(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجن/ 18).
وللمسجد وظائف متعددة، أوّلها وأهمها إقامة الصلاة، حيث يلتقي المسلمون، بعد أن يسمعوا النداء إليه مذكراً بتوحيد الله.
والوظيفة الثانية للمسجد، التربية الإسلامية (الروحية والعقلية والسياسية والجسدية) وبثّ العلم وتعليم المسلمين ما ينفعهم في آخرتهم، ثمّ ما ينفعهم في معاشهم، وعندما انطلق العلم من المسجد كان مباركاً خالصاً لله تعالى، ومن ثمّ نشأت الكتاتيب في المساجد، ثمّ تحولت إلى مدارس وجامعات.
وفي المسجد تعقد المؤتمرات لمناقشة أحوال الأُمّة وما يواجهها من مشاكل، وفيه يجتمع أهل الحل والعقد لرسم السياسة العليا للمجتمع، كما كان في عهد الرسول (ص).
وللمسجد أهمية كبيرة في تماسك المجتمع ليبقى حياً كالجسد الواحد كما وصفه رسول الله (ص) عندما قال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وكيف يتراحم المسلمون إذا لم ير بعضهم بعضاً؟لذلك كانت صلاة الجماعة ليلتقي المسلمون عدة مرات في اليوم، ويعيش الفرد المسلم متفاعلاً مع المجتمع ولا ينعزل عنه.
إنّ أهم رسالات المسجد، لقاءات المؤمنين في رحابه يومياً للعبادة والتذاكر والتراحم والتعاون، متماسكين كصفوفهم في الصلاة، وصلاة المسلم في المسجد أفضل من صلاته في بيته.
ويتعلم المسلم في المسجد الكثير، ومنه إتباع النظام والتعود عليه، كما يتعلم التواضع، فالفقير بجوار الغني، كتف بكتف، وقد يكون الإمام أقل الناس مالاً، والمأموم أكثر منه ثراء.
وفي صلاة الجماعة طاعة لله ورسوله، ثمّ تربية روحية وتربية سياسية ينتج عنها التكافل الاجتماعي والتوادد والتراحم حتى يصبح المسلمون كالجسد الواحد.
ومن أكبر جوانب التربية السياسية في المسجد خطبة الجمعة، عندما يكون الخطيب كفؤا لها، حيث يجتمع لصلاة الجمعة ما لا يجتمع في صلاة الجماعة، وكثير من المسلمين يتقاعسون عن صلاة الجماعة، لكنهم يحضرون صلاة الجمعة، وأمام هذا العدد الكبير فإنّ الخطيب الواعي يسطيع أن يبث الوعي السياسي في أذهان المسلمين من خلال خطبة الجمعة، عندما يعالج قضايا الساعة معالجة إسلامية، فللإسلام حُكماً في كل قضية مستجدة، ويجب أن يعرف المسلمون حكم الإسلام فيها، وخطبة الجمعة من أعظم الوسائل لتعريف المسلمين بحكم الله عزّ وجلّ في تلك المستجدات.
فما أعظم هذا الملتقى الأسبوعي حيث يلتقي المسلمون، ويتصافحون بعد الصلاة، وقد وعظهم الخطيب، وذكرهم بما يحيي القلوب، كما علمهم حكم الله في قضية من قضايا الساعة.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق