إذا كان النوم مفيداً للصحة، فهل هذا يعني أننا سنجني المزيد من الفوائد إذا أكثرنا منه؟ وإذا كانت أشعة الشمس ما فوق البنفسجية تضر بالجلد، أليس من الضروري أن نتجنبها بالكامل؟
في سعينا نحو تبنّي نمط حياة صحي، قد نعتقد أننا نقوم بالخيارات الصائبة عندما نمتنع مثلاً عن تناول القهوة، أو عندما نتجنب الشمس بالكامل، أو عندما نمضي ساعات طويلة يومياً في النادي الرياضي، ونجهد أنفسنا في مختلفت أنواع التمارين. لكن الأبحاث العلمية تُظهر أن بعض العادات التي قد نحسبها مفيدة لنا، يمكن أن تؤدي في الحقيقة إلى إلحاق الضرر بصحتنا عوضاً عن تعزيزها. ونستعرض هنا عدداً من أكثر هذه العادات انتشاراً، وحقيقة تأثيرها في صحتنا، مع تعليقات الخبراء التي قد تأخذ شكل حلول وسطّى، أو بدائل.
1- الإكثار من النوم:
النوم أكثر من اللازم قد يكون سيئاً للصحة تماماً مثل الافتقار إليه. فقد أظهرت دراسة أميركية أن إمكانية الإصابة بمرض القلب تزداد بنسبة 38 في المئة لدى النساء اللواتي ينمن ما معدله 9 ساعات أو أكثر كل ليلة، مقارنة بالأخريات اللواتي ينمن 8 ساعات ليلاً، ويقول البحّاثة إننا نحتاج إلى المزيد من الدراسات لمعرفة الأسباب الحقيقية لذلك، لكن يبدو أن كمية النوم تعتبر عاملاً مهمّاً في الحفاظ على صحة القلب.
ماذا نفعل؟ للحصول على مدة النوم الصحية التي تتراوح بين 7 و8 ساعات، من الضروري الالتزام بروتين. وهذا يعني الخلود إلى النوم والاستيقاظ في المواعيد نفسها يومياً، وتَفادي التأخر في النوم أو الاستيقاظ حتى في أيام العطل الأسبوعية. ويتوجب على الأشخاص الذين ينامون أكثر من 8 ساعات كل ليلة، أن يستشيروا طبيبهم الخاص بشأن ذلك، لكي يتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تسبب هذه الظاهرة.
2- الاستعانة عن السكر بمواد التحلية الصناعية:
رغبة في التخلص من الوزن الزائد، أو تفادياً لأي زياد في الوزن، يلجأ الكثيرون إلى استخدام مواد التحلية الصناعية عوضاً عن السكر، للتخفيف من عدد الوحدات الحرارية الموجودة في هذا الأخير. لكن يبدو أنّ هذا الخيار، عوضاً عن تسهيل مهمة التخلص من الوزن الزائد يزيد في تعقيدها وصعوبتها. ويعلق البحاثة في "جامعة بيردو" الأميركية فيقولون، إنّ مواد التحلية الصناعية قد تؤدي إلى اضطراب في قدرة الجسم الطبيعية على "حساب" الوحدات الحرارية تبعاً لحلاوة الطعام. من جهة ثانية، تقول الأخصائية الأسترالية في علوم التغذية أليسون والش، إنّ الفرد الذي يتناول مواد التحلية الصناعية، قد يعتقد خطأ أنّ المنتج المحلّى بمواد التحلية هذه لا يحتوي على أي وحدات حرارية، فينتهي به الأمر إلى الإفراط في الأكل.
ماذا نفعل؟ تقول والش، إنّه لا بأس من تناول كمية صغيرة من السكر العادي في إطار نظامنا الغذائي الصحي يومياً. ولكن في المقابل، من الأفضل أن نتجنب تناول الأطعمة التي تكاد لا تمدّنا إلا بالسكر، وتفتقر إلى العناصر المغذية والفيتامينات.
3- احتساء الشاي الساخن:
صحيح أن فنجان الشاي غني جدّاً بمضادات الأكسدة الصحية، غير أن احتساء ساخناً جدّاً قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء، كما جاء في دراسة حديثة نشرتها "مجلة الطب البريطانية" فقد تبيّن أن احتساء الشاي ساخناً (حرارته ما بين 65 و69 درجة مئوية) يُضاعف من خطر الإصابة بهذا السرطان، مقارنة باحتساء الشاي دافئاً (حرارته 65 درجة أو أقل). أما احتساء الشاي ساخناً جدّاً 70 درجة أو أكثر)، فإنّه يزيد من خطر هذه الإصابة بثمانية أضعاف.
ماذا نفعل؟ لا يجب بالطبع أن نتخلّى عن احتساء الشاي، فهو مفيد جدّاً للصحة. ولكن، لتفادي أي خطر مرتبط بالسخونة الزائدة، يجب العمل بنصيحة الأخصائي الأسترالي دافيد وايتمان، من مؤسسة كوينزلاند للأبحاث الطبية، الذي يقول، إنّه علينا أن نسمح للأطعمة والمشروبات جميعها بأن تبرد قليلاً قبل أن نبتلعها. وهو ينصحنا بالانتظار لمدة أربع دقائق على الأقل قبل البدء باحتساء كوب من الشاي فرغنا للتوّ من إعداده، باستخدام مياه مغلية.
4- تفادي التعرض لأشعة الشمس:
صحيح أنّ التعوّد على استخدام المراهم الواقية من أشعة الشمس، يمكن أن يحمينا من حروق الشمس وأخطارها، إلا أنّه قد يؤدي إلى افتقارنا إلى فيتامين (D). ومن المعروف أنّ هذا الأخير يتم إنتاجه بشكل أساسي في الجلد، عند تعرّضه لأشعة الشمس. ويلعب هذا الفيتامين دوراً أساسياً في الحفاظ على صحة العظام، وفي التخفيف من خطر الإصابة بالكسور العظمية وبآلام المفاصل والعظام، وبضعف العضلات والسقوط. كذلك، فإنّه يساعد على تنظيم مستويات الكالسيوم في الجسم.
ماذا فعل؟ يقول الخبراء في جميعة العظام والمعادن النيوزيلندية والرابطة الأسترالية للأمراض الجلدية والسرطان، إنّه عندما يتعلق الأمر بتعرّضنا لأشعة الشمس، من الضروري أن يكون هناك توازن بين تجنب زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد والحفاظ على مستويات مناسبة وصحية من فيتامين (D). وهذا يعني التعرض لأشعة الشمس بشكل مدروس. فخلال فصل الصيف ينصح الخبراء بالتعرض لأشعة الشمس من دون أي مراهم واقية، لمدة بضع دقائق خارج الفترة التي تبلغ فيها الأشعة فوق البنفسجية أقوى درجاتها، (ما بين الساعتين 11 صباحاً و3 بعد الظهر). أما في فصل الشتاء، فيمكن التعرض لأشعة الشمس من دون مراهم واقية، لمدة تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات في الأسبوع.
5- الإكثار من ممارسة الرياضة:
ليس هناك أدنى شك في أنّ ممارسة الأنشطة البدنية مفيدة جدّاً للصحة، ولكن الإفراط في ممارسة شيء جيِّد يمكن أن يشكل خطراً على الصحة. ويقول الخبراء في مركز كوين لاند الأسترالي لصحة النساء، إن واحدة من نتائج الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية، قد تتمثل في انقطاع العادة الشهرية، ويُذكر، أنّ الانقطاع الطويل في العادة الشهرية يمكن أن يؤثر سلباً في كثافة العظام، ما قد يزيد من خطر إصابة المرأة بمرض هشاشة العظام. من جهة ثانية، تشير الدراسات التي نشرتها مجلة "الجراحة الترميمية الأسترالية"، إلى أنّ المبالغة في ممارسة الرياضة، يمكن أن تؤدي إلى خسارة كبيرة في الوزن، تؤثر سلباً في الصحة العامة للمرأة، وفي مظهرها الخارجي الذي تظهر عليه عوارض الشيخوخة المبكرة.
ماذا نفعل؟ يقول الأخصائي الأسترالي في اللياقة البدنية والتدريب الرياضي جوناثان كاوتي، إنّ المبالغة في ممارسة الرياضة، يمكن أن تُعرّضي أجسامنا لخطر الإصابات المختلفة، وذلك لأننا نتدرب على مستوى، وبكثافة تفوق قدرة أجسامنا على استعادة عافيتها وترميم نفسها. غير أنّ هذا لا يعني أبداً اعتماد نمط حياة خامل، فالرياضة ضرورية جدّاً باعتدال، وهذا يعني كما يقول كاوتي، ممارسة تمارين رياضية تستهدف أكبر عدد من عضلات الجسم 3 مرات في الأسبوع كحد أقصى، شرط أ نقوم بها في أيام غير متتالية. ويمكن ممارسة أنشطة خفيفة، مثل المشي والسباحة في الأيام الأخرى.
6- الامتناع عن احتساء القهوة:
يمتنع الكثيرون عن تناول القهوة لاعتقادهم أنها قد تضر بصحتهم. لكن يمكن لهؤلاء أن يتوقفوا عن القلق ويرتاحوا. فالعديد من الأبحاث الحديثة يُظهر أنّ الأشخاص الذين يحتسون القهوة يكونون أقل عرضة للإصابة بمرض "باركينسون"، الخرف، وبعض أنواع السرطان، والمشاكل المرتبطة بإيقاع القلب، وبالسكتة الدماغية.
كذلك أشار تقرير أميركي صادر عن مايو كلينيك، إلى أن احتساء القهوة يمكن أن يساعد على التخفيف من خطر الإصابة بالسكري من الفئة الثانية. وفي دراسة أخرى، نشرتها مجلة الطب الباطني الأميركية، تبيّن أن خطر الإصابة بالسكري يتراجع مع كل فنجان إضافي نشربه في اليوم، بحدود 6 فناجين كحد أقصى، من القهوة العادية أو الخالية من الكافيين. ويقول البحاثة في مايو كلينيك، إنّ العناصر المفيدة الموجودة في القهوة، مثل المغنيزيوم، البوتاسيوم، النياسين، وفيتامين (E)، يمكن أن تُساعد على تعزيز قدرة الجسم على استخدام الأنسولين الذي يتحكم في سكر الدم، بينما تُسهم مضادات الأكسدة الموجودة في القهوة، في وقاية الخلايا من الأضرار التي تسببها الجزيئات الحرة.
ماذا نفعل؟ الكمية الصحية التي يمكننا تناولها من القهوة يومياً، تحددها رابطة الأخصائيين في التغذية الأستراليين بما يتراوح بين 300 و400 ملغ من الكافيين في اليوم، ما يعادل الكمية الموجودة في فناجين من قهوة إكسبريسو، أو في 4 أو5 فناجين من القهوة سريعة التحضير من نوع نسكافيه. وتجدر الإشارة، إلى أن كوباً سعته 150 ملل من القهوة سريعة التحضير، يحتوي على ما يتراوح بين 60 و100 ملغ من الكافيين، ومثله من قهوة الإكسبريسو يحتوي على ما يتراوح بين 90 و200 ملغ من الكافيين، وآخر من القهوة التي تحضر بالفلتر يحتوي على ما يتراوح بين 100 و150 ملغ، بينما يحتوي كوب مماثل من القهوة الخالية من الكافيين على ما يتراوح بين 2 و4 ملغ.
7- استخدام أنواع الصابون الضادة للجراثيم:
يعتقد البعض أن أفضل طريقة لمنع انتشار الجراثيم وتكاثرها، هو استخدام الصابون الذي يحتوي على مضادات الجراثيم. لكن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً تماماً، فالصابون المضاد للجراثيم، قد لا يكون أكثر نفعاً وفائدة من الصابون العادي في قتل الجراثيم، بل وقد يكون أسوأ. فقد أظهرت الأبحاث التي أجريت في "جامعة ميتشيغان" الأميركية، أنّ الصابون المضاد للجراثيم قد يسبب تعزيز قدرة هذه الجراثيم على المقاومة، ويجعل بعض أنواع المضادات الحيوية أقل فاعلية.
ماذا نفعل؟ يمكننا أن نستخدم بكل بساطة أنواع الصابون العادية لغسل أيدينا، فهي طريقة فاعلة في الإبقاء على أيدينا نظيفة.
8- الجلوس والظهر مستقيم تماماً:
ينصحنا كل مَن حولنا بالجلوس مع الحرص على استقامة الظهر دائماً، لكن دراسة اسكتلندية أجريت في مستشفى "ووديند"، أظهرت أنّ الجلوس مع كون الظهر منتصباً تماماً، قد قد يسبب ألماً في أسفل الظهر، وذلك لأنّه قد يثعرّض الظهر لإجهاد غير ضروري. ويقول المشرفون على الدراسة، إنّ الجلوس في وضعية مناسبة للتركيبة البنيوية للجسم أمر ضروري وأساسي، وذلك لأنّ الوضعيّات غير المناسبة تعني تعريض العمود الفقري والأنسجة الرابطة المرتبطة به إلى الإجهاد، الذي يؤدي بدوره إلى إحساسنا بالألم. وقد أظهرت الدراسة، أن طريقة الجلوس التي تتشكل فيها بين الفخذين والظهر زاوية قدرها 135 درجة، هي الوضعية المثلى للجلوس، وهي أفضل بكثير من الجلوس مع تشكيل زاوية قدرها 90 درجة بين الفخذين والظهر، وهي الوضعية التي تعتقد أغلبية الناس أنها الوضعية الجيِّدة.
ماذا نفعل؟ إذا كنّا نمضي معظم أوقاتنا جالسين، علينا أن نتبنّى وضعيّة أكثر استرخاء، وذلك عن طريق إراحة ظهورنا قليلاً إلى الخلف، بحيث تتشكل زاوية قدرها 135 درجة بين الفخذين والظهر، عوضاً عن الزاوية القائمة، مع الإبقاء على القدمين مسطحتين على الأرض.
ارسال التعليق