• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

سعة رحمة الله وفضله

سعة رحمة الله وفضله

◄قال تعالى: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) (الأعراف/ 156).

 

المفتاح:

رحمةُ الله واسعة، فتعرَّض لها لتحصلَ عليها، فإذا استجاب الله تعالى لك، زادَكَ من فضله ورزقَكَ بغير حساب.

 

1-  سعة الرحمة:

يطلبُ المؤمنون من الله تعالى أن يشملهم برحمته، بحسنَةٍ في الدنيا وحسنَةٍ في الآخرة، فيذكِّرهم بعذابه للعاصين، ورحمته الواسعة التي لا حدّ لها.

سعةُ رحمة الله تعالى لا تترك مجالاً في الحياة إلّا وتشمله، فهي تشمل المؤمنين والكافرين، وتشمل المخلوقات الحية والجامدة، وتشمل كلّ ما في هذه الكون من دون استثناء، (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، فلا رحمة يبتغيها الإنسان خارج الرحمة الإلهية التي تسع كلّ شيء من دون استثناء.

تبدأ سور القرآن الكريم بالبسملة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، ما عدا سورة براءة، وتُستحبُّ البسملة عند الشروع بأيّ عمل، أكان نشاطاً أو طعاماً أو كتابةً أو قراءةً أو أيّ شيء. البداية (بِسْمِ اللهِ) لتنطلق أعمالنا مراعيةً لأوامره، طالبةً عونه. تذكرنا البسملة برحمة الله تعالى الواسعة، فالله هو الرحمن، وهو الرحيم. الرحمن من الرحمة، والرحيم من الرحمة، لكن يفرِّق المفسرون بين الرحمن والرحيم، فالرحمن هو الذي تسع وتشمل رحمته المؤمن والكافر في الدنيا، وأمّا الرحيم فهي رحمةُ الله تعالى المختصة بالمؤمنين في الآخرة، كما ورد في الآية القرآنية: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة/ 128).

إذاً رحمةُ الله تعالى حاضرة في كلِّ آنٍ، وتسعُ كلَّ شيء، وبشكل خاص المتقين، قال تعالى: (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ)، الذين يعيشون مع هذه الرحمة في كلِّ حركةٍ وسَكَنة وأداء. هؤلاء المؤمنون يقومون بتكليفهم الشرعي، (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)، فيدفعون الأموال المستحقة على أموالهم وممتلكاتهم التي يترتب عليها الزكاة والحقوق الشرعية، إنّهم يؤتون الزكاة.

(وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)، يؤمنون بآيات الله الدالة عليه، والآيات جمع آية، والآية علامة، والعلامة تدل على الله تعالى، فالسماء من آيات الله، وكذلك الأرض والإنسان وجميع مخلوقات الله تعالى، والآيات القرآنية أيضاً هي من آيات الله تعالى، لأنّها دالة على الله، إذ إنّ الأحكام والتعاليم التي يذكرها الله تعالى في هذا القرآن الكريم تدل على الخالق المدبر العظيم.

الرحمةُ الإلهية لجميع الناس، قبل أن يسألوا عنها، فهي ليست محصورة بالسؤال والطلب، تشملك الرحمة وأنت طفل، وتحيطك وأنت شاب، كما تتوفق لها وأنت كهل، ففي دعاء شهر رجب المستحب بعد كلِّ فريضة يومية: "يا مَنْ يُعْطِي مَن سَألَهُ، يا مَنْ يُعطِي مَن لَمْ يَسألْهُ ومَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ ورَحمْمَةً، أعْطِنِي بِمَسألَتِي إيّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيا وجَميعَ خير الآخرة، واصْرِف عَنِّي بمسألَتي إيّاك جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الآخرةِ". فإذا ما كنت مؤمناً يزيدك الله تعالى من عطائه إضافة إلى ما أعطاك، ويضيف من رحمته عليك إضافة إلى الرحمة العامة التي يعطيها للناس بشكل عام.

حدَّثنا الله تعالى عن إرسال محمّد (ص) فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء/ 107)، فإرسال النبيّ (ص) رحمة، فهو يدلُّ الناس على طريق الهدى، ويرشدهم لما فيه مصلحتهم، ويأخذ بأيديهم ليكونوا متَّقين، ولولاه لعاشوا الضياع والضلال، وخضعت حياتهم للتجارب الخاطئة والسلبية.

يختار الماديون منهجهم البشري، فيجربون ويخطئون، ثمّ يعتذرون بنقص الخبرة وانكشاف أمورٍ جديدة! يقررون هذه النظرية التربوية، وبعد عشر سنوات يغيِّرون رأيهم بها، وهكذا... يغيرون ويبدلون دائماً، وتَدفَعُ مجتمعاتٌ بكاملها أثماناً لهذا التغيير، ثمّ يكتشفون بأنّهم مخطئون!

أرسل الله تعالى لنا النبيّ محمّداً (ص) ليهدي البشرية، وهذه من أعظم الرحمات علينا. فعندما نعرف أيّ طريق نسلك، وأيّ طريق تهدي إلى النور، وأيّ طريق تُريح في حياتنا وتطمئننا بأننا نمضي في هذه الدنيا بشكلٍ سليم في علاقاتنا الثلاث مع ربِّنا وأنفسنا ومجتمعنا، وأيّ طريق تدخلنا يوم القيامة إلى جنة الله تعالى لنحيا مستقرين فيها، فهذا من أعظم الرحمات. فلا تستهينوا برحمة الإسلام، ورحمة القرآن، ورحمة محمّد (ص) وآل محمّد (عليهم السلام).

قال تعالى: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف/ 52)، فالكتاب (وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف/ 111)، لاحظوا ربط الهداية بالرحمة، وفي الواقع الهدايةُ هي الرحمة العظمى.

وقال الرسول (ص): "لو تعلمون قَدَر رحمة الله تعالى لاتَّكلتُم عليها" هذا المقدار من التسليم لله تعالى يُطمئن الإنسان ويريحه فيما قسم الله تعالى في هذه الدنيا. ولكن مشكلتنا نحن البشر أننا لا نعلم سعة رحمة الله، فإذا واجهتنا مشكلة أو عقبة معينة نعتمد على أنفسنا، ونعتقد بأننا نستطيع فعل ما نشاء! ولكن الأمور تسير بغير ما تشتهي الأنفس في بعض الأحيان، فعلى الإنسان أن يقبل ذلك، ويعرف أن لا نصيب له في الأمر، وليتوكل على الله تعالى بحثاً عن المأمول، أو انتظاراً لعطاء الله تعالى.

قسَّم الله تعالى الإمكانات والأرزاق بمقادير قدَّرها للعباد، ما لا طائل معها من السعي لتجاوزها، فقد وزَّع الله بتقديرٍ من رحمته، قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) (الزخرف/ 32). اعلم أنك مخلوقٌ لله تعالى الذي يقسّم الرحمة ويوزّعها، فعُد إليه، واسأل ربّك ما تريد، لكنك لا تستطيع أن تحصل على ما يحق لك، ولو اعتقدت أنّه حقٌّ لك، لذا انظر إلى الرحمات والنِّعَم التي وصلت، فهي لا تُحصى ولا تعد، ولكن مشكلتنا أننا لا نقدِّر ما أعطانا الله تعالى إياه، ونريد الأكثر دائماً! ألم يعطك الله العقل، والعينين، واللسان، والقلب الذي يعمل ليل نهار من دون الحاجة إلى من يحركه؟! كلّ شيء يعمل داخل جسدك من دون أن تتدخل في إدارته، هذه النعمة هي رحمة من الله تعالى، ولكن الإنسان لا يلتفت إلى ما ألِفَهُ يومياً، وإلى التوفيقات المتكررة في حياته! كم مرة أنقذك الله تعالى من مخاطر وصعوبات وتعقيدات وآثام؟ كم مرة أكرمك الله تعالى بالفوز والنجاح وتحقيق رغباتك؟ ألم يحبّب الله تعالى أولادك إليك، وأقاربك، وأهلك؟ كلّها من نِعَم الله تعالى ورحمته، وهي نزرٌ يسير من مجمل ما أعطانا الله تعالى إياه.

الله تعالى برحمته الواسعة أرحم الراحمين، وقد أعطانا الرسول (ص) مثلاً عن امرأة من السبي، تسعى إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فخاطب أصحابه: "أترون هذه طارحة ولدها في النار؟

قالوا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه.

فقال (ص): الله تعالى أرحم بعابده من هذه بولدها".

إذا كنّا لا نتعقَّل بأن ترمي الأُم ولدها في النار، فهل يتعقل أحد بأن يرمي الله تعالى مخلوقاته في النار؟ هذا أمر غير معقول. فلنسأل أصحاب الجحيم، لماذا حُشروا فيها؟ خلقهم الله تعالى، وأعطاهم كلّ شيء، وهداهم إلى الطريق المستقيم، وعرَّضهم لصعوبات في حياتهم ليتعظوا، وأراهم العِبَر من الأقوام السابقين، فرفضوا أوامر الله ونواهيه، ورفضوا تحمل مسؤوليتهم تجاه أنفسهم وفي مجتمعهم، ولم يشكروا النعمة، ولم يعتبروا، فهم لا يستحقون جنة الله تعالى، وقد اختاروا النار بأعمالهم، ومن عدل الله تعالى أن لا يدخلهم إلى الجنة، فقد أضاعوا الفرص الكثيرة، ولا يمكن أن يتساووا مع المؤمنين المضحين.

يبيِّنُ لنا رسول الله (ص) مدى سعة رحمته، فيقول: "إنّ الله تعالى خلق مئة رحمة، فرحمة بين خلقه يتراحمون بها، وادخر لأوليائه تسعاً وتسعين"، فما يجري في هذه الدنيا بين الناس نتيجة رحمة واحدة من الله تعالى، وهناك تسع وتسعون رحمة لأوليائه، فاعملوا لتكونوا من أولياء الله تعالى، فتصيبكم هذه الرحمة العظيمة التي تحتاجونها، وتحقق لكم السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة.

 

2-     الرحمة والفضل:

يوجد ارتباط بين الرحمة الإلهية والفضل الإلهي، فبقدر ما يعطينا الله تعالى من رحمته فهو فضلٌ منه، ثمّ يزيدنا من عنده بعطاءات إضافية لا نستحقها بالحسابات الدقيقة بل بفضله، الذي يفضيه جلّ وعلا على المؤمنين المجاهدين، يقول تعالى: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (النّور/ 37-38). فالله تعالى يعطيهم أفضل أعمالهم مضاعفة بأفضلها، ويُعطيهم إضافة عليها من الكرم الإلهي، فيفتح لهم باب الرزق بغير حساب.

ويقول تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام/ 160). عندما يسجل لك الحسنة بعشرٍ والسيئة بواحدة، يعطيك الفرصة لترتقي وتعلو، هذا من رحمة الله تعالى، ثمّ يزيدك بعد ذلك من فضله.

علَّمنا أئمتنا (عليهم السلام) كيف ندعو الله تعالى، ولكن بعض الذين يقرأون الأدعية لا يفهمون معناها ومضمونها! عندما نطلب من الله تعالى علينا أن نعرف ماذا نطلب، وماذا نريد، وأن نطلب الأقصى أملاً بالإجابة، فمن دعاء أمير المؤمنين (ع): "إلهي، أنتَ أجودُ المسؤولين، وأنا أحوَجُ السائلين، يا من لا يُرجى إلّا فضلُه، ولا يُخافُ إلّا عدلُه، عاملني بفضلك، ولا تعاملني بعدلك"، فلو أراد الله تعالى أن يحاسبنا بعدله لهلكنا، ولو حاسبنا على كلِّ عمل قمنا به بدقة لخسرنا، لكن بفضله وسماحته، وشفاعة محمّد وآل محمّد (ص)، يدخلنا الجنّة.

 

3-     لا تَقنَطُوا:

علينا أن لا نيأس مهما كانت الظروف التي نمر بها، يقول تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزّمر/ 53). يعطي الله تعالى الفرص الكثيرة للتوبة والعودة عن المعاصي، فلا يحاسب على السيئات مباشرة، وإنما يؤجله للاستفادة من التوبة والغفران لكلِّ أنواع الذنوب، وهذا من رحمة الله تعالى وفضله.

على الإنسان أن لا يغترَّ بالرحمة فيفرح ويزهو بها ناسياً مسؤولياته، كما عليه أن لا يفقد الأمل إذا ما وقع في اختبارات صعبة وأصابه البلاء، قال تعالى: (إِذَا أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإنْسَانَ كَفُورٌ) (الشورى/ 48). على الإنسان أن لا ييأس من رحمة الله عزّ وجلّ، الذي يعوّض عليه في الدنيا قبل الآخرة، ولو كان مسبِّباً لخسائره ويتحمل مسؤوليتها.

جاء رجلٌ إلى الحسن البصري، وسأله عمّن يدخل إلى الجنّة ومن يدخل إلى النار، فأجابه: "ليس العجبُ ممن هلَكَ كيف هلك، وإنما العجبُ ممن نجا كيف نجا"، مبيناً صعوبة النجاة في يوم القيامة، وقلة الناجين. ثمّ جاء السائل إلى الإمام زين العابدين (ع) فروى له حديثه مع الحسن البصري وجوابه عن مسألته، فقال الإمام (ع): "أنا أقولُ: ليس العجبُ ممن نجا كيف نجا، إنما العجبُ ممن هلَكَ كيف هلك مع سعة رحمة الله"، مبيناً يُسرَ النجاة، فرحمة الله الواسعة تسبق كلَّ الاحتمالات، ولا يكون الهلاك إلّا بسبب جحود الإنسان. لا تيأس من رحمة الله تعالى، وأعِد حساباتك، وتعرَّف على أخطائك، وعالج ثغراتك، وأنت متأملٌ باستنزال الرحمة الإلهية، والاستفادة من الفرص المتاحة لك، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) (لقمان/ 34).

 

4-     استنزالُ الرَّحمة:

نحن بحاجة إلى استنزال الرحمة الإلهية علينا، فإذا قمنا ببعض الأعمال والأذكار فسنحصل عليها، وقد أرشدتنا الأحاديث الشريفة إلى خطوات استنزال الرحمة، ومنها:

1-     مراجعة الأعمال والاستعانة بالدعاء والمناجاة: فعن الإمام الباقر (ع): "تعرَّض للرحمة وعفو الله بحسن المراجعة، واستعِنْ على حُسْنِ المراجعة بخالص الدعاء والمناجاة في الظُّلَم"، راجع نفسك وأعمالك، وراقب تفاصيل حياتك، لكشف العلل وموارد التقصير، ثمّ اعمل على إصلاحها، واستعن على حسن ذلك، بخالص الدعاء متقرباً إلى الله تعالى ومناجياً له، ليساعدك في جوف الليل المظلم والبطالون نيام.

2-     طاعة الله تعالى: قال رسول الله (ص): "تعرَّضوا لرحمة الله بما أمرَكُم من طاعته"، فعندما تنفذ أوامر الله تعالى في العبادات والمعاملات فأنت تلتزم بخط الطاعة، وقد وعد الله برحمة عباده المؤمنين الذين يطيعونه فيما أمر، إنّه غفور رحيم.

3-     ذِكْرُ الله تعالى: يقول أمير المؤمنين عليّ (ع): "بذكر الله تستنزل الرحمة"، يكون ذكر الله تعالى باللسان: سبحان الله، والحمد لله، والشكر لله، ...، ويكون بالقلب الذي يلهج به، وأثناء العمل بالحرص على رضاه جلَّ وعلا، وفي كلِّ الحالات: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) (آل عمران/ 191).

4-     العفو: فعن أمير المؤمنين (ع): "بالعفو تستنزل الرحمة"، فاعفُ عن الآخرين، وسامح بحقوقك، تتعالى عن الخصوصية، فيكافئك الله تعالى عليه، وينزل رحمته عليك، فتبلغ مقاماً محموداً.

5-     بذلُ الرحمة: عن أمير المؤمنين (ع): "ببذل الرحمة تستنزل الرحمة"، فالله تعالى يرحمك عندما ترحم الناس، فارحم الصغير عند الخطأ، وارحم الكبير تقديراً لسنِّه، وارحم من ارتكب خطأً بحقك بعدم معاقبته، وليكن دينك الرحمة في علاقتك وتصرفاتك.

6-     رحمةُ النفس والناس: في جوابه (ص) لرجل جاءه سائلاً: أحب أن يرحمني الله، قال رسول الله (ص): "ارحم نفسك وارحم خلق الله يرحمك الله"، فمن سلك طريق الرحمة لنفسه وللناس استحق رحمة الله تعالى.

 

5-     عطاءٌ لا ينضب:

العطاء الإلهي لا ينضب ولا يتوقف، يقول الإمام الكاظم (ع): "واعلم أنّ الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم، ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده، ولم يؤمِّن الخائفين بقدر خوفهم، لكن آمنهم بقدر كرمه وجوده، ولم يُفرح المحزونين بقدر حزنهم، ولكن بقدر رأفته ورحمته"، فاليوم عندما تتواضع لا يرفعك الله بقدر تواضعك، وإنما يرفعك بقدر عظمته، فإذا رفعك تواضعك عشر درجات، يتدخل الله تعالى ليرفعك أضعافاً مضاعفة، بما يتجاوز عطاءك بكثير، وربما يتجاوز طلبك بكثير، فهذا من سعة رحمة الله تعالى.►

 

المصدر: كتاب مفاتيح السعادة

ارسال التعليق

Top