من الأمور الهامة في التقليل من حالات النفور الاجتماعي للإنسان عندما يجعل الذوق مساراً له في تعاملاته اليومية مع الآخر سلوكياً، وهو أمر مهم كثيراً لخلق الصورة المحببة للآخرين وفضلاً عن هذا، هنالك جانب آخر يخص الذوق والنظافة في آن واحد فإنّهما يشكلان عاملاً ملازمان لبعضهما ببعض ويتطلب توفرهما في أي منا لكيلا يكون شخصية نافرة أو مزعجة بين الوسط الاجتماعي أو تجعل الناس ينفرون منه، والملاحظ أن أي منا غايته أن يتعطر ويتأنق بملبسه وهندامه وتسريحة شعره حتى يقترب من تكامل الأناقة والذوق ويصبح شخصاً خفيفاً مريحاً ومقبولاً لدى الجميع.
وأمام هذا فإنّ البعض يواجه مواقف صعبة بسبب غياب الذوق والنظافة لدى البعض من الناس دون تحديد جنس معيّن بل من الجنسين، وقد يسبب حرجاً كبيراً وتأثيراً سلبياً بالغاً في تشكيل العلاقات الاجتماعية خاصة عندما تشم رائحة كريهة من شخص تقترب منه، وأثبتت الدراسات أنّ الأشخاص الذين يعانون من رائحة كريهة بالجسد يعانون من مشاكل نفسية عديدة على رأسها سوء العلاقات الاجتماعية والانطواء والاكتئاب والشعور بالإحراج. والحقيقة أنّ هذا الأمر شائع بين فئة ليست بقليلة في المجتمعات.
فالجسم لدى هؤلاء يفرز كميات كبيرة من العرق ذي الرائحة النفاذة، وهو ما يسبب الضيق والتوتر والانسحاب من التجمعات. وأنّها مهما بلغت من جمال، فسوء الرائحة يقضي على ذلك ويسبب نفور الجميع من حولك مع تجنب صحبتك. ومن ذلك فإنّ تناول بعض الأطعمة التي تحتوي على مركبات بعينها من الأحماض الأمينية، كاللحوم الحمراء، تساعد على إصدار روائح كريهة. كما أنّ تناول الفلفل الحار والأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة من التوابل تؤدي إلى صدور روائح كريهة عند التعرق. والأمر أيضاً يمس مَن يتناول البصل والثوم إذ يؤثران سلباً على رائحة العرق. لذا من اللازم على الأشخاص الذين يحرصون على علاقاتهم مع الآخرين سواء امرأة أو رجل عدم تناول هذه الأطعمة خارج المنزل أو إذا كانت لديك مناسبة اجتماعية فإنّ من الضروري الابتعاد عن تناولها حرصاً على رائحتك وذوقك الذي سيتعرض حتماً للانتقاد. حتى انّ النبيّ محمّد (ص) نهى أصحابه من التوجه للصلاة إذا كانوا قد تناولا البصل أو الثوم. ومن الأمور المهمة أيضاً الحرص على تغيير الملابس فور التعرق وعدم وضعها في خزانة الملابس إلّا بعد غسلها. والحرص على ارتداء ملابس داخلية من القطن 100%، فهو الأفضل في امتصاص العرق. ثمّ تغييرها فور الوصول إلى المنزل بعد الاستحمام. ومن ناحية أخرى، أثبتت الدراسات أنّ ما يقرب من 7% من الأشخاص الذين يعانون من سوء رائحة الجسد لديهم اضطرابات في الجهاز الهضمي تحول دون هضم أطعمة بعينها. والعلاج يكمن في تناول مكملات غذائية حيوية فهي تعمل على تحفيز الرائحة الجيدة في الجسم. قد يرى البعض أنّ هذه الأمور شكلية ولا تشكل شيئاً بالنسبة لهم لطالما هي تتناول برنامج غذائي أو أتيكيت خاص باختيار نوعية ملابس قطنية، ولكننا نرى بأنّ الأتيكيت يجب أن لا يقتصر على جانب معين مثل العاملين في السلك الدبلوماسي أو الجامعيين أو الإعلاميين أو حتى الشركات العالمية التي تتمتع بـ(برستيج) عالي بل هذا الأتيكيت يحتاج أن تكون ثقافة كلّ إنسان لأنّه يعطي الانعكاس الإيجابي لذوقية الأفراد والمجتمع، فالمجاملة والأتيكيت والدبلوماسية ليست مفردات يقتصر أداءها على أعضاء السلك الدبلوماسي فحسب بل على كلّ إنسان من منزله، وبالنتيجة تعتبر ثقافة مشاعة للجميع وقد تكون هذه الثقافة الذوقية عند الأفراد العاديين في سلوكياتهم اليومية أفضل بكثير مما هي عليه في المجال الدبلوماسي الذي تحكمه طبيعة التعامل الرسمي وأسلوب التكتيك الذي يعتمد في المجال السياسي الدولي لأنّها في الشق الأوّل تأتي ثقافة ذات وعي مجتمعي ضمن أصولها الطبيعية بلا رتوش، لكنّها في المستوى الدبلوماسي تكون مبنية على نوعية العلاقات الدولية التي تحكمها ظروف التعامل والحاجات والمصالح المشركة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق