• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

نتنياهو الفاسد.. رجل الأمن والسياسة! هل سينجح في الانتخابات؟

د. أماني القرم

نتنياهو الفاسد.. رجل الأمن والسياسة! هل سينجح في الانتخابات؟

لكي يفوز نتنياهو بولاية خامسة في حكم إسرائيل، يتوجب عليه الحصول على ما لا يقل عن 61 مقعداً من أصل 120 هم مجموع مقاعد الكنيست! طبعاً لا يمكنه أبداً الفوز كلاعب فردي فهو لاعب كتلة بامتياز، بمعنى أنّ ما يسعى إليه هو تكوين تكتل أو ائتلاف من جملة أحزاب وقوى سياسية صغيرة الحجم يمينية التوجه يستطيع بها - بالإضافة لحزبه الليكود -  الحصول على ثقة 61 مشرع والفوز بمقعد رئاسة الوزراء. هكذا يعمل النظام البرلماني في إسرائيل!

تحدّيات كبيرة تواجه نتنياهو في هذه الانتخابات، على الرغم من أنّه الأوفر حظاً والأقوى بين جملة مرشحي اليمين، كما أنّ سجله السياسي يشير إلى براعته في عقد التحالفات وتسليط الضوء على الإنجازات والقفز على المعوقات. فهل ينجح هذه الدورة أيضاً ويصبح أوّل سياسي إسرائيلي يتولّى رئاسة الوزراء للمرّة الخامسة متفوقاً على بن غوريون نفسه!

أبرز التحدّيات التي تواجه نتنياهو هو فساده طويل الأمد، مع إصرار المستشار القضائي في إسرائيل توجيه اتهامات له في ثلاث ملفات: الأُولى، قضية شركة الاتصالات «بيزك» والمساءلة حول تلقيها تسهيلات ضريبية مقابل تغطية إعلامية إيجابية لنتنياهو وزوجته في الموقع الألكتروني الأشهر «واللا» الذي يمتلكه صاحب شركة بيزك نفسها. والثانية، قضية الموافقة على الحدِّ من تداول صحيفة إسرائيل اليوم مقابل زيادة التغطية الإعلامية لنتنياهو من صحيفة مضادة هي يديعوت احرونوت. أمّا الثالثة فهي تلقي هدايا عبارة عن شمبانيا وسيجار من أحد المالكين لمحطة تلفزيونية إسرائيلية.

الواضح أنّ نتنياهو مهووس بالإعلام أو بالأحرى يعي جيِّداً قيمة تأثير الصورة والكلمة، وكلّ خطوة يخطوها يحسبها جيِّداً بحسابات الربح والخسارة في الانتخابات. هدفه الرئيس الآن منع المستشار القضائي من إصدار قراره. كيف؟ بالإضافة إلى مناورته المستمرة بين خيارات تصعيد المسألة إعلاميا وتوجيهها للرأي العام أو مهاجمة المستشار القضائي، فإنّ تصدير الأزمة أو استثارة أُخرى ليس بالأمر السيء لأنّ كلمة السرّ هنا هي الأمن ثمّ الأمن ثمّ الأمن.

وإسرائيل دولة تقوم على الهاجس الأمني، والناخب يعيش هذا الهاجس بفعل تكوينه الشخصي من جهة وقدرة سياسيّيه من جهة أُخرى على تضخيم هذا الهاجس، بشكل يصبح معه الفائز في الانتخابات هو من القادر على توفير الأمن. والأمن لإسرائيل يتمثّل في جبهتين الشمالية والجنوبية. أمّا الشمالية فقد بدأها نتنياهو عبر عملية درع الشمال التي صاحبتها ضجة إعلامية فائقة اعتبرت بداية مبكرة لدعاية انتخابية له. أيضاً شهدت هذه الجبهة زيادة عدد الضربات لإيران في سوريا مع ملاحظة مهمّة أنّ الضربات باتت معلنه بخلاف عن السرية والغموض التي أحاطت بها من قبل!

فيما تبقى الجبهة الجنوبية المتمثّلة في الشأن الفلسطيني عموماً وغزة على وجه الخصوص، الساحة الأكثر سهولة للتناول الانتخابي ليس لنتنياهو فحسب بل لجميع المتنافسين في إسرائيل. حيث لا يترتب عليها أدنى مسؤوليات أو أوزان داخلية أو محاذير إقليمية ودولية، خاصّة في ظل اليمينية المسيطرة على إسرائيل. وعليه فالتصعيد ضد الجانب الفلسطيني في غزة والضفة وحتى الأسرى في سجن عوفر هو سيِّد الموقف ومربط الفرس بالنسبة لنتنياهو، وإبقاء حالة التوتر قائمة هي ضرورة انتخابية إسرائيلية!

من جهته يحاول نتنياهو إثبات أنّه رجل الأمن والسياسة والاقتصاد المنشود أمام الرأي العام الإسرائيلي، مخترق الساحات العربية والأفريقية، وصاحب الفضل في الاعتراف الأمريكي بالقدس. كما أنّ حالة الانقسام والتشرذم في المقابل التي تسيطر على المشهد الحزبي لمنافسيه من اليمين واليسار على السواء تعزّز حظوظه في ظل غياب شخصيات سياسية مقنعة وقادرة على المنافسة.

نتنياهو مُصرّ على خوض الانتخابات حتى لو قرر المستشار القضائي توجيه لائحة اتهام ضده تاركاً الأمر للرأي العام كي يقرر، أمّا في قرارة نفسه فينتظر فرصة أية تهديدات أمنية ليقتنصها ويقتنص معها الفوز!

ارسال التعليق

Top