بلير بالمر/ ترجمة: د. خالد العامري
لقد عرضنا بعض الطرق العملية لذلك، مثل تذكر لحظات النجاح ومواجهة أدلة الفشل والاهتمام بملاحظة الافتراضات والتعميمات. ولكن هناك ثلاث طرق أساسية يمكنك بها مواجهة هذا النقد الذاتي:
1- عدم الإصغاء إلى صوت النقد:
ليس من الضروري الاستماع إلى ذلك الحوار الداخلي. قل له إنّك ليس لديك وقت للاستماع إليه أو إنّك غير مهتم بالاستماع إليه وإنّه مهما تكلم، فلن تصغي إليه. فهذه استراتيجية جيدة لتفادي النقد الذاتي.
فبرغم أنّني أشرت إلى النقد الذاتي ككائن مستقل، فإنّه جزء منك بالطبع، ولهذا السبب تستطيع أن تقمعه وتسكت صوته. فالانشغال عنه مفيد جدّاً لأنّه عامل مشوش للغاية، كما أنّه يجعلك دائماً لا تأخذ هذا النقد بجدية.
وهناك فترات لا يستحق فيها هذا النقد وقت الاستماع إليه. عليك أن تبعده عن تفكيرك وأن تركز في العمل الذي تقوم به وأن تتدرب كثيراً على إبعاده في كلّ مرّة يحاول فيها التشويش على تفكيرك.
2- محو الذكريات السيئة:
على سبيل المثال، عندما كنت صغيراً، كانت سخرية الأطفال الآخرين تضايقك. حتى أنّك كنت تجد في نفسك إعراضاً عن التحدث عن أية فكرة جديدة في الفصل؛ حيث إنّه كان هناك احتمال كبير للتعرض لمضايقات الأطفال الآخرين من الضحك والسخرية ونحوه.
تذكر دائماً أنّ النقد الذاتي ينبع من داخلك ويخشى تعرضك للفشل. ولكنه في بعض الأحيان يفتقد العقلانية ولاسيّما إذا كان نقدك لذاتك ينبع من ذكريات الطفولة التي مررت بها؛ فهو يعبر عن المخاوف الساذجة الطفولية التي قد تكون قد راودتك في أثناء طفولتك.
أتذكر عندما كنت صحفياً في سن الثلاثين ودعيت لحضور مؤتمر صحفي. والمثير للدهشة، هو أنّني قد نجحت في تلك المهمة، حيث تمكنت من إجراء مقابلات شخصية مع العديد من وزراء الحكومة والصحفيين المعروفين. وعندما خرجت من هذا المؤتمر، كنت في منتهى السعادة فقد استطعت أن أكدح جماح هذا الصوت الذي ينبع من داخلي ويقول إنّي ليس في مقدوري القيام بتلك المهام الصعبة لأنّي ما زلت طفلاً. ولكني في النهاية أثبت له أنّ لديّ ما يكفي من الخبرة التي تمكنني من التعامل مع مثل هذه المواقف ولن أجعل تلك المخاوف تقف عقبة في طريق تحقيق ما أريد. ولذلك، يجب أن تعمل الآن على التقليل من أهمية الفشل في الماضي وتتظاهر بأنّ الأمور كانت على ما يرام وتتناسى تداعيات المواقف المحرجة.
3- تفنيد مزاعم الفشل ودحض أدلته:
إنّ السلاح الثالث للتغلب على هذا النوع من النقد الذاتي هو مواجهته وتفنيد مزاعمه. فبدلاً من الاحتفاظ بالذكريات الأليمة، واجه هذا النقد الذاتي بسؤاله: ماذا يقول؟ وما الشيء الذي يقلقه؟ وما المسائل التي تهمه؟
وبعد أن تتعرف على هذه النقاط، عليك أن تهتم بالافتراضات والتعميمات والاهتمامات التي يضعها. يمكنك كتابة تلك الأشياء، أو اختيار وسيلة أخرى تساعدك على حفظها. وبعد أن تجمع جميع هذه النقاط، فلتعمل على مواجهة تلك الأمور. على سبيل المثال، إذا كانت لديك فكرة جيدة ولكنها لا تروق لبعض رفاق العمل، فقد ينبئك نقدك الذاتي بأنّك لن تستطيع أن تقنعهم أبداً وأنّك مخطئ ويجب أن تلتزم الصمت والهدوء.
"لن يمكنك أبداً أن تقنعهم" هي جملة عامة يمكن محوها إذا سألت نفسك: كيف يمكنني أن أقنعهم؟ كم من السهل إقناعهم؟ كم سأستغرق من الوقت لإقناعهم؟ والعديد من الأسئلة الأخرى.
من المحتمل أن تكون على خطأ فإذا كنت كذلك، فعليك أن تعرف السبب في وقوعك في هذا الخطأ. بماذا يخبرك إحساسك أو أبحاثك أو خبراتك؟ هل أنت متضايق من هذه الأعمال؟ ما الذي حدث؟ أليس من المفيد أن تتحدث عن أخطائك وتتعلم منها؟
"من الأفضل التزام الصمت" وهي أيضاً جملة عامة تعتمد على الافتراض. ويمكنك أن ترد عليها قائلاً: لماذا من الأفضل لي أن ألتزم الصمت؟ من الذي يقول هذا؟ ماذا لو كان الأفضل لي أن أتحدث؟ ما الذي سأخسره إذا تحدثت؟ ما الفائدة التي ستعود علي؟ هل هناك أي استعدادات تقلل من مخاطر التحدث؟
وفي نهاية هذه العملية، قد تختار أن تلتزم الصمت، ولكن في هذه الحالة سيكون قرارك معتمداً على تقدير للمخاطر الحقيقية، بل وعلى تقدير ناضج للموقف كلّه وليس مجرد خوف طفل لا أساس له من الصحة.►
المصدر: كتاب الشخصية العبقرية/ كيف تهتم بأفكارك وتنميها لتصبح من أنجح الأشخاص
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق