعمق حتى يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًّا بيِّنًا، ويؤثر أيضًا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق». 4ـ قال ابن تيميّة: «وما زال السلف يكرهون تغييرَ شعائرِ العربِ حتى في المعاملات، وهو التكلُّم بغير العربيّة إلاّ لحاجة ، كما نصَّ على ذلك مالك والشافعي وأحمد، بل قال مالك: « مَنْ تكلّم في مسجدنا بغير العربيّة أُخرِجَ منه » مع أنّ سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها، ولكن سوغوها للحاجة، وكرهوها لغير الحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام».   وقال أيضًا: «وكان السلف يؤدّبون أولادهم على اللحن، فنحن مأمورون أمرَ إيجابٍ أو أمرَ استحبابٍ أن نحفظ القانون العربي، ونُصلح الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنّة، والاقتداء بالعرب في خطابها، فلو تُرك الناس على لحنهم كان نقصًا وعيبًا».  5ـ قول الفارابي يمدح العربيّة ويقول: «بأنها من كلام أهل الجنّة، وهو المنزّه بين الألسنة من كل نقيصة، والمعلّى من كل خسيسة، ولسان العرب أوسط الألسنة مذهبًا وأكثرها ألفاظًا».   6ـ قال ابن قيّم الجوزيّة: «وإنّما يعرِفُ فضْلَ القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللّغة وعلم العربيّة، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها ومقاولاتها في مواطن افتخارها، ورسائلها..». 7ـ ونقل عن الإمام أحمد كراهة الرَطانةِ، وتسميةِ الشهورِ بالأسماءِ الأعجميّةِ، والوجهُ عند الإمام أحمد في ذلك «كراهةُ أن يتعوّد الرجل النطقَ بغير العربيّة».  8ـ قال مصطفى صادق الرافعي: «ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلاّ ذلَّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرض الأجنبيُّ المستعمرُ لغته فرضًا على الأمّة المستعمَرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمته فيها، ويستلحِقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحدٍ: أمّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجنًا مؤبّدًا، وأمّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محوًا ونسيانًا، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ ».  9ـ ذكر الشافعيُّ أَنّ على الخاصَّة الّتي تقومُ بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم الاجتهاد في تعلّم لسان العرب ولغاتها، التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسُّنن والآثار وأقاويل المفسّرين من الصحابة والتابعين، من الألفاظ الغريبة، والمخاطباتِ العربيّة، فإنّ من جَهِلَ سعة لسان العرب وكثرة ألفاظها، وافتنانها في مذاهبها جَهِلَ جُملَ علم الكتاب، ومن علمها، ووقف على مذاهبها، وفَهِم ما تأوّله أهل التفسير فيها، زالت عنه الشبه الدَّاخلةُ على من جَهِلَ لسانها من ذوي الأهواء والبدع». 
أهمية اللّغة العربيّة في مصادر المستشرقين: من أجل معرفة فضل لغة القرآن يجب علينا من قراءة بعض الأقوال الغير العربية كذلك. 1ـ قوال المستشرق الفرنسي رينان: «من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللّغة القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل، تلك اللّغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ، ولا نكاد نعلم من شأنها إلاّ فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى ولا نعرف شبيهًا بهذه اللّغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرّج وبقيت حافظةً لكيانها من كلّ شائبة». 2ـ قول المستشرقة الألمانية الدّكتورة في الفلسفة أنا ماري شيمل، والتي ترجمت القرآنَ الكريمِ إلى الألمانية: «واللّغة العربيّة لغةٌ موسيقيّةٌ للغايةِ، ولا أستطيعُ أن أقول إلاّ أنها لا بُدَّ أنْ تكونَ لغةُ الجنّةِ».  3ـ قال المستشرق المجري عبد الكريم جرمانوس: «إنَّ في الإسلام سندًا هامًّا للغة العربيّة أبقى على روعتها وخلودها فلم تنل منها الأجيال المتعاقبة على نقيض ما حدث للغات القديمة المماثلة، كاللاتينية حيث انزوت تماماً بين جدران المعابد. ولقد كان للإسلام قوة تحويل جارفة أثرت في الشعوب التي اعتنقته حديثًاً، وكان لأسلوب القرآن الكريم أثر عميق في خيال هذه الشعوب فاقتبست آلافًا من الكلمات العربيّة ازدانت بها لغاتها الأصلية فازدادت قوةً ونماءً. والعنصر الثاني الذي أبقى على اللّغة العربيّة هو مرونتها التي لا تُبارى ، فالألماني المعاصر مثلاً لا يستطيع أن يفهم كلمةً واحدةً من اللهجة التي كان يتحدث بها أجداده منذ ألف سنة ، بينما العرب المحدثون يستطيعون فهم آداب لغتهم التي كتبت في الجاهلية قبل الإسلام».  4ـ قال المستشرق الألماني يوهان فك: «إنّ العربيّة الفصحى لتدين حتى يومنا هذا بمركزها العالمي أساساً لهذه الحقيقة الثابتة، وهي أنها قد قامت في جميع البلدان العربيّة والإسلامية رمزاً لغويّاً لوحدة عالم الإسلام في الثقافة والمدنية، لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربيّة الفصحى عن مقامها المسيطر، وإذا صدقت البوادر ولم تخطئ الدلائل فستحتفظ العربيّة بهذا المقام العتيد من حيث هي لغة المدنية الإسلامية». 5ـ قال جوستاف جرونيباوم: «عندما أوحى الله رسالته إلى رسوله محمد أنزلها «قرآنًا عربيًّا» والله يقول لنبيّه: «فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قومًا لدًّا»، وما من لغة تستطيع أن تطاول اللّغة العربيّة في شرفها، فهي الوسيلة التي اختيرت لتحمل رسالة الله النهائية، وليست منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع الله في سائر اللغات من قوة وبيان، أما السعة فالأمر فيها واضح، ومن يتّبع جميع اللغات لا يجد فيها على ما سمعته لغة تضاهي اللّغة العربيّة، ويُضاف جمال الصوت إلى ثروتها المدهشة في المترادفات. وتزيّن الدقة ووجازة التعبير لغة العرب، وتمتاز العربيّة بما ليس له ضريب من اليسر في استعمال المجاز، وإنّ ما بها من كنايات ومجازات واستعارات ليرفعها كثيراً فوق كل لغة بشرية أخرى، وللغة خصائص جمّة في الأسلوب والنحو ليس من المستطاع أن يكتشف له نظائر في أيّ لغة أخرى، وهي مع هذه السعة والكثرة أخصر اللغات في إيصال المعاني، وفي النقل إليها، يبيّن ذلك أنّ الصورة العربيّة لأيّ مثل أجنبيّ أقصر في جميع الحالات، وقد قال الخفاجي عن أبي داود المطران ـ وهو عارف باللغتين العربيّة والسريانية ـ أنه إذا نقل الألفاظ الحسنة إلى السرياني قبُحت وخسّت، وإذا نُقل الكلام المختار من السرياني إلى العربي ازداد طلاوةً وحسنًا، وإنّ الفارابي على حقّ حين يبرّر مدحه العربيّة بأنها من كلام أهل الجنّة، وهو المنزّه بين الألسنة من كل نقيصة، والمعلّى من كل خسيسة، ولسان العرب أوسط الألسنة مذهبًا وأكثرها ألفاظًا».  6ـ قال المستشرق الألماني أوجست فيشر: «وإذا استثنينا الصين فلا يوجدُ شعبٌ آخرُ يحقّ له الفَخارُ بوفرةِ كتبِ علومِ لغتِه، وبشعورِه المبكرِ بحاجته إلى تنسيقِ مفرداتها، بحَسْبِ أصولٍ وقواعدَ غيرَ العرب». 7ـ قال هايوود: «إن العرب في مجال المعجم يحتلّون مكان المركز، سواءً في الزمان أو المكان، بالنسبة للعالم القديمِ أو الحديثِ ، وبالنسبة للشرقِ أو الغربِ». 8ـ قال المستشرق ألفريد غيوم عن العربيّة: «ويسهل على المرء أن يدركَ مدى استيعابِ اللّغة العربيّة واتساعها للتعبير عن جميع المصطلحات العلمية للعالم القديم بكل يسرٍ وسهولة، بوجود التعدد في تغيير دلالة استعمال الفعل والاسم... »، ويضرب لذلك مثلاً واضحًا يشرح به وجهة نظره حيث يقول: «إن الجذر الثلاثي باشتقاقاته البالغة الألفَ عَدًّا، وكلٌ منها متّسق اتساقًا صوتيًّا مع شبيهه، مشكّلاً من أيّ جذر آخر، يصدر إيقاعًا طبيعيًّا لا سبيل إلى أن تخطئه الأذن، فنحن (الإنكليز) عندما ننطق بفكرة مجرّدة لا نفكر بالمعنى الأصلي للكلمة التي استخدمناها، فكلمة (Association)  مثلاً تبدو منقطعة الصلة بـ (Socins) وهي الأصل، ولا بلفظة (Ad)، ومن اجتماعهما تتألف لفظة (Association )  كما هو واضح وتختفي الدالّة مدغمة لسهولة النطق، ولكن أصل الكلمة بالعربيّة لا يمكن أن يَسْتَسِرّ ويَسْتَدِقّ على المرء عند تجريد الكلمة المزيدة حتى يضيع تمامًا، فوجود الأصل يظلّ بَيّنًا محسوسًا على الدوام، وما يعدّ في الإنجليزية محسّناتٍ بديعيةً لا طائل تحتها، هو بلاغةٌ غريزيةٌ عند العربي».  9ـ قال المستشرق الألماني نولدكه عن العربيّة وفضلها وقيمتها: «إن اللّغة العربيّة لم تَصِرْ حقًّا عالميةً إلا بسبب القرآن والإسلام، وقد وضع أمامنا علماءُ اللّغة العرب باجتهادهم أبنيةَ اللّغة الكلاسيكية، وكذلك مفرداتها في حالة كمالٍ تامٍّ، وأنه لا بدّ أن يزداد تعجب المرء من وفرة مفردات اللّغة العربيّة، عندما يعرف أنّ علاقات المعيشة لدى العرب بسيطةٌ جدًّا، ولكنهم في داخل هذه الدائرة يرمزون للفرق الدقيق في المعنى بكلمةٍ خاصّةٍ، والعربيّة الكلاسيكية ليست غنيّةً فقط بالمفردات ولكنها غنيةٌ أيضًا بالصيغ النحوية، وتهتمّ العربيّة بربط الجمل ببعضها... وهكذا أصبحت اللّغة (البدويّة) لغةً للدين والمنتديات وشؤون الحياة الرفيعة، وفي شوارع المدينة، ثم أصبحت لغةَ المعاملات والعلوم، وإن كلَّ مؤمنٍ غالبًا جدًّا ما يتلو يوميًّا في الصلاة بعض أجزاء من القرآن، ومعظم المسلمين يفهمون بالطبع بعض ما يتلون أو يسمعون، وهكذا كان لا بُدّ أن يكون لهذا الكتاب من التأثير على لغة المنطقة المتّسعة ما لم يكن لأيّ كتابٍ سواه في العالم، وكذلك يقابل لغة الدين ولغة العلماء والرجل العادي بكثرة، ويؤدّي إلى تغيير كثيرٍ من الكلمات والتعابير في اللّغة الشعبية إلى الصحّة».  10ـ قال المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون: «استطاعت العربيّة أن تبرز طاقة الساميين في معالجة التعبير عن أدق خلجات الفكر سواءً كان ذلك في الاكتشافات العلمية والحسابية أو وصف المشاهدات أو خيالات النفس وأسرارها. واللّغة العربيّة هي التي أدخلت في الغرب طريقة التعبير العلمي، والعربيّة من أنقى اللغات، فقد تفرّدت بتفرّدها في طرق التعبير العلمي والفني والصوفي، إنّ التعبير العلمي الذي كان مستعملاً في القرون الوسطى لم يتناوله القدم ولكنه وقف أمام تقدّم القوى المادية فلم يتطوّر. أما الألفاظ المعبّرة عن المعاني الجدلية والنفسانية والصوفية فإنها لم تحتفظ بقيمتها فحسب بل تستطيع أن تؤثر في الفكر الغربي وتنشّطه. ثمّ ذلك الإيجاز الذي تتسم به اللّغة العربيّة والذي لا شبيه له في سائر لغات العالم والذي يُعدّ معجزةً لغويةً كما قال البيروني». 11ـ قالت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة: «كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمالَ هذه اللّغة ومنطقَها السليم وسحرَها الفريد؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللّغة، فلقد اندفع الناس الذين بقوا على دينهم في هذا التيار يتكلمون اللّغة العربيّة بشغفٍ، حتى إنّ اللّغة القبطية مثلاً ماتت تمامًا، بل إنّ اللّغة الآرامية لغة المسيح قد تخلّت إلى الأبد عن مركزها لتحتلّ مكانها لغة محمد».  12ـ قال المستشرق الألماني كارل بروكلمان: «بلغت العربيّة بفضل القرآن من الاتساع مدىً لا تكاد تعرفه أيُّ لغةٍ أخرى من لغات الدنيا، والمسلمون جميعًا مؤمنون بأنّ العربيّة وحدها اللسانُ الذي أُحِلّ لهم أن يستعملوه في صلاتهم... ».  وقال د. جورج سارتون: «وهبَ اللهُ اللّغة العربيّة مرونةً جعلتها قادرةً على أن تدوّن الوحي أحسن تدوين... بجميع دقائق معانيه ولغاته، وأن تعبّر عنه بعباراتٍ عليها طلاوة وفيها متانة».  13ـ أكّد المستشرق ريتر أستاذ اللغات الشرقية بجامعة إستنبول: «إن اللّغة العربيّة أسهل لغات العالم وأوضحها، فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقةٍ جديدةٍ لتسهيل السهل وتوضيح الواضح. إن الطلبة قبل الانقلاب الأخير في تركيا كانوا يكتبون ما أمليه عليهم من المحاضرات بالحروف العربيّة وبالسرعة التي اعتادوا عليها – لأن الكتابة العربيّة مختزلةٌ من نفسها – أما اليوم فإن الطلبة يكتبون ما أمليه عليهم بالحروف اللاتينية، ولذلك لا يفتأون يسألون أن أعيد عليهم العبارات مرارًا، وهم معذورون في ذلك لأنّ الكتابة الإفرنجية معقّدةٌ والكتابة العربيّة واضحةٌ كلّ الوضوح، فإذا ما فتحتَ أيّ خطابٍ فلن تجدَ صعوبةً في قراءةِ أردأ خطٍّ به، وهذه هي طبيعة الكتابة العربيّة التي تتسم بالسهولة والوضوح».  14ـ العالم اللغوي أفرام نعوم تشومسكي Afram Noam Chomsky ابن معلم اللّغة العبرية وأحد خريجي جامعة بنسلفانيا، وهو أستاذٌ في معهد ماساشوست ومفكرٌ يهوديٌ كبير، فإنه أقرّ بالحق العربي وبمكانة العربيّة، وقد تزعّم الدراسات اللغوية المعاصرة وكوّن نظريةً جديدةً قلبت الفكر اللغوي رأسًا على عقب، أصدر كتابه الأول في التراكيب النحوية Syntactic Structure في سنة 1957م نقد فيه مدرسة علم اللّغة الوصفي Descriptive Linguistics التي كانت سائدةً في الغرب حتى عهدٍ قريبٍ، وقد ميّز بين بنيتين في الجملة هما البنية العميقة والتركيب السطحي، وأوضح أن البنية الأولى هي أساس الثانية. نوّه تشومسكي في معرض ردّه على استفسارٍ وُجّه إليه في سنة 1989م بأن تأثيراتِ النحو العربي كبيرةٌ على نظريته في دراسة اللّغة، وأنه قرأ كتاب سيبويه كمرجعٍ له.  15ـ أشاد ماريو بِلْ مؤلف كتاب «قصة اللغات The Story of Language ,p155,277» بأنّ العربيّة هي اللّغة العالمية في حضارات العصور الوسطى، وكانت رافدًا عظيمًا للإنكليزية في نهضتها وكثيرٍ من الأوربيّات، وقد أورد قاموس Littre قوائمَ بما اقتبسته هذه اللغات من مفرداتٍ عربيةٍ، وكانت أولها الإسبانية ثم الفرنسية والإيطالية واليونانية والمجرية وكذلك الأرمنية والروسية وغيرها، ومجموعها 27 لغة، وتقدر المفردات بالآلاف.  16ـ قال المستشرق الألماني فرنباغ: «ليست لغة العرب أغنى لغات العالم فحسب، بل إن الذين نبغوا في التأليف بها لا يكاد يأتي عليهم العدّ، وإن اختلافنا عنهم في الزمان والسجايا والأخلاق أقام بيننا نحن الغرباء عن العربيّة وبين ما ألفوه حجابًا لا يتبيّن ما وراءه إلاّ بصعوبة».  17ـ قال الأستاذ ميليه: إنّ اللّغة العربيّة لم تتراجع عن أرض دخلتها لتأثيرها الناشئ من كونها لغة دين ولغة مدنية، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها المبشرون، ولمكانة الحضارة التي جاءت بها الشعوب النصرانية لم يخرج أحد من الإسلام إلى النصرانية، ولم تبق لغة أوربية واحدة لم يصلها شيء من اللسان العربي المبين، حتى اللّغة اللاتينية الأم الكبرى، فقد صارت وعاءً لنقل المفردات العربيّة إلى بناتها. 18ـ قال الفرنسي جاك بيرك: إن أقوى القوى التي قاومت الاستعمار الفرنسي في المغرب هي اللّغة العربيّة، بل اللّغة العربيّة الكلاسيكية الفصحى بالذات، فهي التي حالت دون ذوبان المغرب في فرنسا، إن الكلاسيكية العربيّة هي التي بلورت الأصالة الجزائرية، وقد كانت هذه الكلاسيكية العربيّة عاملاً قويًّا في بقاء الشعوب العربيّة.

ارسال التعليق

Top