• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أيها المدير: لا تدعهم يتّكِلون عليك

أيها المدير: لا تدعهم يتّكِلون عليك
◄للمرة الأولى منذ زمن طويل تذكرت أطفالي وزوجتي، عندما لمَحتُ صورتهم على مكتبي! وبدأت اتطلع بلهفة آملاً أن أنال الوقت والفرصة لاتمتع معهم بعد رحلة طويلة مضنية في إدارتي الجديدة التي استلمّتها.. وكنت مسروراً ومتفائلاً في بداية عملي.. ولم أكن أتوقع مثل هذا الانغماس في العمل المضني الذي أخذني عنهم بعيداً.. طيلة هذه الفترة.

بعد فترة اندفاع وحماس في البداية استمرّت وقتاً.. بدأت النتائج.. والإنجازات تضمحل رغم الأداء المستمر.. والمجهود الحماسي الذي يستغرق وقتاً يتعدى في أحيان كثيرة أوقات الدوام الرسمي.. فكيف بدأت الإنجازات تضمَحِّل..؟ وأكوام الأوراق تتكدس.. بينما الجهود والعمل المرهق يزداد.. ساعات غيابي عن عائلتي تزداد..؟ وبدأت أعجزُ عن تحليل ذلك بالتدريج.. أنا محتار.. قلق وأشعر بالإحباط.

حيث بدأت المعادلة تصبح هكذا! عمل شاق.. يقابله حالة تسوء وناتج أسوأ.. لإدارتي!.

هكذا بدأ المدير كلامه.. شارحاً حالته المؤسفه..

كان يشتغل الساعات الإضافية كلّ يوم.. وأحياناً أيام الخميس.. والجمعة!

ولكنه لا يستطيع التغلُّب أو الخلاص من تراكم العمل.. أكداس الأوراق.. والمشاكل التي تبحث عن حلولها بلا جدوى.. فما أن يغادر حالة أو ينجز معاملة أو قضية حتى تلحقها مسائل وقضايا لا تنتهي.. والضغط يزداد كلّ يوم.. بل كلّ دقيقة.. وكان ذلك منتهى الإحباط.. وبدأ كما يقول يخشى من القُرحة.. أو الانهيار العصبي.. تاركاً أهله يجابهون مشاكلهم اليومية بأنفسهم ولكنه يقول:

- لا بديل أمامي.. ولا حل أراه في الأفق..

وكأنّه وَلَجَ نفقاً مظلماً لا نور في نهايته!

فما هو الحل؟

يستمر هذا المدير في إكمال قصّته أثناء حديثي المطوّل معه فيقول:

- جاءني مديري العام الذي تربطني به صداقة حسنة، والذي لم يكن ينتقدني فيما مضى.. جاءني اليوم وقد بدأت أحسُّ أنّه يتكلم بطريقة ذات نبرة جديدة، نبرة تنمُّ عن تغيّر في سلوكه تجاهي.. وبدأ يتحدث عن تقارير وصلته أخيراً تخص أدائي في الدائرة التي أديرها..

وقد أبلغني بأني لم أطرق باب غرفته منذ فترة طويلة.. ولم أشرح له كيف تجري الأمور في إدارتي.. مُلمِّحاً في ذات الوقت عن قصور في أداء قِسْمي.. وإنّه غير راضٍ عن استمرار الحال هكذا..

وبدأت أشعر بالإحباط والضيق عند مشاهدته.. أخبرته في البداية أني أعرف أنّ بعض الأمور لا تجري على ما يرام.. ولكني لم اشخِّص سبب ذلك جيداً.. ولم أحدد الحلول لتطوير العمل ودفعه نحو التقدم.. واتذكّر أني أخبرته بأنّ ضغط العمل وكثرته هي السبب الأكبر.. وأنِّي أعمل بكلّ جهد لتحسينها..

ولكن كانت الطّامّة الكبرى حين انزلق لساني وقلت له:

- إنّي أعمل بجهد أكثر ممّا يعمله إثنان من الموظفين في مثل مستواي هنا!

ولن أنسى إجابته تلك ما حييت... حين قال:

- أخبرني بالتحديد مَن هما الموظفان اللذان تقصدهما وسأتخذ قراراً فورياً بطردهما أو طرد أحدهما لأني لا استطيع تحمل نفقات إضافية!!

وابتلعت هذا الكلام ثمناً باهظاً لخطأي..

ثم قال بعد ذلك:

- ربما أنّك لا تتحمل حجم إدارة شؤون دائرتك.. وموظفيك..

فأجبته:

- كلا، وإنما هم الموظفون في إدارتي الذين لا يتحمّلون حجم مسؤولياتهم!

فكان ردّ فعله من النوع الذي لا يمكنني نسيانه:

- إذاً فهي مسؤوليّتك في طريقة إدارتهم!

وجعلني هذا الجواب في منتهى العصبية.. وتذكرت القول:

إنّه لمن العسير أن تعمل مع رئيساً عصبياً، خصوصاً إذا كنت السبب في عصبيته..

يستمر المدير في روايته:

بعد لقائي بالمدير العام.. فكّرت كثيراً بأقواله.. هذا "الرئيس العصبي" ومسؤوليتي المباشرة التي اتحملها لوحدي.. وفكّرت باستشارة مدير صديقي في مؤسسة أخرى، فقد كان يُلقّب بالدقيق، والمتوثِّب، ويشيرون دائماً إلى نجاحه في كلّ المسؤوليات التي تحمّلها.. وعلاقاته الاجتماعية والعائلية الناجحة باستمرار وتحقيقه أفضل النتائج بأقصر الأوقات والجهود كما يبدو..

وكان صديقي هذا الملقّب بـ(المدير المتوثب) كبيراً للمدراء في مؤسسته الناجحة والتقينا.. على العشاء.. وقد كانت مشاكلي آنذاك مرسومة على ملامح وجهي.. ممّا دفعه إلى القول:

- .. وأخيراً.. أن تكون مديراً.. لم يكن بالسهولة التي كنت تظنها..

- إنّ تصريحك هذا مجحف بحقِّي.. بل يَبخِسُني..

وتحسّرت على تلك الأيام القديمة الطيبة.. قبل أن أكون مديراً.. كانت الأشياء سهلة وميسورة.. حين كان أدائي يعتمد على مجهوداتي.. بشكل واضح.. أمّا في هذه الأيام.. فإنّ جهودي الطويلة الشاقة.. لم يعد يقابلها شيء من الإنجاز! فقلت له:

- يبدو أنّ المعادلة اختلفت.. وإنّها تعمل باتجاه معاكس!

ثمّ بدأت اشرح له التفاصيل المتعلقة بمتاعبي.. وهو يصغي بانتباه.. ولم يكن يخرج عن صمته إلّا لُماماً.. وبسؤال عارض.. ثمّ بدأت أسئلته أكثر دقة بالتدريج.. وكنت أعود بعد الإجابة إلى عرض مشاكلي بأدقّ التفاصيل.. ثم سألني هذا السؤال:

- أي نوع من عملك يأخذ الجزء الأكبر من وقتك اليومي؟

فبدأت أصف له أكداس الأوراق والملفات.. ذلك الرُكام المخيف الذي يأخذ كلّ وقتي.. والتي تسوء يوماً أثر يوم.. إذ كلما أنجزها.. تعود للتراكم.. وكأنها جبال جليدية دائمة الانهيار.. ومن دون أي تقدُّم في العمل الحقيقي الذي تتطلّبه وظيفتي كمدير.. حتى اسميت هذه الفترة: انتصار التقنية على الغاية الحقيقية.. إنّه تناقض غير منطقي.. الجهد والعمل يتقدم.. والإنجاز يتراجع إلى الخلف! أعمل كثيراً.. وأُنجِز قليلاً..

ويذهب الجزء الأكبر من وقتي مع شكاوي الموظفين الذين يَبدُون يومياً وكأنّ كلّ واحدٍ منهم بأمسِّ الحاجة لي منذ أمس.. في أشياء مهمة بالنسبة لهم.. ولكنها لا تحتاج تدخلي بتلك الأهمية التي يرونَها هم.. وما انتهي من أحدهم.. حتى يتحتّم عليّ أن أدخل في الأخرى.. وهكذا يتسرّب الوقت.. وكذلك أمضي وقتاً آخر في الاجتماعات والتلفون.. وهكذا يتبخر الزمن.. بحيث لا أجد وقتاً لإنجاز وتطبيق الأفكار المتعلقة بتطوير العمل وتحقيق الإنجازات المهمة بشأنه...

وعندها سألني إن كنت قد انخرطت في دورة تختصُّ باستغلال الوقت وإدارته، فأعلمته بأني كنت قد اشتركت بواحدة.. ولكنها لم تساهم بحلِّ مشكلتي.. لقد بدأ موظفوا إدارتي يُلاحقوني في المصعد، عند المدخل، عند موقف السيارة.. بأسئلة ومشاكل لا تنتهي..

كان لدى كلّ واحدٍ التقيته.. شيء يحتاجه منِّي أو يقوله لي قبل أن يذهب إلى عمله وذلك يا عزيزي هو السبب الرئيسي كوني بدأت أعمل بعد الدوام! أمّا هم فلا يقومّون بذلك.. وإذا تركت باب مكتبي مفتوحاً فإنّهم سيجرون خلاله بشكل ثابت ومستمر.. ولذا فإني أغلقُهُ أحياناً كثيرة..

وبعكسه سأقوم بأداء أعماله اليومية نيابة عنهم!!

وعند انتهاء حديثي ذي الشجون.. الذي أصغى إليه صديقي المدير الناجح بعناية شديدة.. ثمّ تنهِّد وقال:

- يبدو أنّك ضحية مأزق الإدارة الأساسي..

ثمّ بعد أن أجبته عن أسئلته حول اشتراكي سابقاً في دورات تأهيلية، ومعاهد تطوير الأداء الإداري.. وعدد محاولاتي لحل المعضلات والمعوقات التي واجهتني.. فقلت له أني اشتركتُ في كلّ ذلك.. وأرى أنّ الأمور ازدادت سوءاً رغم العلاج! أجابني التشخيص التالي:

- إنّ هذا يبدو كن تناول حبّة الأسبرين لتخفيف الحمى دون أن يبحث في أسبابها!

ولم أكن متهيئاً لسماع هذا.. إذ أنّه يؤكد على أنّ عملي الإضافي وجهودي يجب أن تتوقف.. لأنّها لم تؤدي إلّا إلى أسوأ النتائج.. إذاً كيف أتوقف عن العمل الإضافي؟ إنّ توقفي يعني أني سأكون خلف العمل المتراكم يومياً..

ورغم احتجاجي الشديد وجدالي فقد أصرّ على رأيه..

وذَهَبَت آرائي أدراج الرياح..

ولكنّي فكرت عميقاً بما قاله.. فأثار ذلك انتباهي.. إنّ فريق الموظفين لم يتغير.. والشيء الذي تغيّر لديهم هو أنا! مجيئي الحديث العهد.. واندفع الجواب في ذهني كالبرق..

إنّني أرى العدو الآن.. إنّه أنا!

لقد ترك هذا اللقاء أثراً شديداً في نفسي وأعادني إلى لقائي الأوّل برئيسي.. المدير العام.. توصّلت إلى قناعة تامة بأنّي إن لم أحل مشاكلي بسرعة.. فإنّ لقاءنا القادم سيكون محوره خطة تطوير مهني لي شخصياً.. ولم لا؟. مادمت عاجزاً عن إدارة قسمي الحالي، فلربما لن أكون حتى مديراً له!.

 

وجهاً لوجه مع المشكلة!

كان الوقت قد تجاوز الحادية عشرة صباحاً.. وكنت خارجاً من مكتبي عندما صادف مروري أمام الكافتيريا.. وكان كلّ واحد من العاملين يحمل صينية طعامه.. وصادف أن فتح أحدهم أمامي لفافة وسندويجة، وصاح محتجاً:

- وأيضاً سندويج نقانق! للمرة الرابعة على التوالي النقانق ذاتها!

فصاح به مسوؤل الكافتيريا:

- إن لم يُعجِبُكَ فأطلب من زوجتك أن تعمل لك غيره!

فحدثت مشادة وشتائم.. لم تنتهي إلّا عندما تدخلت..

وأثناءها إلتفّ حولي عدد من العاملين كلٌّ يشكو من مشكلته.. وآخرين يدلون بتقديم الحلول! .. لم أفق من ذلك السيل والضجيج إلّا بعد أن أدركني الوقت.. ونسيت ما كنت ذاهب إليه.. فعدت إلى مكتبي.. وفوجئت بملاحظة من رئيسي لتأخري عن الاجتماع المرتقب.. لقد فات الأوان!

اختليت بنفسي طويلاً.. وأجريت حسابي معها.. وعدت إلى كوني أنا عدو نفسي! لابدّ لي من مواجهة هذه الحقيقة المرّة.. إنّ وجوه العاملين وهم يلقون عليّ تحية الصباح وهذه الجملة المألوفة التي أسمعها كلّ يوم قبل بلوغي باب مكتبي:

- صباح الخير سدي المدير.. لدي مشكلة.. تأخذ خمسة دقائق من وقتك أرجوك.. ولا أفيق حتى تصبح الدقائق الخمسة.. ثلاثين..

ويأتي غيره.. وهكذا.. يطير الوقت بجناحيه.. ولا يعود لعشه أبداً..!

وكأنّ الوقت يتبخّر في كلّ لقاء مع أحد العاملين.. حتى لم أعد أتمكّن من الوصول إلى أي هدف أو جهة أقصدها كلما خرجت من مكتبي أو كلما عدتُ إليه.. وتستمر اللعبة كلّ يوم..

ولم أكن لأاستطيع اتخاذ قرار بهدوء.. أو متابعة تنفيذه إن اتخذته! أما طلبات الموظفين اليومية المكتوبة، والتي ترد من قسمي ومن أقسام أخرى في بعض الأحيان يرجون تدخلي! أحدهم عن ترقية متأخرة، وآخر ينتظر وصفاً وظيفياً.. وثالث عن تقييم سنوي.. ورابع عن مشكلة متأخرة تخص نقصاً في بعض تجهيزات مكتبه.. وخامس... وسادس...

قائمة لا تنتهي.. كيف الخلاص.. كيف؟!

فكلُّ مشكلة أو اقتراح أو طلب أو تقرير.. أو شكوى.. تحتاج إلى وقت.. وكلّ مقابلة مع أحد هؤلاء العاملين الذين يحلو لهم مط الوقت بإطالة الكلام والإسهاب في الشرح الملل.. تسرق الوقت.. وأنا الملوم في ذلك.. لأني أعطيتهم إشارة خاطئة منذ البداية.. فتحت أبواب مكتبي وذهني لهم بأكثر مما يجب.. فظنّوا إني أحب ذلك.. وبدأوا يتراكضون نحوي بسلال ملأى بالمشاكل والملفات القليلة الأهمية بل حتى التافهة..

وبدأت السلال تكبر والإقدام المتوجهة نحوي تكثر..

وبدأت أسرق من وقتي الشخصي.. ومن وقت عائلتي.. وكلما اقترحت وقتاً إضافياً.. كلما أغرقوني بمشاكل إضافية!

وهكذا.. بدأت استعير من وقتي في العمل.. على حساب أدائي.. وهم يزيدون باستمرار.. وظلوا يحافظون على الزيادة!

فبدأت أنسى هواياتي خارج العمل.. الرياضة تركتها ولم يعد لدي وقت للسوق.. ولا لصديق خارج العمل..

ثمّ ها أنذا أصل إلى نقطة لم يعد لي فيها وقت أو متسع قليل منه أبداً وبدأتُ اختنق.. ولكنهم مُستحرون في الازدياد..

وبدأت أُسبب ضرراً.. فقد أصبحت عنق الزجاجة للمؤسسة.. ولم أعد بهذه الحالة مُخيّراً وإنما مُسيّراً.. مُداراً لا مُديراً.. ولم يعد لدي متسع لأعمل بفعالية وحرِّية..

ولنعد قليلاً إلى صلب المشكلة.. ونصف آلية تفاقمها، حركتها وكيفية تمرس هذه النوعية من الموظفين وسنعطيهم اسماً مميزاً: الإتكاليين.. والكلام الآن لصديقي (- المدير - الذي استنجدت به):

- عندما كان أحد هؤلاء (الإتكاليين) يشكو.. كان لابدّ لي أن أعِدَهُ بحلِّ ما..

ثم يعود بعد فترة ليقف في باب مكتبي ليسألني:

- صباح الخير عزيزي المدير.. ما النتيجة؟

فإن لم أكن قد انجزتها كما يشتهي.. فإنّه بعد ذلك سيجعلني مجبراً أن أقوم بإنجاز ما يشكو منه بنفسي.. أي أقوم بالعمل نيابة عنه.. طالما لم أجد حلاً له.. وهكذا.. فإذا كانت مؤسستك تحوي العديد من أمثال هذا.. فسيكون كلّ وقتك لهم ولمشاكلهم التي يرمون بها على كتفيك..

لابدّ من المواجهة لابدّ من الحل.. لم يعد هناك متسع للاستمرار أو التأجيل.. وقررت.. وتركت أمراً إدارياً مطبوعاً وخطه في ذهني وكان اليوم آخر يوم من الأسبوع.. حزمت أوراقي.. وحملت حقيبتي مسرعاً.. ولدهشة عائلتي.. وصلتهم مبكراً.. عمّا كانوا قد اعتادوا عليه طيلة هذه الفترة المريرة من تأخري الطويل بعد انتهاء العمل.. فابتسمت بوجوههم.. وطلبت منهم أن يتهيؤا لعطلة نهاية الأسبوع.. مبكراً.. وكانت من أجمل الرحلات.. فقد اتّخذت قراري بحزم لم يعهدوه.. ولم أعهده أنا مني!.. إنّها المواجهة.. والحل.. وكانت.

في ذلك الصباح الذي لا أنساه.. أوّل يوم في أسبوع العمل.. من بداية شهر آذار.. وصلت إلى مكتبي مبكراً.. وكان الجميع يقرأون قراري الجديد.. بشأن تنظيم العمل.. وإخضاع الموظف الذي يشكو من الصعوبات في قسمه.. أو يشكو من مشاكل معينة.. إلى لجنة تقييم وظيفي جديد.. وإلحاق ذوي الأداء الضعيف لدورة تطوير وظيفي.. ونقل مَن يستوجب النقل.. ومعاقبة من يَثبُت تقصيره أو استهانته بقيمة الوقت... إلخ.

كنت ابتسم لأوّل مرة منذ وقت طويل افتقدتُ الابتسامة فيه. ولدهشة سكرتيرتي فقد أبقيتُ الباب مفتوحاً ابتداءً منذ ذلك اليوم.. وبعد أيام قليلة تبخّرت أكداس الورق أمامي.. ونادراً ما كان يدخل مكتبي موظف يشكو بعد ذلك.. تفرّغت للأعمال الأكثر أهمية وبدأت الإنجازات تتلو بعضها البعض.. تفرّغت لمقابلة الناس المهمِّين.. ولم يعد يفوتني موعد لاجتماع هام في الإدارة العليا.. وتطوّرت معاملة رئيسي (المدير العام) نحو مسار جديد مليء بالرضا والتقدير..

وبدأت أحسُّ بأني مدير له عائلة تنتظره.. لقد عادت السعادة إلى بيتي.. وبدأت صورتهم التي في مكتبي تحظى برؤيتي أكثر أوقات النهار.. لقد عدت مديراً نجاحاً.

 

الخلاصة.. والعبرة:

شرح لنا ذلك المدير بإيجاز مشكلته الكبيرة.. ثمّ قرارهُ.. ونهاية معاناته.. ولابدّ لكلّ مدير ناجح.. أن يتوقى الوقوع في مثلها.. وكما قال:

"الوقاية خير من العلاج" ولابدّ أن نستخلص منها ما يلي:

-         لا تدع مجالاً لنمو الروح الإتكالية لدى أي موظف لديك مهما كانت الأسباب..

-         دع المشاكل الأقل أهمية إلى مَن يخصه الاهتمام بها.

-         قُمْ بمتابعة أداء موظفيك دورياً وبشكل دقيق.. حتى لا تتفاقم.

-         لا تجعل اصطحاب ملفات العمل إلى البيت عادة لك..

-         ليكن تقييم أداء موظفيك نهجاً دائماً.

-         استشر ذوي الخبرة من خارج مؤسستك (إذا تطلب ذلك).

-         لا تؤجل اتخاذ قرار يحل مشكلة منعاً لتفاقمها.

-         تأكد دائماً أن بقاء الموظف السيئ الأداء ضمن إدارتك يخلق ويولد نماذج أخرى أو حالة ضعف مربكة ما لم تعالجها بسرعة.

-         الحفاظ على حصة عائلتك في وقتك بعد انتهاء عملك جزاء من نجاحك كمدير.. ينظم وقته بعدالة ومسؤولية..

-         قم بتحديد الوصف الوظيفي لموظفيك وواجباتهم كتابة وليكونوا على اطلاع دقيق رسمي به.

-         ليكن شعارك دائماً: الأهم ثم المهم قبل كلّ شيء.►

 

المصدر: كتاب المدير الناجح والتخطيط الإداري الفعّال/ سبيلك إلى فن الإدارة

ارسال التعليق

Top