• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

معادلة إدارة الوقت

معادلة إدارة الوقت
◄يتمنى الكثير منا لو كان وقته أكثر من أربع وعشرين ساعة في اليوم حتى يستطيع إدراك الكثير من الأشياء التي يرغب في إنجازها في يومه حيث يجد نفسه عاجزاً عن تحقيق الكثير من الأهداف التي خطط لإنجازها ولم يسعفه الوقت الذي هو عدد ساعات اليوم الواحد. وعلى الرغم من أنّ الوقت واحد في كمه بالنسبة للكلّ، فإنّ السؤال المطروح هنا هو لماذا يكفي هذا الوقت بعض الناس لإدارة مؤسسات ضخمة أو حتى دول في حين يعجز البعض الآخر عن إنجاز أعمال أبسط من ذلك بكثير.

يشتكي كثير من الناس في العصر الحاضر من مشكلة عدم توفر الوقت، إذ لا يوجد شخص لديه الوقت الكافي، ومع ذلك، فإنّ كلّ شخص لديه كلّ ما هو متوافر من هذا الوقت، فهل الوقت هو المشكلة أم أنّنا نحن المشكلة؟ في الحقيقة انّنا نحن المشكلة ويمكن لنا أن نفهم ذلك من ملاحظة اختلاف الناس في مقدرتهم على استغلال الوقت لصالحهم على الرغم من تساوي الكم المعروض منه أمامهم جميعاً، ولا يؤثر اختلاف الأجناس والثقافات في ذلك أدنى تأثير.

ولو راجعنا كلّ مناحي النشاط الإنساني لوجدنا الوقت عاملاً أساسياً في نجاحها أو فشلها، وصدق من قال أنّ "الوقت هو الحياة" فحقاً حينما نقول "تنظيم الوقت" فإنّنا نعني ببساطة تنظيم الحياة، حياة الفرد وحياة الأُمّة وما فلحت أُمّة على مرّ التأريخ عندما قلت أهمية الوقت في حسابها، وحتى من يقيس الوقت بالذهب والفضة فإنّه لم يعطي الوقت مكانته المطلوبة.

 

معنى إدارة الوقت:

من جديد، توجد عدة تعريفات لإدارة الوقت، من أشملها هو أنّها عملية الاستفادة من الوقت المتاح والمواهب الشخصية المتوفرة لدينا؛ لتحقيق الأهداف المهمة التي نسعى إليها في حياتنا، مع المحافظة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل والحياة الخاصة، وبين حاجات الجسد والروح والعقل. ومن التعريفات الأخرى لمفهوم إدارة الوقت أنّها لا تنطلق إلى تغييره ولا إلى تعديله بل إلى كيفية استثماره بشكل فعّال ومحاولة تقليل الوقت الضائع هدراً دون فائدة أو إنتاج وبالتالي رفع إنتاجية العاملين خلال وقت عملهم المحدد. وإنّ إدارة الوقت تعني إدارة الذات وأنّ المدير الفعّال هو مَن يبدأ بالنظر إلى وقته قبل الشروع في مُهماته وأعماله وأنّ الوقت يُعد من أهم الموارد فإذا لم تتم إدارته فلن يتم إدارة أي شيء آخر. وأنّ الوقت يتسم بالجمود فلا يمكن إدخاره أو تعويضه أو تأجيله وبالتالي ندرك اختلافه عن بقية الموارد البشرية والطبيعية والمادية. لذا من الممكن إيجاز تعريف إدارة الوقت بعبارة أخرى في أنّه الاستخدام الجيد والصائب للوقت المحدد والمسموح به لتحقيق غايةٍ ما.

هنالك تعريف آخر لإدارة الوقت في أنّها "علم وفن الاستخدام الرشيد للوقت، فهي علم استثمار الزمن بشكل فعّال، وهي عملية قائمة على التخطيط والتنظيم والمتابعة والتنسيق والتحفيز والاتصال وهي إدارة لأندر عنصر متاح للمشروع، فإذا لم نُحسن إدارته فإنّنا لن نُحسن إدارة أي شيء. لذا لا يختلف اثنان على أهمية إدارة الوقت في حياتنا العلمية والعملية. فالوقت قابل للاستغلال والاستثمار بدون حدود أو قيود. والوقت يعد أصل ثمين يمكن أن يعتمد في تفسير تقدم غيرنا بإرجاع ذلك إلى اكتساب هذا الغير المهارات الكافية في كيفية إدارة هذا الوقت وعدم هدره وبذلك يصبح في إمكاننا القول إنّ عدم إدارة الوقت جهلاً أو عمداً هي أحد أسباب تأخر العرب والمسلمين في قضية التنمية التي يطرحها كثيرٌ من علماء ومفكري العرب.

إنّ قضية التنمية هي في الواقع قضية استثمار للوقت فنحن بحاجة إلى نظرية عربية متكاملة لإدارة الوقت لزيادة فعّالية المديرين في استغلالهم للوقت وتعميق إحساسهم بالثروة التي في أيديهم (وباختصار يمكن القول إنّ المدير الفعّال هو الذي يعلم كيف يستخدم وقته، ويوزعه التوزيع الفعّال على تخطيط الأنشطة المستقبلية (وقت إبداعي)، وتحديد الأنشطة اللازمة لأداء تلك الخطط (وقت تحضيري)، والوقت اللازم للقيام بعمل ما (وقت إنتاجي)، ووقت للقيام بالمراسلات اليومية والروتينية (وقت روتيني).

بعد هذا العرض عن أهمية إدارة الوقت، يظهر لنا جلياً أنّ الإدارة ما هي إلّا تحقيق هدف، وتحقيق الهدف يحتاج إلى وقت. فالتخطيط يحتاج إلى وقت وكذلك التنظيم والتوجيه والرقابة واتّخاذ القرارات وبذلك نرى أنّ الوقت أحد العناصر الهامة والأساسية المرتبطة بكلّ عنصر من عناصر الإدارة، فكلّ عمل إداري يحتاج إلى وقت وتوقيت مناسب وكلّ وقت يحتاج إلى إدارة وتخطيط، هذه معادلة بسيطة وجب علينا معرفتها وإدراكها وبالأخص القائمين على شؤون الإدارة.►

 

المصدر: كتاب مهارات إدارة وتنظيم الوقت

ارسال التعليق

Top