• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإفراط في العمل.. سبب آخر من أسباب الضغط النفسي

الإفراط في العمل.. سبب آخر من أسباب الضغط النفسي

◄إنّ الإرهاق في العمل هو أحد أكثر أسباب الضغط النفسي شيوعاً. صحيح أنّ بعض المهن تتطلّب بطبيعتها الكثير من العمل، إلّا أنّ مَن يُمارسها لا يعاني بالضرورة من الضغط النفسي. فليس العمل ما يُسبِّب الضغط، بل موقف الفرد من هذا العمل. فغالباً ما نتسبَّب لأنفسنا بالضغط النفسي نتيجة رفضنا لطلب المساعدة أو لإسناد جزء من العمل إلى شخص آخر، عندما نقوم بمهمّة نعجز عن إتمامها وحدنا. يرتكب عدد كبير من الناس هذا الخطأ بصرف النظر عن مهنهم، أكانوا مدراء أو رؤساء شركات أو مدرِّسين، أو ربّات منازل، أو أصحاب مهن حرّة، فكلّهم قادرون على التسبُّب لأنفسهم بضغط نفسي غير ضروري. كما قد يتحوّل الإفراط في العمل عادة لا إرادية، أو إدماناً لا سبيل للخلاص منه بسهولة.

فبعض المدمنين على العمل يعلمون جيِّداً أنّه يجدر بهم أن يريحوا أنفسهم قليلاً، لكنهم يعجزون عن الإبطاء. فيجدون دائماً عملاً يقومون به، ما يقودهم طبعاً إلى عمل آخر وقبل أن يدركوا، ينسون تناول وجبة طعام أساسية. إذا كنتم تشبهون أحد هؤلاء اطرحوا على أنفسكم السؤالين التاليين:

أ‌)       مَن الذي تريدون إرضاءه عن طريق العمل ليلاً نهاراً؟

ب‌)  هل تجدون صعوبة في طلب المساعدة؟

 

أ‌)       مَن الذي تحاولون إرضاءه عن طريق العمل ليلاً ونهاراً؟

قد تأتي ردّة فعل الأشخاص الذين نشأوا في محيط عائلي كان يطلب منهم فيه تخطّي طاقاتهم لإرضاء أهلهم، على أحد هذين الشكلين: إمّا أن يهملوا كل شيء، أو أن ينكبّوا على العمل بكدّ لكسب رضى الأهل حتى بعد رحيل الوالدين. هكذا يتحوّل ما كان عملاً قسرياً في الطفولة إلى ضرورة في الحياة. فهم يعجزون عن احترام أنفسهم إلّا إذا استمروا في المحافظة على القواعد القديمة التي كان الأهل يملونها عليهم: "لا قيمة لك ما لم تعمل بكدّ". تلك العبارة تجعلهم عاجزين عن الإستراحة أو إسناد بعض المهام إلى أشخاص آخرين.

-        الحـل:

إعلموا أنّه يحق للأشخاص الناضجين أن يملوا على أنفسهم قواعد خاصة بهم، شرط ألّا تؤذي الآخرين. ذلك يعني أنّه يجدر بكم وضع قواعد سلوك خاصة بكم، والتخلي عن تلك التي حدَّدها لكم أهلهم.

·      اختاروا أولوياتكم بأنفسكم.

·      اختاروا إسناد بعض العمل الموكَّل إليكم إلى آخرين.

·      اختاروا طلب المساعدة أو لا.

·      اختاروا مراعاة حاجاتكم العاطفية والجسدية.

*   *   *

بعض الذين يفرطون في العمل، أهملهم أهاليهم في طفولتهم، لذا تراهم يعملون حتى الإرهاق ليثبتوا أنهم "موجودون"، بعد سنين طويلة كانوا فيها مهمّشين. فهم يثبتون قيمتهم من خلال العمل.

-        الحـل:

أحيطوا أنفسكم بأشخاص يُقدِّرونكم ويعكسون لكم صورة جيِّدة عن أنفسكم. حاولوا إكتساب المزيد من الثقة بأنفسكم. حاولوا الخروج للقاء أشخاص يفهمون ما تشعرون به ويُقدِّرونه.

 

ب‌)  صعوبة طلب المساعدة:

ربّما نجح بعضهم في دفعكم إلى الشعور بعدم الكفاءة أو بأنّكم مزعجون كلما طلبتم المساعدة، ولا عجب إذاً أن تتردّدوا في طلبها، خوفاً من الصدّ.

وإذا كنتم إضافة إلى ذلك أشخاصاً خجولين، فقد يصبح هذا الشعور حملاً ثقيلاً. ولابدّ أنكم تخشون إزعاج الناس بطلب المساعدة منهم.

-        الحـل:

امنحوا الآخرين فرصة تقديم المساعدة. فأنتم لن تكتشفوا الأصدقاء الحقيقيين إلّا حين تطلبون منهم المساعدة عندما تحتاجونها. وبصرف النظر عن أي اعتبار آخر، ليس من العدل أن تحكموا عليهم بعدم قدرتهم على المساعدة قبل أن تتثبتوا من ذلك.

*   *   *

يصعب على بعض الأشخاص الإعتراف بأنّهم ليسوا على مستوى المسؤولية المسندة إليهم ويعتبرون أنّ طلب المساعدة دليل على الضعف، كما يظنّون أنّ ذلك "الضعف" يمكن أن يستخدم ضدّهم في وقت من الأوقات. واستناداً إلى ذلك يتخبّطون وحدهم، وحتى الإنهاك التام إذا لزم الأمر.

-        الحـل:

ينبغي أن تعرفوا أنّ الأهم في مضمار العمل هو العمل بحد ذاته وليس أنتم. صيغوا الطلب بالطريقة التالية: "إذا أردت أن ينجح المشروع، سأحتاج إلى بعض المساعدة". ولا تقولوا: "لا أعلم، أشعر أنني غير قادر على النهوض بهذه المهمّة. هل تستطيعون مساعدتي؟".

"إذا طلبتم المساعدة في شأن شخصي، فالأرجح أن طلبهم لن يُرفض، وبخاصة إذا كان هذا الطلب في حدود المعقول. أمّا إذا حصل ما تخشونه، فأعيدوا النظر في علاقتكم بالشخص الذي توجّهتم إليه طلباً للعون"

*   *   *

من الناس مَنْ لا يثق بأحد.. يميل هذا الشخص عامّة إلى الكمال ويشك في براعة الآخرين. لذلك لا يُسند أي عمل يخصّه لغيره. وإذا احتلّ مركزاً مسؤولاً في مؤسسة، يراقب عمل الآخرين بدقّة لامتناهية، الأمر الذي يقوده إلى الإرهاق بسبب العمل. ومن جهة أخرى، يشعر العاملون معه أنّ عملهم ينتزع منهم ولا يحمل بصماتهم بسبب تلك المراقبة الدائمة.

-        الحـل:

الميّال إلى الكمال هو كذلك نتيجة لخوف وإحساس بعدم الأمان. بينما يستطيع الواثق من نفسه أن يقوم بعمل دقيق، ويبقى مرناً في كل ما يتعلق بعمله. حاولوا أن تزدادوا ثقة بأنفسكم.

أخيراً، هناك مَنْ يقول: "لا قيمة لهذا العمل ما لم أنجزه بنفسي". تلك هي فئة الطموحين المدمنين على العمل. يبدو لهؤلاء أنّ رفعتهم تزداد إذا اعتبرهم الناس أشخاصاً يفعلون كل شيء بأنفسهم. ويلاحظ أنّ بعض المنتمين إلى هذه الفئة لا يتفتحون إلّا في محيط مضطرب. لكن المشكلة الوحيدة هي ألّا يتخطّى الأمر حدود متعة مواجهة تحدٍّ ما، ليتحوّل إلى حالة سيِّئة تؤذي الصحّة.

-        الحـل:

راقبوا الإشارات التي تنذركم بالإقتراب من الحدود الفاصلة مابين المتعة والألم. ومن تلك الإشارات: التدخين وكثرة الإدمان على شرب الكحول، وأي شكل من أشكال الألم الجسدي.

عليكم أن تتقيّدوا بهذه الحدود، وتذكروا أنّ لا شيء يدعو للإعجاب في مشهد إنسان ينهار فجأة أمام الجميع.

 

-        مصادر للضغط اليومي:

مصادر ضغط بسيطة، غير مؤذية ظاهرياً، تتراكم وتتكرَّر، حتى تُكوِّن مشكلة كبيرة تُسمِّم حياتنا وتُنغِّص عيشنا.

-        هموم منزلية: من تسوُّق وتحضير الطعام وتنظيف المنزل إلى تنظيم حياة الأولاد وغيره...

-        مشاكل صحّية: أوجاع بسيطة، وآلام عابرة تصبح مزمنة...

-        ضغط الوقت: أعمال كثيرة لا وقت لإنجازها، ضرورة الإلتزام بدوام المدرسة وساعات مرور القطار أو الباص...

-        متاعب العلاقات الإجتماعية: شعور بالوحدة، أزمات ناتجة عن فترة المراهقة، شجارات مع الزوج، مشادات مع الجيران...

-        مشاكل بيئية: ضجيج، عدم الإحساس بالأمان، تلوُّث...

-        هموم مالية: فواتير آخر الشهر، إستحقاق دفع دين، ديون متراكمة.

-        شؤون وشجون مهنية: متاعب يُسبِّبها عدم توفر المؤهَّلات المطلوبة، ملاحظات مزعجة، خيبات أمل، عدم كفاءة الرؤساء...

-        هموم المستقبل: خوف من البطالة، قلق لعدم توفّر ضمانات بعد التقاعد، نظرة مستقبلية إلى حياة الأولاد المهنية... ►

 

      المصدر: كتاب كيف تواجه الهموم والضغوطات اليومية

ارسال التعليق

Top