◄أ- الجماعة الصادقة:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة/ 119).
- هم مؤمنون صادقون في إيمانهم بما يترجمونه من نوايا صالحة، وأقوال صالحة، وأعمال صالحة، والصِّدق والصلاح توأمان لا يفترقان، فلا يكون صدق بلا صلاح أو صلاح بلا صدق، والإنضواء تحت لواء الجماعة الصادقة يحقِّق ميزتين: ارتفاع منسوب الصدق في المجتمع، وخلق حالة من الإنجذاب والحبّ لأناس صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
ب- الجماعة التائبة، العابدة، السائحة، الراكعة، الساجدة الأمِرَة بالمعروف، الناهية عن المنكر، والمحافظة لحدود الله:
قال تعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (التوبة/ 112).
- أيّة جماعة تتوب من المعاصي، وتتّجه لعبادة الله وتخلص له، وتحمده في السرّاء والضراء، وتسيح في الأرض طلباً للعلم، أو لإعلاء كلمة الله، أو للعظة والإعتبار، وتُصلِّي وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في دعوة الناس إلى الهدى والرشاد وردعهم عن العصيان والفساد، وتحفظ حدود الله في فرائضه وواجباته وأحكامه، هي نواة لمجتمع صالح، وخميرة لأُمّة ناهضة، لأنّها إن مكّنها الله تعالى في الأرض لتحكم فإنّها ستتّخذ من الحكم وسيلة لدعوتها وأداة لتبليغ رسالتها.
ت- جماعة التقوى والإحسان:
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل/ 128).
- حينما يكون الله مع جماعة فإنّها وإن كانت قلّة قليلة ستكون مباركة كثيرة، فإذا كان الله مع المتقين المحسنين، فإنّ معيّته لهم تكون سنداً ومدداً لهم في بناء الجماعة الصالحة والمجتمع الصالح، وهل صلاح المجتمعات إلّا بتقوى أفرادها وإحسان أبنائها؟
إنّ (التّقوى) دعامة اجتماعية مهمّة، لأنّها تجعل المجتمع المتّقي دائم الإحساس بالرقابة الإلهيّة، فيحسن ويجوِّد ويطوِّر عمله باستمرار، و(الإحسان) ركيزة أساس في المجتمع الصالح، لأنّها تشيع روح التكافل والتكامل بين أبنائه.
ث- الجماعة القائمة لله، الشاهدة بالقسط:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة/ 8).
- هذه الجماعة المؤمنة منتدبة لمهمّتين كبريين: القيام لله بما يتطلّبه من إقامة دينه في المجتمع الذي تنتمي إليه تلك الجماعة، والشهادة بالعدل ليس في أوساط الأقرباء والمقرّبين، بل حتى مع المخالفين والمعارضين، أي أنّ إرساء العدل في المجتمع الصالح أمر واجب مع المؤمنين المطيعين لله، ومع الكفّار أعداء الله، وتلك ركيزة كبرى من ركائز صلاح المجتمعات التي تحاول بقوانينها الإصلاحية أن تقضي على التمييز العنصري أو التفرقة الدينية، أو العصبية الجغرافية.
ج- الجماعة المستوفية لشروط الإيمان:
قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (المؤمنون/ 1-11).
- قد تكون مواصفات المؤمنين في (سورة المؤمنون) معايير تُقاس على ضوئها حقيقة الإيمان، وليست بالضرورة مجتمعاً إيمانيّاً قائماً، إنّها ترسم صورة الإيمان الكامل أو المكتمل الذي يُراعي في الصلاة الخشوع والتذلّل بين يدي الله استشعاراً لهيبته، ويعرض عن الكذب والشتائم والهزل وكلّ ألوان الباطل، ويفعِّل دور الزكاة في المجتمع فينقلها من مجرّد صدقات إلى مشاريع عمل تنقذ المحتاج من مدِّ يد الإستعطاء إلى اليد العاملة المُعطاءة، وتعفّ عن المحارم، وتحفظ الأمانات وتؤدِّيها بلا خيانة، ولا تنقض العهود والمواثيق ولا تخلف الوعود والمواعيد، وتواظب على الصلاة لأنّها بحاجة إلى ضمان للمداومة على الصلاح قال تعالى: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) (المعارج/ 19-35).
ح- جماعة التواصي بالحقِّ وبالصّبر:
قال تعالى: (إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر/ 2-3).
- إنّما اعتبرت الجماعة المؤمنة التي تعمل الصالحات وتتواصى بالحقّ (الله سبحانه) وبالصبر على طاعته واجتناب معاصيه، الرابحة الوحيدة، لأنّها تحقِّق لمجتمعاتها حالة من التوازن النفسي والعملي في دعوتها للثبات على المبدأ والمرابطة في سبيل الوصول إلى الأهداف العُليا.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق