جاء في خطبة الرّسول (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك: «شهرٌ هو عندَ اللهِ أفضلُ الشُّهورِ، وأيَّامُهُ أفضلُ الأيَّامِ، ولياليه أفضلُ اللَّيالي».
ولله خصائص في الزّمان وفي المكان، ونحن ضيوف الله في هذا الزّمن كلِّه، فالله عندما أوجدنا، دعانا أن نعيش الضّيافة في نعمه الَّتي تفيض علينا صباحاً ومساءً، ولكنَّ ضيافة شهر رمضان هي ضيافة خاصَّة، يختصّ الله فيها عباده بالبركة والرَّحمة والمغفرة، وإنَّ لله في كلِّ ليلة في هذا الشَّهر عتقاء من النَّار.
«شهرٌ دعيتُم فيه إلى ضيافةِ اللهِ، وجعلتُمْ فيه من أهلِ كرامتِهِ». فعندما تدخلون الشَّهر، تدخلونه ولكم كلّ كرامة الله في إيمانكم وإسلامكم وتقواكم وعملكم الصَّالح.
فانظروا كيف هي هذه الكرامة، وكيف هي هذه الرّحمة، فأنت تتنفّس، لأنَّ ضرورة حياتك تقتضي أن تتنفّس، ولكنك تتنفّس في شهر رمضان، لتهبط أنفاسك أو تصعد، فإنّ «أنفاسُكُم فيه تسبيحٌ»، فأنت تسبّح، وأنفاسك أيضاً تسبّح، وذلك عندما يسبِّح عقلك، وعندما يسبِّح قلبك ومشاعرك وعيناك في الكون، وعندما تسبِّح أذناك وهي تسمع فرح الأشجار والشلَّالات والأنهار والطّيور، وكلّ هذه الموسيقى الإلهيَّة الَّتي جعلها الله في هذا الكون من أجل أن تدخل الفرح في قلبك، موسيقى لا إشكال فيها، لأنّها الموسيقى الإلهيَّة التي لم تتلوَّث بغرائز البشر ولا المعاني الأخرى.
«ونومُكُم فيه عبادةٌ»، وأنتم إذ تنامون لترتاحوا، فإنَّ الله يجعل نومكم عبادة، لأنَّ الإنسان الَّذي يشغل نفسه بعبادة الله، فإنَّ نومه يكون عبادة، فبالنوم يقوى على العبادة ويتجدَّد نشاطه، ولذلك، فإنَّ نومه هو نوم عباديّ في معناه، وفي منطقة اللاشعور الَّتي يخرج فيها الإنسان أثناء نومه من دائرة الحسّ، ليعيش عالماً جديداً يلتقي فيه النَّاس، وينفتح على الأكوان، ويختصر فيه المسافات.
«وعملُكُم فيه مقبولٌ، ودعاؤُكُم فيه مستجابٌ». هذا هو جوُّ رمضان، فماذا نصنع بهذا الجوّ؟! وكيف نتحرَّك فيه؟!
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق