• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

اللبان.. قليل منه قد يُحقق الكثير

اللبان.. قليل منه قد يُحقق الكثير

 

ما علاقة اللبان بخسارة الوزن؟

سُئلت إحداهنّ: هل تريدين مضغ اللبان (أي العلكة)؟

فأجابت بحسم: شكراً، لا أستطيع، أتبع نظام حمية "دايت"!

سُئلت أخرى: هل تريدين مضغ اللبان؟

فأجابت بلا تردد: طبعاً لأنها تساعدني على خسارة الوزن!

رأيان مختلفان في موضوع واحد. والسؤال: مَن أصابت ومَن أخطأت؟

هل اللبان يُساعد في حث الجسم على خسارة الوزن أم على زيادة الوزن؟

سؤال ينتظر جواباً علمياً وليس مجرد استنتاج نظري.

ماذا يفعل بنا مضغ اللبان؟ سؤالٌ حَيَّر الكثيرين ممّن يصغون إلى تضارب الآراء عن مفعوله في جسم الإنسان. فمن أين يفترض أن ينطلقوا في أبحاثهم؟ بدؤوا من الشارع، من الناس، من سؤال الناس الذين انقسموا إلى فريقين، منهم مَن اعتبر أنّ اللبان يجعلهم يفقدون شهيتهم، ومنهم مَن ذهب إلى القول: إنّ اللبان يجعلهم يشعرون بالجوع! فهل نحن أمام تأثير متناقض، أم مشاعر مزدوجة؟

فلنكن على يقين منذ البداية أنّ قطعة اللبان، أو العلكة كما يُطلق عليها، ليست وسيلة مذهلة في عملية إنقاص الوزن، لاسيما إذا كان مضغها ليس لمجرّد التسلية، بل من أجل إنقاص الوزن. وبعض الدراسات تؤكد على أنّ مضغ اللبان قبل وجبة الطعام، يجعل الإنسان يختار مأكولات ذات قيمة غذائية أقل من غيرها. وفي هذا المجال، أراد بعض الباحثين معرفة ما إذا كان اللبان يسهم في تقليل الشعور بالجوع، وبالتالي فقدان الوزن، فأجروا دراسة على 44 شخصاً بعد توزيعهم على فئات ثلاث: فئة قدّمت لها قطع لبان بنكهة النعناع. وفئة قدّمت لها قطع مصنوعة خصيصاً لصحة اللثة. وفئة ثالثة قدّمت لها القطع التي هي بطعم الفاكهة.

وبعد الدراسة، تبيّن أنّ مَن مضغوا اللبان بطعم النعناع استهلكوا كمّيات أقل من المأكولات؛ لكن غير الصحية. أمّا مَن تناول اللبان بنكهة الفاكهة فاستمرّ في استهلاك الكمية نفسها من الأطعمة التي اعتاد دائماً تناولها، مما يدل على أنّ النعناع في اللبان هو مَن كبح الجوع، غير أنه جعل الأشخاص يختارون تناول كيس من رقائق البطاطا الجاهزة مثلاً عوضاً عن تناول كوب من البرتقال إثر مضغ اللبان. بَدَّل اللبان بنكهة النعناع طبيعة شهيتهم من دون أن يُقلِّصها.

وفي بحث آخر، طُلب من 54 شخصاً مشاركاً تناول مأكولات محددة، بكميات محددة، مدّة ثلاثة أسابيع، وطلب منهم أن يمضغوا في أسبوعين من تلك الأسابيع الثلاثة اللبان بنكهة النعناع قبل كل وجبة خفيفة.

وأتت المفاجأة بأنّ الأشخاص الذين تناولوا العدد الأقل من الوجبات الخفيفة هم الذين مضغوا اللبان بنكهة النعناع؛ لكن استهلكوا وحدات حرارية أكثر في الوجبة الواحدة، وذلك لأنّ المشاركين في البحث الذين مضغوا اللبان، ابتعدوا عن تناول الفاكهة والخضار.

وفي البحث، تبيّن أنّ العلكة بنكهة النعناع تحديداً، والتي يُروج على أنها تساعد على تخفيض الوزن، فهي تزيد الوزن لأنّ طعم النعناع لا يتفاعل مع طعم مختلف أنواع الفاكهة والخضار، لهذا يجعلنا ننفر منها حين نمضغ قطعة لبان بالنعناع.

 

ماذا عن تأثير مضغ اللبان الخالي من السكر في الريجيم؟

دلّت الأبحاث على أنّ مضغ اللبان الخالي من السكر له فوائد متعددة: ومنها خفض خطر تسوُّس الأسنان، كما أنّ مضغ كميات كبيرة منها يؤدي إلى نقص ملحوظ في الوزن عبر زيادة حركة الأمعاء المتكررة؛ لكن ما يُقلق هو أنّ تلك القطع الخالية من السكر الطبيعي تحتوي على مُحليات إصطناعية، مثل الأسبارتام أو البوتاسيوم أسيسولفام التي لها آثار سيِّئة مضرّة.

ومن ناحية ثانية، ثبت وجود تأثير مليّن، لكل من السوربيتول، والإكسيليتول في اللبان الخالي من السكر إذا جرى تناولها بجرعات كبيرة، واستهلاك هذا النوع من العلكة الذي يحتوي على السوربيتول، يساعد على فقدان الوزن، بنسبة تصل إلى 20 في المئة من وزن جسم الإنسان إذا مضغت بكميات كبيرة. وتعدّ مادّتي السوربيتول والإكسيليتول، بمثابة مسهلات، كونها تُسبِّب تزايد حركة المعدة عبر سحب المياه، مثلها مثل سائر الملينات، للأمعاء الغليظة، ما يؤدي إلى فقدان بعض الكيلوغرامات الزائدة.

 

وماذا عن التأثيرات السلبية؟

يُسبِّب اللبان الخالي من السكر آثاراً سلبية شتى، منها: تقلصات في المعدة، وغثيان، وغازات. كما أنّ الجمع بين العلكة الخالية من السكر، وبعض الأدوية التي تمنع امتصاص الدهون أو السكر، يمكن أن يؤدي إلى تقلصات في البطن. ولذلك يفترض الحد من استخدام اللبان الخالي من السكر، إن كنتم ممّن يتناولون أدوية تخفيض الدهون في الدم، لأنّ لها تأثيراً سلبياً في أداء تلك الأدوية. في كل حال، يجب التوقف عن استهلاك هذا النوع من اللبان، لمجرد شعوركم بتشنجات في البطن، أو فقدان غير متوقع للوزن، أو أي آثار جانبية أخرى.

 

ماذا عن مقولة: إنّ مضغ اللبان باستمرار يزيد من معدل البدانة؟

كلّنا نعرف أنّ أنماط الطعام غير مرتبطة كلها بالشعور بالجوع مباشرة، ، فبعضنا يأكل للتسلية، أو بسبب وجوده في لقاء حول مأدبة، أو بسبب شعوره بالفراغ. لذا قد يُشكِّل اللبان وسيلة إيجابية للتعويض عن هذا النوع من السلوكيات الغذائية. من ناحية ثانية، تبين أنّ مضغ اللبان باستمرار يُسبِّب وجود غازات وانتفاخ في البطن بسبب ابتلاع الهواء، كما قد يؤدّي إلى حال من التجشؤ وهو، لمن لم يفهم معناه، عملية فسيولوجية يتم خلالها إطلاق الهواء من المعدة إلى الحنجرة خارج الجسم، وتترافق عادة هذه العملية بضجة نموذجية. في كل حال، يعتبر التجشؤ ثلاث أو أربع مرّات بعد ساعة من تناول الطعام ظاهرة طبيعية لا تستوجب القلق؛ لكن إذا زادت على معدلاتها الطبيعية، وجب البحث عن السبب، قد يكون نتيجة الإكثار من تناول اللبان.

تحتوي قطعة اللبان الواحدة، بنكهة النعناع والفاكهة، على نحو خمس سعرات حرارية، وهي بالطبع قد تكون أفضل بكثير من قطعة حلوى. أليس كذلك؟ ثمة فائدة أخرى لمضغ اللبان، تتمثل في تخفيف التوتر الذي يُسبِّب، بشكل غير مباشر، الإفراط في تناول أطعمة تزيد من الوزن. وفي هذا الإطار، يُنصح بمضغ حبة لبان في العمل بدل أن "يكز" الموظف على أسنانه ضيقاً بزميله أو زميلته. فلينفث الإنسان غضبه باللبان أفضل من أن يفعل هذا بالطعام.

فائدة أخرى، مضغ اللبان لا يُنعش رائحة الفم فقط، بل يُساعد أيضاً على الحد من التدخين ويُحسن الذاكرة؛ لكن يعود السؤال ليبرز مجدداً على ألسنة مَن يطمحون إلى خسارة الوزن: نمضغ اللبان أو لا نمضغ اللبان؟

يبدو أنّ اللبان قادر على التأثير الإيجابي في النظام الغذائي شرط أن يترافق مع ريجيم غذائي متكامل وممارسة النشاط البدني بانتظام. وأظهر بحث من جامعة (رود آيلاند) أنّ الناس الذين يمضغون اللبان يستهلكون 68 سعراً حرارياً أقل في وجبة الظهر الأساسية.

وأفادت دراسة أخرى من جامعة (ولاية لويزيانا) أنّ مضغ اللبان يفيد في السيطرة على الشهية، وتقليل الإستهلاك اليومي بنسبة أربعين سعراً حرارياً، ويحد من الرغبة الشديدة في تناول الوجبات الخفيفة. وبالتالي يؤدي هذا، إذا ترافق مع صعود السلالم بدل المصعد وممارسة بعض الخطوات اليومية البسيطة، إلى خفض مئة سعر حراري في اليوم. واضربوا هذا الرقم في عدد أيام السنة وستحصلون على رقم مذهل.

يبقى سؤال أخير: ماذا قد يحصل إذا بلعنا اللبان؟ هل يأتي التأثير معكوساً سلبياً على الوزن والجسم والصحة؟ وهل صحيح أنّ اللبان قادر على أن يصمد في المعدة مدّة سبع سنوات؟

صحيح، إنّ بعض المكوّنات في اللبان تُسبِّب عسر هضم؛ لكن مثلها مثل البروكلي، لكنها في حال بُلعت، تظل تتحرّك في الجهاز الهضمي بحثاً عن وجهتها النهائية، ونادراً ما تُسبِّب انسداداً في الجهاز الهضمي إلّا إذا كان ضيقاً جداً أو إذا جرى ابتلاع كمية كبيرة منه.

 

وماذا بعد؟

نساءٌ كثيرات يتسلين بمضغ اللبان، أكثر بكثير من الرجال. وفي بحث جرى حول معدل استهلاكه عالمياً تبيّن أنّ مضغه يلاقي شعبية هائلة في إيران، حيث إنّ 82 في المئة من الناس يمضغون يومياً اللبان، تليها المملكة العربية السعودية حيث يمضغ 79 في المئة من السكّان اللبان. أمّا في الولايات المتحدة الأمريكية، فتنخفض النسبة إلى 59 في المئة.

تنوون خوض غمار الريجيم وخسارة بعض السعرات الحرارية؟ اللبان يساعد؛ لكنه، كما اليد الواحدة لا تصفق، فهو وحده لن يكون قادراً على إجتراح المستحيل في عالم الريجيم.

وفي المحصلة، امضغوا اللبان ومارسوا معه بعض الرياضة وخفضوا الوجبات السريعة ولابدّ أن تجدوا فارقاً.

ارسال التعليق

Top