• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام المهدي(عج).. ناشر العدل والطمأنينة

عمار كاظم

الإمام المهدي(عج).. ناشر العدل والطمأنينة

ليلة النصف من شهر شعبان، هي ليلة العبادة والدعاء والابتهال والقرب إلى الله تعالى في الانفتاح عليه، في حساب النفس، والتخطيط لأن يكون الإنسان طائعاً لله في عبوديته المطلقة أمام الألوهية المطلقة، حتى يقترب الإنسان من ربه فيقترب من الإنسان الآخر ومن الحياة كلها.

في ليلة النصف من شهر شعبان، كانت ولادة الإمام المنتظر (عج) الذي التقت كل آفاق سره ومعناه والإعداد الإلهي لشخصيته، ليجعل بذلك نهاية الظلم في الحياة، ولتصبح الحياة كلها عدلاً، لا يظلم فيها إنسان إنساناً، ولا يعتدي فيها إنسان على إنسان.

هذا هو الحلم الكبير الذي لا يزال الناس في كلِّ أجيالهم يتطلّعون إليه، لأن الناس منذ قابيل وهابيل، عرفوا أنّه سيكون هناك دوماً من ينطلق في عدوانيّته تجاه أخيه. وهكذا عاشت البشرية ظلماً بعد ظلم، وأرسل الله الأنبياء لإزاحة هذا الظلم، ولكن أعداء الله والحياة، كما هي سيرة اليهود في تاريخهم، كانوا ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقتلون النبيين بغير حق. لذلك، كانت مسألة المهدية في الإسلام التي خُتمت بها الإمامة، فالأئمة (ع) يمثِّلون امتداداً حركياً وثقافياً للرّسالة، وهم الذين ينطقون عن الرّسول (ص) ويؤصّلون كلَّ ما ورد من سنّته، ليقدّموها للناس، ليروا في السنّة تفاصيل الكتاب، وليروا في الكتاب عناوين السنّة.

استحوذت قضية الإمام المهدي (عج) على اهتمام خاصّ من قبل المسلمين، بل وغيرهم من الأديان، باعتباره المنقذ والمخلِّص للبشرية من الظلم والعذاب، والناشر للعدل والطمأنينة. فالله سبحانه وتعالى أعدّه من أجل أن يهيئ العالم للعدل الكلّي، وهيَّأه للحالة التي يختم الله بها مسيرة البشرية، ويحقِّق هدف كلّ الأنبياء والرسالات، ولذلك لم يجعله الله سبحانه وتعالى إماماً في التفاصيل، كما هم الأنبياء (ع) في الرسالة وتفاصيلها في تعليم الكتاب والحكمة والتزكية التربويّة للناس، فقد كان الأئمة يتابعون التفاصيل، حيث جاءوا بالرسالة وعلَّموها، وكذلك الأئمَّة (ع) من آبائه، فقد أكملوا التفاصيل باعتبارهم خلفاء النبيّ (ص) وأوصياءه، فليست هناك حاجة في التفاصيل، والعلماء الذين رووا ودرسوا كلّ ما جاء عن الله سبحانه وتعالى ورسوله (ص) وعن الأئمة (ع)، قادرون على أن يعطوا لكل جيل من الأجيال القادمة الإجابة عن علامات الاستفهام التي تطرأ في ذهنه، أو الحاجات التي يحتاج فيها إلى التشريع، لذلك لا حاجة للإمام في التفاصيل بعد إتمام البيان، ودور الإمام هو الدور الذي يغيّر فيه العالم، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

إنّ الإسلام في دعوته وحركته وشريعته، لم يتجمَّد بغيبة الإمام (ع)، ولكنّه ازداد حاجة إلى الحركة والدّعوة، لأنّ الإمامة عندما تعيش الحضور الحسِّيّ، فإنّ الناس يهرعون إليها ليسألوها عن كلّ ما أشكل عليهم، ولكن عندما تغيب الإمامة، فإنّ على الأمّة كلّها أن تعمل على أساس أن تستنفر كلّ طاقاتها، حتّى لا يهجم الكفر والاستكبار كلّه على الإسلام كلّه. علينا أن نقدّم الإسلام الّذي ينفتح على الحياة، علينا أن نستنفر طاقاتنا في مواجهة هذه الحرب، أن ننطلق لنفكّر بعقل منفتح على الحقيقة، عقل يحلّق لينتج عقلاً، وعقل يبدع.

في ذكرى صاحب العصر والزّمان (عج)، علينا أن ننتظره ونحن في الطّريق إلى الحريّة، وفي الطّريق إلى العدالة، وفي الطّريق إلى أن نردّ على التحدّي بتحدّ مثله. أن ننطلق لا مزقاً متناثرة هنا وهناك، ولكن ننطلق من أجل أن نكون أمّة واحدة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر.

ارسال التعليق

Top