أنزل الله تعالى القرآن الكريم روحاً يحيي ونوراً يهدي وصراطاً مستقيماً للسالكين، يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ) (الشورى/ 52-53). فمن واجبنا نحن المسلمين أن نجعل شهر رمضان شهر رجعة إلى القرآن الكريم، نقرؤه ونتدبره، ونستفيد مما جاء فيه فقراءة القرآن حياة وثواب عظيم وفلاح في الدنيا والآخرة على السواء. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) (النساء/ 174)؛ ويقول سبحانه: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام/ 122)؛ نعم إنّ الاهتداء بالنور الذي أنزله الله والاستجابة لما أوحى الله تعالى به حياة طيبة كريمة أرشدنا الله تعالى إليها فقال: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل/ 97). ويقول أيضاً عزّ وجلّ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة/ 185). وفي هذه الآية يربط الله عزّ وجلّ بين شهر رمضان ونزول القرآن ليوضَح للمؤمنين الترابط الوثيق بين الصيام في شهر رمضان وقراءة القرآن في هذا الشهر الكريم وأنّ هذا القرآن هداية للناس بإعجازه وآيات واضحات مما يهدي إلى الحق ويفرق بينه وبين الباطل بما فيه من الحكم والأحكام. وأنّ هذا الشهر محطة يتزود منها المؤمن لباقي السنة من النفحات الإيمانية وملازمة كتاب الله عزّ وجلّ قراءة وفهماً وتدبراً وحفظاً. إنّ رجال القرآن هم الذين يحفظون كتاب الله علماً وعملاً وهم الذين يحفظ الله بهم كتابه العزيز لقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر/ 9). وإنّها لبداية كريمة في هذا الشهر المبارك أن يتعاهد المسلم نفسه بقراءة القرآن وملازمة هذا الكتاب الكريم وكثرة الذكر والتسبيح والصلاة والأعمال العبادية الأخرى فقراءة القرآن في أيام الصيام تركز العقيدة في الإنسان وتشرح صدره للإيمان يقول النبيّ الأعظم (ص): "ثلاثة يذهبن النسيان ويحدثن الذكر: قراءة القرآن، والسواك والصيام". فقراءته بداية العمل به ثمّ أنّ مجرد التلاوة تعكس الآثار الخلقية العالية في النفس يقول النبيّ الأكرم (ص) إنّ هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد قيل يا رسول الله فما جلاؤها قال: تلاوة القرآن. وقال (ص): "عليك بقراءة القرآن فإنّ قراءته كفارة للذنوب وستر في النار وأمان من العذاب". وفي بعض الأحاديث مجرد النظر في المصحف عبادة وأما أحاديث وروايات التدبر والتفسير والحفظ فكثيرة يقول (ص): "يقال لصاحب القرآن اقرأ وارقَ ورتّل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإنّ منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها". ويقول أيضاً: "عليكم بتعليم القرآن وكثرة تلاوته، خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه، خيركم مَن قرأ القرآن وأقرأه، تعلموا القرآن فإنّه أحسن الحديث وتفقهوا فيه فإنّه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور واحسنوا تلاوته فإنّه أنفع القصص". وقال أيضاً: "مَن قرأ القرآن في المصحف مُتّع ببصره وخُفّف عن والديه وإن كانا كافرين" فلابدّ أن نتلو القرآن ونتعلم آداب التلاوة بشكلٍ فردي أو جماعي فقد قال (ص): "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله يتدارسونه بينهم إلّا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم فيمن عنده – وورد أيضاً – البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله تعالى فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدريّ لأهل الأرض وإنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله تعالى فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين – وقال أيضاً – مَن قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (آلم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق