خبير الإتيكيت والبروتوكول محمد المرزوقي
للمصافحة دور أساسي في ترك انطباع أولي جيِّد وإتقانها يقربك من الآخرين. فحركة اليدين هذه من الممكن أن تكشف الكثير من صفاتنا الشخصية، وأحياناً قد تفضح حقيقة مشاعرنا على الرغم من محاولاتنا الحثيثة لإخفائها. كما أن عدم إتقان كيفية المصافحة من الممكن أن ينقل رسائل خاطئة إلى الآخرين. فهل ثمة إتيكيت خاص بعملية المصافحة؟
يقول خبير الإتيكيت والبروتوكول محمد المرزوقي: "إن أهمية المصافحة في مجتمعنا الشرقي تكمن في إسهامها في تكوين الانطباع الأوّل عن الإنسان"، لافتاً إلى أنّ "الانطباع الأوّل مهم جدّاً، إذ يكوّنه المرء عادة خلال أوّل 20 ثانية من اللقاء، وهي الفترة التي تتم فيها المصافحة". ويتابع المرزوقي موضحاً أنه "انطلاقاً من هذا الأمر، تظهر أهمية المصافحة وضرورة تعلم كيفية مصافحة اليدين بالشكل الصحيح والسليم".
ويذكر المرزوقي أنّ "المصافحة من الممكن أن تقرب الشخص من الآخرين أو تجعلهم ينفرون منه"، مبيناً أن "طريقة المصافحة وإلقاء التحية، تعطي الصورة السلبية أو الإيجابية عن الشخص، وتجعل البعض منا يقول: " يا الله ما أطيب هذا الإنسان وما أروعه"، أو: "ما أثقل هذا الشخص وما أزعجه".
"المصافحة تكشف ما إذا كان الشخص متعجرفاً أو مستبداً أو طيباً أو بسيطاً، شرط أن تعرف قواعد المصافحة"، هذا ما يؤكده المرزوقي، معتبراً أن "أي شخص يستطيع أن يبين للآخر مشاعره أو نظرته إليه من خلال المصافحة. مثلاً، إذا أراد أحدهم أن يبين للآخر أنّه لا يحترمه ولا يقدره، ففي إمكانه فعل ذلك من خلال مصافحته بأطراف أصابعه ومن دون النظر إليه".
ويرى المرزوقي أنّ المصافحة لا تقتصر فقط على إلقاء التحية، فبحسب رأيه "تستخدم أغلبية المجتمعات المصافحة للتعبير عن شيئين: التحية والاحترام. وتعتبر المصافحة ناقصة، إذا أدت التحية ولم تؤد الاحترام". ويضرب المرزوقي مثالاً على ذلك بالقول: "إذا كنت جالساً وجاء أحدهم وقال لي مرحباً، فمددت يدي من دون أن أنظر إليه أو أن أقف له وقلت له مرحباً، أكون قد أعطيته التحية فقط من دون الاحترام. ولكن، لو وقفت وسلمت عليه وابتسمت له، فأكون بذلك قد أعطيته التحية والاحترام أيضاً".
وتتيح المصافحة، وفق ما يقوله المرزوقي "التعرف إلى شخصيتك، لهذا تلجأ الدول الصناعية المتقدمة إلى تعيين شخص متخصص في فن المصافحة ليكون في عداد أعضاء الوفد الذين يستقبلون وفود اقتصادية من بلدان أخرى، بهدف الكشف وتحديد أي من أعضاء الوفد صاحب شخصية قوية أو ضعيفة أو قادر على اتخاذ القرار أم أنّه متردد". ويشير إلى أن "كل شيء يبان من طريقة إمساك اليد وإلقاء التحية. مثلاً، صاحب الشخصية الواثقة بنفسها ينظر دائماً مباشرة في عيني الشخص الذي يحدثه وتكون مصافحته حيوية، في حين أنّ الشخص المتردد لا ينظر بتاتاً إلى وجه الشخص أمامه وتكون مصافحته خاطفة. أمّا المرتبك، فينظر إلى أعلى أو أسفل أو إلى أي شخص آخر". ويلفت المرزوقي إلى أنّ "المصافحة غالباً ما تفضح الشخص الذي لا يتقن قواعدها، خصوصاً خلال عمليات التفاوض المهمة، حيث تكشف المصافحة عن مكامن الضعف أو القوة. وبالتالي، في حال تعرّف المرء إلى الطريقة الصحيحة للمصافحة، لاسيما في اللقاءات الدولية والمفاوضات الكبرى، فإن أي أحد لن يتمكن من كشف حقيقة كشف شخصيتك، لأنك تكون كمن ارتدى قناعاً ليخفي معالم وجهه".
- نصائح المصافحة المثالية:
يقدم محمد المرزوقي مجموعة من النصائح التي تساعد الناس على تأدية مصافحة مثالية تجعلهم ينالون استحسان الآخرين، وتبينهم أصحاب شخصيات قوية وواثقة بنفسها. ويقول في هذا الإطار: "عندما تصافح أي شخص، يجب أن تنظر إليه". ويضيف: "للأسف، السائد في مجتمعنا أنّ الشخص عندما يصافح أحدهم، فإنّه ينظر إلى الشخص الثاني الواقف بجانبه، وهذا خطأ فاضح في الإتيكيت. ذلك أن من المفروض أن تنظر إلى الشخص الذي تصافحه وتبتسم له لتبين له مدى اهتمامك به". ومن الأخطاء الشائعة التي يحذر منها المروزوقي، "تشابك الأيادي أثناء المصافحة، والمقصود بذلك مصافحة أكثر من شخص واحد في الوقت ذاته".
يضيف المرزوقي شارحاً: "نلاحظ كثيراً أنّه عندما تكون هناك مجموعة من الأشخاص واقفين للمصافحة، يحصل لغط وهرج ومرج، لاسيما عندما يقوم الشخص الذي يصافح أحدهم بالتحدث مع شخص ثانٍ، أو يمد يده الأخرى لمصافحة شخص آخر في الوقت ذاته الذي يصافح فيه الأوّل. فتتشابك الأيادي، ويكون المشهد خطأ". وينصح المرزوقي "بعدم الاستعجال في المصافحة، إنما الانتظار بهدوء ليحين دور كل شخص"، لافتاً إلى أنّه "في الحفلات الكبرى أو حفلات الزفاف، حيث يكون هناك أكثر من شخص يجب مصافحتهم، فإنّ المصافحة عادة تبدأ من جهة اليمين، أو من الشخصيات المهمة. ويتابع خبير الإتيكيت مشيراً إلى أنه من غير المستحب الإمساك بيد من أصافحه طيلة الوقت، أو أن أبقي يدي في يده وأنا أسلم على أشخاص آخرين، فهذا التصرف من الممكن أن يسبب له الإحراج". ويوضح أنّ "المصافحة ليست ضرورية في كل الأوقات أو الأماكن، إذ يكفي أحياناً إلقاء التحية من دون مد اليد للسلام".
ويقول المرزوقي إنّه "يجب مراعاة وضع الشخص الآخر، إذ من غير اللائق مثلاً أن أمد يدي لأصافح شخصاً مشغولاً بالتكلم في الهاتف ويحمل بيده حقيبة، فتصرفي هذا سيربكه ويرغمه على ترك الحقيبة أو الهاتف ومد يده لمصافحتي بشكل سريع". ويؤكد خبير البروتوكول أنه "لا يوجد قانون يرغم الإنسان على المصافحة، فإذا رأيت شخصاً يداه مشغولتان أو كان هو مشغولاً بالتكلم في الهاتف، لا تصافحه بل ألق عليه التحية من بعيد".
ويشير إلى أن "من الأخطاء الإضافية التي يرتكبها الإنسان، إزعاج الآخرين ودفعهم، لمجرد الوصول إلى أحد المشاهير أو الشخصيات المهمة لمصافحته". في هذه الحال، يقول المرزوقي "إنّ المصافحة لن تضيف شيئاً إلى رصيدك ولن تمنحك أي شيء مميز، بل على العكس فإنك تعرض نفسك للإحراج، كما أنّ الوصول إلى تلك الشخصية لمصافحتها يعد تصرفاً غير مرغوب فيه".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق