◄فضّل الله – سبحانه – بعض الأيام على بعض كيوم الجمعة، بل وساعة في هذا اليوم اختصها بإجابة مَن سأله كما فضّل بعض الليالي على بعض، كليلة القدر التي أنزل فيها القرآن خير من ألف شهر، أي أنّ العمل فيها، من صلاة وتلاوة للقرآن وذكر لله سبحانه، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
وذكر العدد في الشهور هنا غير مراد، إذ المقصود أنّها خير من زمن طويل، وعدد كبير من الأشهر، أي أنّ الغاية من أمر الله الذي نزل للإنسان في ليلة القدر، تحويل الإنسان من عادات غير مستقيمة تميل به عما ينبغي أن يكون عليه من فضل وفضائل، وترتفع به إلى المستوى اللائق بالإنسانية، بالإشراق والسلام. ولا مراء في أنّ هذا هدف كريم ونعمة عظيمة بالنسبة للإنسان وقد احتواه القرآن. وقد شرّف الزمان الذي نزل فيه القرآن بشرف القرآن ذاته والاحتفال بليلة القدر هو احتفاء بالقرآن، والاحتفاء بالقرآن إنما يكون بوعي ما جاء به، وبالعمل على تطبيقه في حياة الناس، وذلك ميسر في كلّ وقت، وليس موقوتاً بزمن خاص.
ثمّ هل نزل القرآن جميعه في هذه الليلة من اللوح المحفوظ دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثمّ نزل بعد ذلك على رسول الله (ص) في مدة الرسالة وهي ثلاث وعشرون سنة، أو أنّ ليلة القدر ليالٍ عديدة بعدد مرات نزول الوحي في فترة الوحي كلّها، أي أنّها كان ينزل من أوّل الأمر منجماً.
وعلى أية حال، فإنّ المقصود هو الحديث عن الشرف الذي لحق بالزمن الذي وقع فيه نزول القرآن على رسول الله (ص).
هذا ويستحب طلب ليلة القدر في الليالي الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان. فقد كان الرسول (ص) يجتهد في طلبها في هذه الليالي العشر.
ولهذا الفضل والشرف الذي أسبغه الله – سبحانه – على هذه الليلة حث رسول الله (ص) على قيامها والدعاء فيها. روي أنّ النبي (ص) قال: "مَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
كما أنّ ليلة القدر ليس في الليالي والأيام أشرف منها؛ فقد كانت فاتحة السعادة وبداية الهداية ومشرق النور، ومبعث الفلاح والخير، وصفها الله خالق الليل والنهار، فقال – سبحانه – في القرآن: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (سورة القدر).►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق