المسجد الأقصى هو مسرى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما ورد في الآية الكريمة باسمه الصريح: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء/ 1). هو أول مسجد أسس على التقوى وأول مسجد بني في الإسلام، قال الله تعالى في سورة التوبة: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَاراً وَتَفرِيقاً بَينَ الْمُؤْمِنِينَ وَإرصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنَا إلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالُ يُحِبُّونَ أنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (التوبة/ 107-108)، هذه الآيات تشهد لهذا المسجد العظيم بالعظمة، والخير والبركات. المسجد الأقصى حقّ المسلمين، لأنّهم ورثة الرسالات السماوية السابقة، وهو رمز اصطفاء الله تعالى لرسالة الإسلام خاتمة الرسالات السابقة تصدقها وتهيمن عليها، كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (المائدة/ 48). فالمسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء السابقين، ويعتبرون تبجيلهم وتوقيرهم ركناً من أركان دينهم، ومن ثمّ فإنّهم أتباع هؤلاء الأنبياء، الأقدر على حماية هذا المكان المقدس، ولن يسود السلام إلّا بعودة الحقّ لأهله.
وقد رُبِطتِ الرسالة المُحمّدية بين مكانة كلٍّ من المسجد الحرام بمكّة المكرمة والمسجد النبويّ بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى بالقُدس المشرفة. وهذا يؤكّد مكانة المسجد الأقصى في الإسلام، لذلك تقع على المسلمين مسؤولية حمايته ورعايته. إنّ المسؤولية تقع على عاتق المسلمين جميعاً والعرب جميعاً، وعلى الأحرار في العالم أن يتحرّكوا للدفاع عن المسجد الأقصى.
وتأتي ذكرى حريق المسجد الاقصى لتؤكد أن مدينة القدس بمقدساتها ستظل عربية وإسلامية الهوية مهما حاولت سلطات الاحتلال تغيير معالم المدينة المقدسة. إنّ مواجهة هذا الواقع الأليم يتطلب من الفلسطينيين، ومن كافّة المؤمنين، أن يستمروا في نضالهم من أجل الانتصار للضحايا والدفاع المستمر عن حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية المتأصلة في بني البشر جميعاً. إنّ المطلوب من الدول والجهات العربية والإسلامية وفي ظل الصراعات المدمرة التي تعيشها المنطقة، أن تتّعظ بعبرة السنوات الماضية التي اثبتت عقم الرهان على انتصار لهذا الفريق أو هزيمة لذلك الفريق، وأكّدت أنّ اللعبة الدولية تريد استنزاف الأُمّة ببشرها وعمرانها ومواردها حتى يسهل إخضاعها لكلّ القوى العدائية. إنّ هذا الواقع الدامي يفرض على جميع القوى العربية والإسلامية المخلصة أن تعمل على إصلاح ذات البين، ليعود السلام والأمن إلى ربوع العالم الإسلامي، ولحماية هذه الأُمّة من الأنهيار. الله تعالى تحدّث عن آجال الأُمم كما تحدّث عن آجال الأفراد: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف/ 34).
وأخيراً، إنّ المسؤوليّة تقع على عاتق المسلمين جميعاً والعرب جميعاً، وعلى الأحرار في العالم، أن يتحرّكوا للدّفاع عن المسجد الأقصى، وعن الإنسان الفلسطيني.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق